د. إبراهيم الصديق يكتب:الفاشر 5 قرون من الزمان

 دكتور ابراهيم الصديق علي
هى تاريخ امتد 5 قرون من الزمان ، فهى امتداد لتاريخ سلطنة الفور ، حيث انتقلت العاصمة من جبل مرة إلى تلك البقعة (1445م – 1916م) ، وانتهت السلطنة وبقيت المدينة بذات الشموخ والبسالة قرن اخر ، تروى ذات قوة الشكيمة ومضاء العزم..
تلك البقعة ، ليست مجرد رقعة جغرافية تبعد عن عاصمة البلاد 800 كيلو ، وإنما مركز حضارة ضاربة وارث تاريخي لن يخبو وهجه بالغمامات الغاشية وليالي الضباب ونهار الغبار الكالح ، كلما حاولوا طمسها عادت من جديد أكثر بسالة واقوي زندا..
خلال أكثر من 800 يوم و360 هجوماً للمليشيا وبتحالفات دولية ومرتزقة هم الآن أساس عناصر المليشيا ، فقد ظلت المدينة صامدة ، بمواطنيها جميعا ، شيبا وشبابا ورجالا ونساءا واطفالا ، لم تخيفهم القذائف ولم يكسر ارادتهم التجويع .. واستبسلت..
على تخومها وفى شوارعها دفنت اكثر من 70 ألف من الجنجا ، لم تكن اسوارها سوى جثثهم وجراحهم.. وعادوا كل مرة ادراجهم بالخيبة….
جاءوا بالمرتزقة من كل سابلة ، حشدوا رعاعهم من كل مكان و هربوا دون قادتهم الذين جندلوا على اسوار الفاشر..
هنا ، احتشد التاريخ ، واحتشدت الشجاعة والثبات ، واختبرت المدينة قوتها وتماسكها الإجتماعي ، واقتسم الجميع الشهادة والجراح واللقمة وقطرة الماء والسهر والخندق وحراسة المداخل.. إنها قصة ملحمة وليس مجرد مدينة أو رقعة أرض..
فى لقاءه مع حاضنته السياسية تقدم فى اديس ابابا قال قائد المليشيا إن الفاشر لن تصمد اكثر من شهر ، ومنذ يناير 2024م ، كذبت المدينة وعوده وامنياته تلك ، ورغم وقوف دول وتجار حروب معه ، فإن الفاشر ظلت عصية على الاجتياح.. ولم يعد لنصره المزعوم طعم بعد مرارة خسائره..
ولذلك نحزن لما يجري هناك ، نعم ، اهل الخرطوم فقدوا كل شىء ولكن يتابعون ما يحدث بإهتمام كبير ، واهل الجزيرة فقدوا الكثير وقلوبهم مع الفاشر ، ، واهل سنار والابيض وغيرها من المدن عانوا من المليشيا ولكنهم من الفاشر ، لانها ايقونة الوطن ، ولانها رمز للبسالة ولانها نقطة متقدمة فى الدفاع عن الوطن..
.. سطرت الفاشر تاريخاً ، وكتبت في سجل البطولات دفاتراً غير مسبوقة ودفعت أثماناً كثيرة ، ولم تسقط أو تستسلم وإنما تحيزت لقتال باسل..
حيا الأبطال الذين مضوا لله بعزة الشهادة وشفا الله الجرحى وفك أسر المأسورين ، ولطف الله للنازحين..
لقد صمت العالم على الترويع والتصفيات والقتل والتهجير في الفاشر ، وسكتت المنظمات الكذوب عن الحديث ودماء الابرياء تملأ طرقات الفاشر وببنادق البرابرة المتوحشة للدماء..
لتكن هذه الأيام تذكير على أهمية ترميم الصفوف والتماسك والنفير والمضي قدماً لتحرير كل شبر من ارضنا..
قد يعجبك ايضا
تعليقات
Loading...