د.ابراهيم الصديق على يكتب: ملحمة القصر الجمهوري: أكبر عملية تحييد وأهم إلتفاف

د.ابراهيم الصديق على
هذه واحدة من أميز العمليات العسكرية فى تاريخنا الحديث ، ويمكن وصفها بأنها (معركة العقل مقابل العتاد) ، و(معركة التخطيط مقابل التهور) و(معركة الاقدام الجسور مقابل الإختباء الجبان) ، ولكل تسمية بعد ودلالة..
يستطيع المراقب الآن أن يكتشف ، حقائق مذهلة..
– أكثر من 800 – 900 هم قتلى مليشيا الدعم السريع في وسط الخرطوم وعماراتها الشواهق ونقاط التحكم ، واغلبهم تم اصطيادهم فى مساء الجمعة و يومي السبت والأحد (20-22 مارس) ، أى بعد تحرير القصر الجمهوري..
– كميات مهولة من العتاد العسكري والذخائر فى مناطق متقدمة خارج القصر الجمهوري..
– حيرة كاملة فى اوساط المليشيا ، كيف حدث ما حدث ؟ فقد رتبوا صفوفهم لمعركة استنزاف طويلة ، ولكن الأمر إنتهى خلال ساعات مع خسائر فادحة فى صفوفهم..
– ردود فعل عالمية واقليمية لإستعادة القصر الجمهوري والوزارات السيادية ، بل ربط المدن الثلاث (العاصمة المثلثة) ببعضها ، ومركز المدينة وعاصمة البلاد..
– انهيار كامل للمليشيا فى الخرطوم ، والبدء فى مغادرة المدينة بأسرع فرصة ممكنة ، منجاة بأنفسهم ، ويأساً من تحقيق أى هدف عسكري مع قوة تفتقر للروح المعنوية والكفاءة العسكرية..
فماذا حدث ؟..
حشدت مليشيا الدعم السريع كل قوتها فى مناطق رئيسة وسط الخرطوم ، وتموضعت بشكل أساسي فى 6 – 7 بنايات فى منطقة المقرن ، ومثلها فى وسط السوق العربي وأخرى على شارع النيل ، مع مئات القناصين و اجهزة مراقبة دقيقة ومتابعة لأى حركة للقوات والأفراد ، وهدفت إلى إدارة معركة طويلة..
فى اكبر وأدق عمليات المناورة تم تحييد قوة نيران المليشيا والإلتفاف عليها ، حيث تم عزل مراكز قوة المليشيا وتمركزاتها ، عن قيادتها ، وضرب مركز التأثير فى القصر الجمهوري..
كانت ساعات يومي 18-19 مارس 2025م قاسية على المليشيا فى منطقة وسط الخرطوم وتحديداً محيط القصر حيث حدثت أكبر عملية تمويه بإستخدام كثافة النيران ، بكل انواع الأسلحة ، من مدافعية ثقيلة وطيران ومسيرات وقناصة ، فأنكمشت قوة المليشيا تتحسب للحظات الهجوم من ناحيتي القيادة العامة وشارع القصر ومن ناحية شروني وتقاطع استاك او من منطقة المقرن ، بينما القوة كانت قد اتخذت مراكزها بعد إزالة أهم العقبات (قناصة العمارة الكويتية) ، وفى الاسافير انتشرت مقاطع لضباط من غرفة السيطرة والتحكم يتبادلون التهاني وقد غالبتهم الدموع..
ومع حالة ارتباك ، اتخذت غرفة تحكم المليشيا ثلاث تحركات خاطئة..
– حاولت سحب القوة فى محيط القصر الجمهوري بالطريق الوحيد الممكن وهو تقاطع ستاك ، وكانت قوات متعددة المهام فى انتظارهم (قوات المدرعات ، قوات منطقة الكدرو ، قوات القيادة العامة ، قوات العمل الخاص) وتم تدمير القوة تماماً..
وأثر ذلك نفسياً على القوة فى وسط الخرطوم..
– وهاجمت قوة ضعيفة من المليشيا القوات فى منطقة شروني ، وتصدت لها قوات المدرعات فى منطقة نادي الأسرة ، وللمدرعات خبرة فى التعامل مع المليشيا وهجماتها..
– وحاولت بقايا المليشيا سحب القيادات إلى جزيرة توتي ، وهناك قتل بعضهم وتشتت البقية..
ولم يكن أمام بقية القناصة فى عمارات السوق العربي سوى عمليات مغامرة انتهت بحياتهم أو الإستسلام ، فقد تم ضرب مركز القيادة عندهم وفقدوا الاتصال..
وستكون لهذه المعركة ما بعده فى الخرطوم ، فهي عملية قاصمة ، احدثت زلزلة فى تماسك ما تبقى من عناصر مخدوعة وحطمت أوهام التحكم والسيطرة وافقدت العناصر الثقة فى تخطيطات قادتهم..
وصحيح ، قوة التدريب والتأهيل يوفر دماء المعركة..
ذلك جانب من ملحمة وطنية ، وفى تفاصيلها الكثير من الوقائع..خلفه رجال صناديد..
حيا الله جندنا.. ذلك الفضل من الله والله أكبر..
25 مارس 2025
قد يعجبك ايضا
تعليقات
Loading...