هوامش حرة
د.فاروق جويدة
يبدو أن صفقة القرن التى راهنت عليها أمريكا وإسرائيل مع برامج التطبيع سوف تنتهى أمام إيران .. لقد بنى الرئيس ترامب هذا المشروع لكى يحاول فرض واقع جديد على الشعوب العربية، بما فى ذلك تدمير غزة والضفة واليمن وسوريا والعراق وإيران، وفرض الوصاية الإسرائيلية على 400 مليون عربى، وتغيير ثقافتهم، وفرض «الدين الإبراهيمى» عليهم، وإلغاء الدولة الفلسطينية، والتطبيع الإجبارى على الدول العربية.. وكان نيتانياهو يتباهى بأنه نجح فى رسم خريطة جديدة للشرق الأوسط، وكانت أمريكا تؤيد مشروع صفقة القرن وبدأت تروّج له، وجندت الأبواق التى تدعو لفكر جديد يواجه التخلف والإرهاب.
واستطاعت إسرائيل أن تسكت جميع الأصوات، وأقامت مراكز لنشر «الدين الإبراهيمى»، وجندت الساسة والأقلام والمطبعين لضرب كل الثوابت الدينية والتاريخية والأخلاقية.. وتمادت إسرائيل، بدعم أمريكى، فى تشويه وتدمير الثقافة العربية، وجاء الدور على إيران بحجة المشروع النووى، وهو نفس السيناريو الذى احتلت به أمريكا، العراق، ودمرت ليبيا، وحاصرت إيران. وتصورت إسرائيل أن مشروعها قد حقق أهدافه واستسلمت قوى كثيرة، وجاء الرئيس ترامب يجنى الثمار ويعلن الوصاية.
وكانت إيران هى حائط الصد الذى انهارت أمامه المؤامرة الكبرى، فى مواجهة عسكرية تصورت إسرائيل أنها مجرد نزهة سريعة، وأن وثيقة الاستسلام سوف تُوقَّع فى طهران، تُعلن إقامة دولة صهيون الكبرى. ولكن الحسابات تغيّرت، وسقطت صفقة القرن، وشهد «الدين الإبراهيمى» نهايته، وما زالت فصول الرواية لم تكتمل، وعلى الباغى تدور الدوائر.
إن ما قامت به إسرائيل من عدوان على كل الشعوب العربية فى قتل وتدمير الشعب الفلسطينى فى غزة، وتدمير لبنان واليمن والضفة والأقصى وسوريا والعراق، هذه جرائم لا تسقط بالتقادم، وما حدث فى الحرب مع إيران يُعتبر ثمنًا قليلًا لهذا الكيان الغاصب.
fgoweda@ahram.org.eg
نقلاً عن صحيفة الأهرام