تفاجأ عدد من القانونيين الذين إضطلعوا على قرار المحكمة القومية العليا، الدائرة الإدارية المختصة بنظر الطعون ضدقرارات لجنة إزالة التمكين، بالعيوب و الثغرات الكثيرة التي شابت قرار لجنة إزالة التمكين الصادر في 10/4/2020. فقد أصيبوا بخيبة وإحباط من التدني المريع لمهنية وروح المسؤلية لدى اللجنة ومدى إستهتارها بأبسط الحقوق للمواطنين و الإستهانة بسمعتهم وأسرهم.
فقد علق كثير منهم بعد دراستهم للقرار كيف لقرار لجنة التفكيك المطعون فيه أن يخالف مبدأ هو من أبسط قواعد العدالة التي أقرتها كل الدساتير وأكدته الوثيقة الدستورية مبدأ المواجهة، كما جاء في قرار المحكمة العليا. فقد كان يمكن للجنة لو تقيدت بمبدأ المواجهة الذي يتيح للطاعن الفريق أول شرطة/ هاشم عثمان أن يدافع عن نفسه، أن تتفادى نسبة كثير من العقارات التي صادرتها اللجنة بإعتبارها مملوكة له بينما هي مملوكة لغيره، وأنّ العقار الوحيد الذي حصل عليه عن طريق التخصيص الحكومي هو قطعة واحدة عن طريق الخطة الإسكانية أسوة بزملائه في الشرطة. ومثل هذه الأخطاء القاتلة توضح مدى خطل اللجنة وعدم دقتها وإستهتارها وتجاهلها لأبسط القواعد الأساسية مما قادها الى ظلم عظيم وإشانة لسمعة من إستهدفتهم اللجنة.
كما أنّ المحكمة أكدت أن القرار لم يصدر مسببا وعدم التسبيب من العيوب الشكلية التي تعرض القرار للإلغاء وذلك لأهمية التسبيب للقرار الاداري لأجل بسط الرقابة الذاتية القضائية.و التسبيب قد أوجبته المادة(62/1-2) من الوثيقة الدستورية للفترة الإنتقالية.
فضلا عن أنّ القرار صدر معيبا بعيب عدم الاختصاص الموضوعي الشخصي، فقد أكدت المحكمة العليا أنّ اللجنة قد إنعقدت دون حضور رئيسها الفريق ياسر العطا، ولم يكن حينها قد إستقال من رئاسة اللجنة، وكذلك دون حضور الرئيس المناوب وزير رئاسة مجلس الوزراء في ذلك الحين، هذا وقد قام عضو اللجنة محمد الفكي سليمان منتحلا صفة الرئيس المناوب بالتوقيع على القرار. وقد إتفق أولئك القانونيين مع القرار في أنّ عدم الإختصاص الموضوعي الشخصي عيب يفقد القرار مشروعيته ويجعله باطلا، خاصة وأن نص المادة (6/2) من قانون اللجنة تنص على أنّ إجتماع اللجنة يكون بحضور ثلثي الأعضاء على أن يكون من بينهم رئيس اللجنة أو الرئيس المناوب. هذا غير ان اللجنة، من الناحية الموضوعية، ليست بذات اختصاص أصلا، إذ أن المصادرة لا تتم إلا بحكم قضائي، ،وهو ما لا يخولها له القانون فقد نصت الوثيقة الدستورية للفترة الانتقالية على عدم المصادرة لأي مال خاص إلا بحكم قضائي.
الجدير بالذكر أنّ نظر المحكمة العليا لإستئناف الطاعن ضد لجنة التمكين جاء بعد أن ثبت للمحكمة تقديم الطاعن للتظلم بنفسه في خلال المدة المحددة للإستئناف، وتأكيده على أنّ تجاهل الرد على التظلمات من لجنة الإستئناف، بعد أن أتيحت لها الفرصة الكافية، يوجب على المحكمة المرفوع أمامها دعوى الطعن في القرار موضوع التظلم تصريح الدعوى. فلا يعقل أن يبقى الطاعن طوال الوقت في إنتظار الفصل في التظلم، عاجزا عن أن يتقدم بالطعن الإداري قبل ذلك. علما بأن هذا الحق هو حق قانوني بموجب المادة (8/3) من القانون وحق دستوري بموجب المادة(53) من الوثيقة الدستورية للفترة الإنتقالية لسنة 2019.
هذا وقد أبدى كثير من الذين سبق وأن دافعوا عن اللجنة، إعتقادا منهم أنّ ما تتعرض له اللجنة إن هو الا هجمة من أنصار النظام السابق، أبدوا أسفهم وإستغرابهم من عدم شفافية وضحالة المستوى المهني والأخلاقي لأعضاء اللجنة وتلاعبهم بمصائر المواطنين وأعراضهم وكيف أنهم أفسدوا أهم ركيزة من ركائز شعار ثورة ديسمبر، حرية-سلام وعدالة.
قانونيون ومواطنون يبدون إستهجانهم لمنهجية عمل لجنة التمكين
قد يعجبك ايضا
تعليقات