ماجد منير: يكتب :الفوضى والسلام!

عصف ذهنى

ماجد منير

لم يكن العالم فى حاجة إلى نظام دولى جديد، مثلما تشتد الحاجة إليه الآن؛ فى ظل أحداث وتطورات تعصف بالسلم والأمن الدوليين، ولا تؤدى إلا لفوضى عارمة وفرض الإرادة بالقوة؛ لتتزايد الصراعات وتتسع المواجهات، وتسقط قواعد ومعايير ومبادئ الشرعية والعدالة، كاشفة عن عجز مخز لمنظومة عمل الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي.

ولعلى أعود إلى كلمة الرئيس عبدالفتاح السيسى التى ألقاها عبر الوسائل الافتراضية، فى القمة الاستثنائية لرؤساء الدول والحكومات الأعضاء فى تجمع بريكس، والتى قال فيها: «لقد بات المشهد الدولى اليوم، غارقا فى ازدواجية فاضحة فى المعايير، وانتهاك سافر لأحكام القانون الدولي، دون أدنى اكتراث أو مساءلة، فى ظل إفلات ممنهج من العقاب، وتصاعد مقلق للنزعات الأحادية والتدابير الحمائية»؛ وهذا تشخيص دقيق لنظام دولى تسبب عجزه فى اتساع رقعة الصراعات وتعميق الأزمات الإنسانية.

وعلى ما يقرب من عامين يشهد الشرق الأوسط دليلا دامغا على انتهاء صلاحية هذا النظام الدولى بآلياته العاجزة؛ فالحرب الإسرائيلية الغاشمة – على الشعب الفلسطينى الشقيق فى قطاع غزة، والانتهاكات السافرة التى يرتكبها الاحتلال فى الضفة الغربية – دلالتها واضحة على ازدواجية المعايير وانتهاك قواعد القانون الدولي، وهو ما وفر لها الغطاء اللازم لتوسيع رقعة الصراع والعربدة؛ وصولا إلى عدوان غاشم على دولة قطر الشقيقة، فى انتهاك صارخ ليس فقط للقانون الدولى واحترام سيادة الدول، وإنما لكل قواعد المنطق والعلاقات الدولية.

وإذا كانت مصر حذرت أكثر من مرة من خطورة استمرار هذا العجز للنظام الدولي، وما سيترتب على ذلك، فإنها بادرت بطرح تصوراتها لعلاج هذا الخلل، ومن بين هذه التصورات ضرورة تأكيد مبدأ الملكية المشتركة للقرارات الدولية، وتحقيق المساواة، والبدء فى إصلاح الأمم المتحدة، خاصة «مجلس الأمن»، فى ضوء توافق «أزولويني»؛ لرفع الظلم التاريخى الواقع على إفريقيا فى النظام الدولي.

مصر أيضا قدمت نموذجا عمليا لحرصها على التعامل الجاد مع مهددات السلم والأمن فى إقليم الشرق الأوسط؛ برعايتها لاتفاق استئناف التعاون بين إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية؛ تأكيدا لإيمانها بضرورة تجنب أى تصعيد، والاعتماد على المسار الدبلوماسي.. هكذا هى مواقف مصر التى تتصدى لمحاولات نشر الفوضى، وتتمسك بالسلام الذى يستحقه الإقليم والعالم، ولكن تبقى الحاجة ضرورية لنظام دولى أكثر اتزانا وإنصافا.

mmonir@ahram.org.eg

نقلاً عن صحيفة الأهرام

قد يعجبك ايضا
تعليقات
Loading...