مالك محمد طه
من مميزات الرئيس الامريكي ترمب أنه صريح لا يتجمّل وقد تكون هذه إحدى حسناته، أو حسنته الوحيدة ربما، الرجل واضح فيما يريد أو لايريد، بحيث إنه يوفر على الآخرين مشقة التحليل، ومن ذلك تغيير مسمى وزارة الدفاع إلى وزارة الحرب.
ولم يكن وزير الحرب الجديد أقل صراحة من رئيسه، فقد مضى بالاسم غاية ما يمكن أن يبلغه، فأعلن انتهاء عهد “وزارة الدفاع”، لأن المهمة الأساسية التي بموجبها تم تعديل الوزارة هي خوض الحرب، فالسلام عنده لا يتحقق إلا بالحرب، بل ووصف دعاة السلام والسلميين بأنهم ساذجون وخطيرون، لأنهم – والكلام للوزير- يتجاهلون التاريخ البشري والطبيعة البشرية.( هل كان يقصد جماعة لا للحرب؟).
ولم ينف”وزير الحرب “علمه بأن الحروب مكلفة ماليا وبشريا، لكنه قال: نحن فخورون بأننا نملك جيشا ينتصر في أي حرب سواء اختارها او فرضت عليه.
وهنا يشير إلى أن كلفة الحرب البشرية والمادية ومدتها الزمنية ليست أمرا ذا بال إذا لم تحقق هذه الحرب الأهداف التي من أجلها قامت.
بمعنى أن نهاية الحروب تكون بتحقيق الهدف. فالرجل يقول إن الحرب تنتهي بتحقيق المهمة ولن تتوقف لأن مدتها طالت.( للذين يرددون هاشتاق# لازم تقيف#)
ثم مضى الوزير للمطالبة بمزيد من الإنفاق بشكل استباقي على الذخائر والطائرات والقاذفات والغواصات والتوسع في الأمن السيبراني والذكاء الاصطناعي، والمقصود هنا زيادة الإنفاق على الجيش وعلى التسليح دون الخضوع لمقارنة هذا بإنفاق الدول على جيوشها.( لمن يشتكون من أن نسبة كبيرة من الميزانية موجهة للجيش).
وداس وزير الحرب بحذائه الثقيل على فكرة التنوع والشمول، وأعلن توحيد معايير الكفاءة البدنية دون أي تمييز بين الرجال والنساء، فالاختبار الذي يخضع له الرجل للانتظام في الجيش هو ذاته الذي تخضع له المرأة، بمعنى آخر، لا وجود لتمييز إيجابي(النسوية والجندر)، كما اشترط بعض اللوائح فيما يخص بالسوالف واللحية، وفُسر ذلك على أن المقصود منه ذوو البشرة السمراء وسط الجيش، وخلاصة الأمر كما تقول القارديان، جيش للرجال البيض فقط.( للذين يتهمون الجيش بأنه لايعبر عن التنوع).
هكذا بكل صراحة تتحدث أمريكا عن جيشها وعن مفهوم الحرب من حيث أهدافها، ومداها، والاستعداد لها، وأظن أنها ظلت تمارس هذا الفهم عمليا ولكن تحت لافتات مخادعة.
ولعل في هذا المفهوم الأمريكي الواضح ما يعين جماعة صمود للكف عن سعيهم المحموم في أن يصبح الجيش السوداني (جيش لا وظيفي)، لا يدافع عن نيالا ولا الجنينة ولا الفاشر ولا كردفان ولا جبال النوبة، وإنما يهرع للتفاوض أمام كل بندقية تُرفع. بل تتلخص مهمته كلها في الطوابير والعروض العسكرية، يتدرب فيه الجنود والضباط ويتخرجون، ثم يقومون بتدريب الدفعات الجديدة، وهكذا بصورة تماثل مايقوم به مدربو التنمية البشرية(مع الاعتذار لهم).
قلت لكم مرارا
أن الطوابير التي تصطف في عيد الفطر والجلاء
فتهتف النساء
في النوافذ انبهارا
لاتصنع انتصارا
نقلا عن s t