ما وراء إرسال الجيش السوداني تعزيزات عسكرية للولاية الشمالية ؟!

الزرقاء : خاص

 أرسل الجيش السوداني ، تعزيزات عسكرية كبيرة إلى الولاية الشمالية ، يأتي ذلك في اتجاه مغاير تماماً  لخطة انفتاح واسع النطاق للقوات ، يقوم الجيش بتطبيقها على الأرض في مناطق مسارح العمليات ، ضمن جهوده لتحرير المناطق التي ماتزال تحت سيطرة مليشيا الدعم السريع ، فما وراء إرسال هذه التعزيزات لهذه الولاية التي شهدت أول وأقوى واَخر معركة عندما هاجمت المليشيا القاعدة الجوية في مروي عند مطلع  الحرب؟!

ماهية التعزيزات :

أظهرت مقاطع فيديو دخول قوات عسكرية ضخمة تابعة للجيش السوداني ، شملت مشاة وقوات نخبة خاصة ومركبات وأسلحة متنوعة حوت صواريخ  ومدافع بعيدة وقصيرة المدى وذخائر ، فيما ظل يردد جنود أن هذه التعزيزات تمثل الفوج الأول للولاية .

زيارة مهمة :

هذه التعزيزات لا يمكن فصلها عن زيارة رئيس مجلس السيادة القائد العام للجيش الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان وعدد من العسكرين إلى هذه الولاية بشكل مستمر ، بجانب خطاب ظهر فيه قائد الفرقة 19 قبل يومين أكد من خلاله  استعداد قواته للتعاطي مع تهديدات أمنية تمس الولاية الشمالية وقد جاءت كلمة قائد الفرقة أثناء استقباله وفداً من القوات المشتركة التي تقاتل إلى جانب الجيش.

لكن الزيارة الأهم على الاطلاق هي التي قام بها رئيس أركان الجيش الفريق أول ركن محمد عثمان الحسين إلى الشمالية في شهر فبراير من العام الجاري ، وتكمن أهمية زيارة الحسين في طبيعة الوفد المرافق له حيث ضم مساعد القائد العام الفريق أول ركن ياسر العطا ومدير جهاز الاستخبارات العسكرية اللواء محمد أحمد صبير ونائب مدير جهاز المخابرات العامة اللواء  اللبيب ، وقال الإعلام العسكري وقتها أن الزيارة تأتي في سياق الوقوف على الحالة الأمنية بالولاية .

ماذا تعني الولاية  الشمالية ؟

تكتسب الولاية الشمالية أهمية إستراتيجية كبيرة وتقع على خطيّ طول (10-32-50-25) شرقاً وخطيّ عرض 32-61 شمالاً تحدها من الشمال جمهورية مصر العربية وليبيا وامتداد شاسع من الصحراء الكبرى ، كما تحدها أيضاً إقليم دارفور وشمال كردفان  ومن الجنوب ولايتي نهر النيل والخرطوم العاصمة وتبلغ مساحتها جوالي 348.76كلم مربع ما يجعلها الولاية الأولى من حيث المساحة في السودان ، كما يجري نهر النيل فيها ولاً في رحلته من الشمال إلى الجنوب حيث يجري النهر على مساحة 650 كلم قبل وصوله إلى مصر.

هذا الجوار والمساحة جعلت من الشمالية ولاية ذات أهمية اقتصادية كبيرة فهي تحتضن عدد من المشاريع الزراعية والصناعات التحويلية ، كما تحتضن سد مروي أحد أكبر سدود السودان لإنتاج الكهرباء بجانب احتضانها لمطارين أساسين وقاعدة مروي الجوية العسكرية فضلاً عن أنها ولاية فنية بالمعادن وخاصة الذهب الذي يشكل عماد دعم الاقتصاد السوداني بعد تصدره قائمة صادراته منذ سنوات  .

مسيرات بعد فشل:

ظلت الولاية الشمالية في الفترة الأخيرة  هدفاً لمسيرات مليشيا الدعم السريع التي حاولت استهداف سد مروي بية إخراجه عن الخدمة كما استهدفت بشكل مباشر محطة  مروي ودنقلا التحويلية والحقت بهما أضرار جسيمة ، يأتي ذلك بعد فشل خطتها الأساسية بالسيطرة على هذه الولاية ذات الأهمية الإستراتيجية الحاسمة بعد إحباط محاولتها الاستيلاء على قاعدة مروي العسكرية منذ 13 أبريل 2023 .

لكن المتغير الأكبر في هذه المسيرات ما أعلنت عنه السلطات بالولاية الشمالية من أنها “مسيرات متطورة ” وعابرة للحدود ، كما كشف مدير شرطة الولاية عن ظهور أجسام مضيئة في سماء الولاية بخلاف المسيرات مؤكداً أن الجهات الفنية المختصة بالجيش السوداني تعمل على تحديد هوية تلك الأجسام المضيئة .

خطوة استباقية :

يقول اللواء متقاعد محمد الأرباب لـ(لموقع قناة الزرقاء) إن التعزيزات التي يقوم بها الجيش مقرونة مع زيارات متعددة لقيادته ، قد تكون في إطار استعداد استباقي ناتج عن معلومات الجيش بوجود خطر محتمل يتهدد الولاية الشمالية ، منوهاً لموانع شديدة التعقيد تواجه تأمين هذا الجزء المهم من السودان ممثلاً في اتساع رقعة الصحراء التي تستخدم كأحد معابر الإمداد الرئيسية لمليشيا الدعم السريع بالأسلحة والمرتزقة الأجانب ، لكن الأرباب يؤكد أن الجيش السوداني يمتلك مقدرات كبيرة للتغلب على تلك الموانع خاصة وأنه يمتلك قوات تم تدريبها بشكل كبير وهو ما يجعلها على أتم الجاهزية لتنفيذ المهام العسكرية المطلوبة بكامل الاحترافية .

هدف اَخر :

بالمقابل يرى الخبير الإستراتيجي عبدالعزيز محمد سعد لـ(موقع الزرقاء الإخباري) إنه ربما يهدف الجيش من هذه التعزيزات إلى تجهيز متحركات قتالية إلى الصحراء أو دارفور ، مشيراً إلى أن الجيش بعد حسم معركة الوسط بتحرير سنار والجزيرة والخرطوم وإبعاد الخطر عن ولايتي النيل الأبيض ونهر النيل ، لم يتبقى أمامه غير التحدي العسكري في دارفور ويستدل سعد الدين بتأكيدات الفريق اول ياسر العطا التي أعلن فيها توجههم إلى دارفور لفك الحصار عن الفاشر وتحرير مدن نيالا والضعين والجنينية من مليشيا الدعم السريع .

قد يعجبك ايضا
تعليقات
Loading...