عندما قدمت المغرب ملفها لاستضافة كأس العالم وتحت طاولات الفيفا وفساد بلاتر حرمت المغرب من حق الاستضافة ومنحت جنوب أفريقيا ذلكم الامتياز لكن المغرب شكلت حضورا باكرا في نهائيات كأس العالم حتى قبل أن تنال أفريقيا خمسة مقاعد بفضل الأداء الذي قدمته المغرب وبلدان أخرى مثل الكميرون وغانا والسنغال في مونديال كوريا واليوم تقدم المغرب نفسها للعالم كدولة وشعب له تقاليد وثقافة وموروث حضاري وعقيدة في أكبر تجمع لشعوب الأرض في دولة صغيرة الحجم كبيرة العطاء بفضل ثراء الغاز الطبيعي والبترول وحسن إدارة الدولة
المغرب المملكة التي تمثل بوابة ونافذة التمازج والتواصل مع أروبا عبر البحر الذي عبره الرحالة المغاربة إلى بلاد اسبانيا وفرنسا وإيطاليا واثري المغاربة شرايين البلاد التي كانت هجرتهم إليها من أجل العيش الكريم حقنو تلك البلدان بثقافة أخرى وتقاليد وموروث حضاري مثلما قدم اللبنانيون أنفسهم كتجار والمصريين فلاحين فالمغاربة كان عمار أرض وعمال في المناجم ومهن أخرى انخرطت جموع المهاجرين من الرباط وتطوان وفاس والدار البيضاء ومليحه وطنجه الميناء الذي يطل على المملكة الإسبانية وفي ازقته وحواريه تدور قصص وحكايات الأديب محمد شكري الذي اشتهر برواية الخبز الحافي التي جسدت لمشاهد الفقر والعوز والفاقة لمجتمع طحنه البؤس ولم ينال من كرامته وعزته وفخره باصله ومحمد شكري لا محمد شحرور احد منظري اليسار الجديد في عالم الفكر والثقافة والمغرب موروث أدبي وحضاري قدمه محمد بنيس من خلال احجبة واقنعه والأدب المغاربي على إطلاقه وكتابه ينتهجون مدرسة التأمل الفلسفي العميق وهي مدرسة أقرب للأدب اللاتيني وقد تأثر الكتاب المغاربة بنظرية مايعرف بالواقعية السحرية التي يمثل جبرائيل ماركيز أبرز أعلامها
إذا كانت مدينة مثل نابولي في الجنوب الإيطالي الفقير خلافا للشمال الثرى قد استثمرت في أقدام ديغو ماردونا في ثمانينات القرن الماضي حينما اشتري نادي نابولي الإيطالي الموهبة الارجنتينية بمبالغ مالية كبيرة واستكثر الكتاب على نادي فقير يقبع في منتصف جدول الدوري الإيطالي لاعبا كان جديرا به التوجه لمانشستر يونايتد في انجلترا أو قطبا مدينة ميلانو الإيطالية لكنه اختار نابولي وبفضل أهدافه وسحره تجاوزت صفقة شراء ماردونا الملعب الأخضر لاذدهار السياحة والتجارة في تلك المدينة الجميلة وعلى زكر الهجرات فإن نصف الشعب الأرجنتيني من أصول إيطالية مثل الشعب الفرنسي الذي يمثل المهاجرين أكثر من نصفه والنصف الآخر بعضه من أصول سويسرية والمانية
شكل المكون المغربي في بلدان أروبا أكثر من سبعين في المائة من لاعبي المنتخب المغرب زارع الأفراح في زمن الاتراح ومحقق الانتصارات في عصر الهزائم والانكسارات والمغرب التي امتزجت حضاريا واقتصاديا واجتماعيا بالدول الفرانكفونية قد جافت العرب سياسيا منذ سبعينات القرن الماضي حينما خرجت من جامعة الدول العربية بسبب الخلافات العميقة مع الجزائر بشأن قضية الساقية الحمراء ووادي الذهب اي قضية الجمهورية الصحراوية وماادرك ماجبهة البوليساريو وتطلعها لإقامة دولة صحراوية في الأرض اليباب
والملكية المغربية أقرب من حيث السلطة وعلاقتها بالشعب إلى الممالك الأوروبية فالملك المغربي رؤوفا بشعبه لاحاكما غاشما مثل ممالك ومشيخات الخليج
الملك في المغرب يجمع ولايفرق لاشان له بالسياسة وقصره المتواضع في مدينة الرباط عاصمة البلاد يحيط به الفقراء والمعوزين والحمامات الملكية الشهيرة ويعيش آلاف المغاربة على مايجود به قلب الملك العطوف من الهبات والعطايا فلامشاحة أن خرج ملك المغرب للشوارع احتفالا مع أبناء المغرب الذين حصدوا ثمار الهجرة والارتباط بالوطن الأم وقدموا لشعبهم هذا الشباب الذي تكون في هولندا وإسبانيا وألمانيا وفرنسا ولكنه ظل على وثاق عميق بالاسر التي انجبتهم وووثاق الدفء بين هؤلاء الشباب والوطن الأم عبر عنه شاعرهم صلاح الوديع عن العلاقة الدافئة حينما قال (لاباس أن نستحضر هؤلاء اللاعبين الابطال الذين احتفظوا بانتمائهم للوطن على الرغم من أن أغلبهم أبناء فقر وغربة وشتات هؤلاء الذين احتفل بهم شعبا من أقصاه إلى أقصاه بعد أن جسدو طموح بلد بأكمله)
وفتحت انتصارات أقدام هؤلاء الشباب التساؤل عن الأثر الإيجابي لتلاقح الثقافات والعادات والتقاليد ورغم التنشئة في المجتمع الغربي احتفظ المغاربة بصورة إيجابية عن الأسرة والاحتفاء بآلام والأبناء والعشرة وتقديس الأسرة وفي صورة لاعبي المغرب وهم يهرولون نحو مدرجات المشجعين لتقبيل رؤوس الأمهات اللاتي انجبتهم لهو رسالة حضارية عميقه وشكلت قضية فلسطين حضورا في مظهر المنتخب المغربي حينما رفرف علم فلسطين عاليا رغم ركام الإحباط في الشارع العربي وحينما يسجد ياسين بولو حارس المنتخب المغربي شكرا لله كما ظل يفعل المصري محمد صلاح عند إحرازه لأهداف فإن تلك السجدة لها دلالات عميقه في سياق الصراع الحضاري مثلما للاحتفاء بآلام والأسرة رسالة عصرا بات يهدم في التكوين الأسرى خاصة في أروبا التي يعيش في بلدانها اغلب لاعبي المنتخب المغربي بل يحملون جنسيات تلك الدول لكن الاتحاد الدولي من اشراقاته انه يمنح لاعبي كرة القدم ممن تمتد جزورهم لبلدان غير التي ولدو فيها حق تمثيلها
ومنتخب المغرب الذي يواجه فرنسا اليوم في مباراة تقود الفائز إلى مواجهة الأرجنتين في النهائي الحلم في الثامن عشر من الشهر الجاري تكون اغلب عناصره في المهاجر فالحارس ياسين نشا في كندا وأشرف حكيمي أفضل ظهير في العالم ولد ونشأ في اسبانيا والمدافع رومان سايس في فرنسا ونصير مزراوي هولندا وسفيان مرابط هولندا وسليم أملاح بلجيكا وعبدالصمد الصبايري ألمانيا وبلال الخنوس بلجيكا وزكريا بوخلال هولندا وسفيان بوفال فرنسا والياس الشاعر بلجيكا بل بعض من لاعبي المنتخب المغربي بعضهم من آباء من جنسيات أخرى عربا وعجما والمنتخب المغربي يمثل بذلك لقاح ثقافات وحضارات ولكن المغاربة أكثر تمسكا بوطن لم يتدربون في ترابه ولكن الفضل في هذا الارتباط للأم المغربية التي ترضع طفلها حليب ثديها وحليب آخر اسمه الوطن الأم الحاضر في هددة الأم لاطفالها وفي حكايات الصبا وقصص الهجرة ومتاعب خوض مغامرات عبور البحر و ركوب الصعب من أجل دنيا أخرى وعالم جديد
لم يقتصر المهاجرون الأفارقة الذين يشكلون اليوم حضورا في الدوريات الأوروبية على المغاربة وحدهم ولكن اغلب اللاعبين المنحدرين من أصول غير يختارون تمثيل بلدانهم التي ولدو فيها باستثناء المغاربة الأكثر ارتباطا بوطنهم الأم فلاعب مثل ذين الدين ذيدان اختار تمثل فرنسا بدلا عن الجزائر ومضى في دربه آخرين مثل كريم بنزيمه ونبيل فقير لاعب ريال سوسيداد ولكن المغرب غير ومنتخب الديوك الفرنسية يعتبر كليان امبابي جوهرته الثمينه التي لاتقدر بكنوز الدنيا هذا للاعب أصوله من حيث الأب كاميرون ومن جزائرية ولكنه مولود في فرنسا وقد هاجم اليمين الفرنسي المتطرف الاتحاد الفرنسي الذي اختار لتمثيل فرنسا الزنوج والعرب ومنتخب فرنسا يضم في صفوفه كمسنجر وهو مالي الأصول َكومان غاني الأصل وفقير جزائري وقد دفع للاعب امبولو لاعب منتخب سويسرا الثمن غاليا حينما احزر هدفا في شباك الكاميرون الدولة التي ولد فيها لكنه اختار تمثيل البلد التي يعيش فيها فهاجمت الجماهير الكاميرونية الغاضبة أسرته
اليوم يلعب المنتخب المغربي مبارة العبور للنهائي وهي مباراة تاريخية تضع اثقالا على أكتاف لاعبي المغرب المنتصرين حتى في حالة الهزيمة اليوم
شكرا المدرب وليد الركراكي وشكرا للمدربين الوطنيين الأفارقة وهم يقودونها المدرب التونسي والسنغالي والغاني والكاميرون فضلا عن وليد الركراكي أفضل مدرب في النسخة الحالية من كأس العالم