ابتسام حمد النيل تكتب :
واقع ايران النووي 1
كادت ان تختزل ملامح الدولة الايرانية ووجودها في ملفها النووي. وبات العالم اجمع يجهل عن ايران كل مالايمت بصلة لبرنامجها النووي الذي خلق لها هالة ووزن دولي واقليمي ضخم.
ايران اقل مساحة من المملكة العربية السعودية واقل سكانا من جمهورية مصر العربية .. دولة اسيوية اسلامية كانت لها امبراطوريات شاسعه قبل الفتوحات الاسلامية تمددت حتى الهند . وقد ادخلت الدولة الصفوية المذهب الشيعي الجعفري في ايران محدثة نقطة تحول عميقه في العقيده الاسلاميه للدوله . ماجعل ايران لاحقا تختلف عن المعسكر الاقليمي لجيرانها .
استهدفت ايران قديما مطامع روسية وانجليزية ازمان عدد وقد خسرت الكثير من اراضي امبراطوريتها نتيجة للحروب الروسية الانجليزية والفارسيه وبعد نضال وطني شاق تكون اول برلمان وطني ايراني في عام 1906 . بالرغم من ان انجلاء الروس والانجليز لم يحدث إلا في العام 1921.
واستمرت ايران في رحي الانقلابات والاقتتال والثورات ومن اعظمها الثورة الايرانية التي اطاحت بنظام الشاه في السبعينات.
ومن المفارقات ان البرنامج النووي الذي يصيب المجتمع الدولي بالهلع قامت الولايات المتحده بادخاله الى ايران في العام 1970م .. ومن المفارقات ايضا ان الحكومة الايرانيه في ذاك الوقت قامت بمقاومته ورفضه كونه لايتماشى مع مبادئ واخلاق الشريعة الاسلامية القائمة على السلام والطمانينة … ثم مالبثت ان غيرت الحكومة الايرانية قليلا من موقفها واستأنفت البرنامج النووي لاغراضه السلمية
الجدير بالذكر ان الاغراض السلمية تعني انتاج الكهرباء والوقود وبعض الادوية ..اذ أثبتت الطاقة الذرية انها غير مكلفة وآمنة وسريعه في نتائجها بعكس المواد الخام البديله.
لكن المجتمع الغربي احس بالخطر وزادت شكوكه تجاه التخصيب وطلب من مجلس الامن التدخل لضغط ايران والزامها بالتخلي كليا عن برنامجها النووي
قام مجلس الامن بفرض عقوبات في عام 2005 اثرت على العلاقات الخارجيه والاقتصاد الايراني ..رأت الولايات المتحدة ان العقوبات في اقلها تجعل السوق النووي لايران خامل وتطبق عليها العزلة كدولة.
اعتبرت ايران من جانبها ان هذه العقوبات مجحفة في حقوقها واصرت ان برنامجها النووي للاغراض المدنية السلمية فقط لكن الوكالة الدولية للطاقة الذرية (IAEA) ظلت تتابع بتقاريرها السنوية ملف ايران النووي وقدمت في تقرير العام 2011 مامفاده ان ايران تعمل على اختبارات ومعالجة النووي من اجل التسليح منذ ما قبل العام 2003 .هذا كان بمثابة الزيت على نار هواجس الغرب بما فيهم الولايات المتحده التي هرعت لبحث آليه تحد وتعاقب بها ايران على ماتفعله من تحدي وتهديد. وجاءت الفكرة في مصادرة حق ايران في التخصيب والضغط عليها بواسطة مجلس الامن والوكالة الدولية للطاقة. ذلك نتج عنه اتفاق لوزان في العام 2015 وقد استمر مفاوضاته قرابة العامين ومن ثم خرج باتفاق لوزان الذي تعهدت بموجبه ايران بخفض نسبة التخصيب وصدقت على بروتوكول التفتيش والسماح للشركات متعددة الجنسيات بتشغيل منشأت التخصيب ..واستقبال الوفود والخبراء الاجانب لتقديم المشوره والاطلاع على البرنامج كل ذلك في اطار بناء الثقة في الطبيعة السلميه الخالصة للبرنامج النووي. من جانبها التزمت الولايات المتحدة فك الحظر عن اموال وارصدة طهران بالبنوك الدوليه والسماح لها باستيراد وتصدير الاسلحه وفق شروط بدلا من المنع المطلق.
بالرغم ان اتفاق لوزان توصل الى تفاهمات جذرية ومهمة في السيطره على الملف النووي إلا ان بعض الدول اعتبرته لايقدم ولا يوخر في الازمة تحت عنوان التسليح النووي وكانت لايران نفسها ذات القناعات.
في خضم انهماك مجلس الامن والوكالة الدولية للطاقة الذرية بانزال اتفاق لوزان الى ارض الواقع اعلن دونالد ترامب انسحاب دولته من التزاماتها تجاه الاتفاقية وكان ذلك مفاجئا للدول الاعضاء في الاتفاقيه ( روسيا وبريطانيا وفرنسا والمانيا) فاعلنت رفضها لقرارات الولايات المتحدة الاحادية واعتبرتها تفتقد السند القانوني . من جانبها قامت ايران بتقديم شكوى لمجلس الامن ضد الولايات المتحده تتهمها فيها بعدم جديتها في حل الازمة مطالبة بالزامها برفع العقوبات عن طهران وفق موتمر لوزان.
ومنذ العام 2018 ظلت التهديدات والتصعيدات من الجانبين دون ان تفلح الوساطه الدبلوماسية وبعثاتها الى ان تم اقتراح موتمر جديد في فيينا يهدف الى الوصول لتفاهمات موتمر لوزان والقفز الى مراحل بعدها . بالرغم ان دائرة الوسطاء اتسعت لتشمل دول جديده منها الصين واسرائيل.لكن الحماس ومستوى الجديه انخض بنسبه عاليه عن ماكان عليه في لوزان 2015.
( …. يتبع)