المليونيات..حشود بلاقيادة وطاقة مهدرة!
حينما وصلت حشود الثوار في نهار التاسع عشر من ديسمبر امام حديقة الشهداء قبالة القصر الرئاسى لم تدر ماتفعله بعدها فخطوات النهائيات لم تجد مهندس لها لاخراجها بالشكل المطلوب فيما يرى عدد من المراقبين ان الحشود الكبيرة ومواكب الثوار الاحتجاجية التي تطالب بتغيير الاوضاع السياسية بالبلاد ليست كافية لأحداث التغيير المنشود وقالوا ان هذه الحشود تنقصها العديد من الاجابات المنطقية للتساؤلات الكبرى التي اصبحت اجاباتها ضرورية لفهم المشهد السياسي بالبلاد وبالدرجة الاولي لمصلحة الحراك و”عقلنته” بعد ان اصبح في رأى الكثيرين مجرد حشود لا رؤية ناظمة لها! وذلك ما يجعلها اقرب الي الجهود غير المثمرة! او يضعها في خانة “تحصيل الحاصل”! فيما قال قيادي بالمؤتمر الشعبي فضل عدم ذكر اسمه “ان الشارع متقدم علي قياداته السياسية” وهو تعبير للتخفيف عن حقيقة ان الشارع ليس له رؤية استراتيجية او خطط لما بعد ذلك!
فيما طرح مراقبون العديد من الاسئلة التي تحتاج الي اجابات مقنعة دونها لايستقيم امر مواصلة الحراك بهذه الصورة الطقسية الباهتة!
اولها ما الذى يريده هؤلاء المتظاهرون؟ التى تقول شعاراتهم الأكثر وضوحا انهم لايريدون حكم العسكر ويريدون حكومة مدنية كاملة، حسنا هب ان العسكر ذهبوا إلى حال سبيلهم، كيف يمكننا تكوين حكومة مدنية وممن تتكون هذه الحكومة المدنية المنشودة؟ في ظل التناحر والاختلاف والتشاكس بين القوى المدنية وفي حقيقة الامر ذلك ما اوصلنا لهذه النقطة بالذات! ولانزال نذكر حتي قبل قرارات الخامس والعشرين من اكتوبر مبادرة السيد رئيس مجلس الوزراء الانتقالي خارطة الطريق ثم الآلية ثم خلية الازمة وغيرها من المبادرات التي سعت من أجل توافق سياسي يحصن الانتقال!
ثم ما الذي يريده الثوار من الحكومة المدنية؟ وما هي الاهداف التي يرجو تحقيقها من خلالها؟ واذا لم تتحقق هذه الأهداف كما هو الامر الواقع لكل حكومتي الانتقال! بدليل مواكب تصحيح المسار التي كانوا يسيرونها طيلة السنين الماضية مابعد الثورة! اذن ماذا هم فاعلون حينها؟ هل سيدعون الي اسقاطها فقط كما الحكومة الانتقالية السابقة؟ ليبدأون دورة اخرى في “ماراثون” الحراك الثوري! ليبدأ البحث من جديد عن حكومة مدنية أخرى؟! ان لم يكن هذا هو العبث بعينه اذن كيف هو العبث؟!
حسنا ..الآن يبدو انه حتي قيم الديموقراطية وقبول الآخر اصبحت موضع اختلاف بين هذه الجموع! ولنا ان نشير الي فض ندوة شمبات، ومخاطبة حدائق الفتيحاب، او حتي الاعتداء علي وزير الصناعة السابق “ابراهيم الشيخ” اليست قبول الاخر وصراعه عبر الحوار او صناديق الاقتراع هي الديموقراطية وقيمها وطريقها الاوحد؟ فكيف لنا ننشد الديمقراطية وممارسة نقيضها فى نفس الوقت؟!
هذه أسئلة حقيقية من وجهة نظر المراقبين وكما اشار اليها الباحث و الصحفي المحلل السياسي “عبد الله خير الله” بضرورة التصدي للإجابة عليها بوضوح، قبل انطلاق اي موكب!
وذلك رأينا وما نذهب اليه ايضا لانها سوف تغدو حشود بلا قيادة! طقسا شعائريا دون اي استراتيجية سوى الرفض! طاقة اشبه بهيجان الطبيعة كالسيول والرياح والزلازل لا تملك دون قيادة ورؤية سوى التدمير والتسبب بآثار كارثية وقوة مهدرة لا جدوى منها في ظل عدم قيادة متفق عليها وسوف تؤدي الي عكس ما تنشده من اصلاح؟!.