محجوب عروة يعلن نهاية خلافه مع جمال الوالي

في صلاة الفجر يوم الثلاثاء الماضي 18- يناير 2022 ألهمني الله سبحانه فيها قراءة آية ( ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن فاذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم. وما يلقاها إلا الذين صبروا وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم)..و رغم أني قد قرأت هذه الآية كثيراً فسبحان الله لم تستوقفني هذه الآية العظيمة كما أوقفتني يومها. وبعد فراغى من الصلاة سألت نفسي طالما ظللت دوماً أكتب وأدعو إلى التصالح والتسامح والتوافق الوطني والتسامي فوق الخلافات والصراعات فلماذا لا أطبقه عملياً في علاقاتي الخاصة والعامة خاصة مع من عرفت وتعاملت وها قد لاحظت فرصة عظيمة امتثالاً لقوله تعالي (لم تقولون مالا تفعلون)..ثم تذكرت قول نبينا الرسول الخاتم سيد البشرية محمد بن عبد الله ( انما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق) وقول نبينا سيدنا عيسي بن مريم ( من كان منكم بلا خطيئة فليرمها بحجر)..عليهما أفضل الصلاة والسلام.. ثم تذكرت تلك الأبيات الجميلة للشاعر السوداني محمد سعيد العباسي طالما ظللت أرددها ( كففت عن غرب التصابي والتفت الي حلمي ولم أك في هذا بمغبون) (وصرت لا أرتضي إلا العلا أبداً ما قد لقيت من التبريح يكفيني).
ظللت منذ فترة وعقب نجاح ثورة ديسمبر التي اقتلعت نظام الإنقاذ الظالم أناقش مع عدد من المحامين والقانونيين والأصدقاء ما حدث لي حول جريدتي (السوداني) ومطبعتها التي تحولت للأخ جمال الوالي عام 2010 حين قام مشكوراً أحد الذين يهمهم أمري بالاتصال بالرئيس البشيرلمعرفة سبب القبض عليّ في تلك الأيام.. لقد اتفق جميع هؤلاء المحامون والقانونيون والأصدقاء (وأنا أشكرهم جميعا) على عدالة قضيتي ضد نظام الإنقاذ وليس ضد الأخ جمال الوالي حيث تسببت محاصرة النظام وضغوطه ضدي في الاستعجال لاقصائي من الجريدة حيث بدأ واضحاً حينها هناك تخطيط لاقصائي منها بطريقة تظهر كأنها تتم بطريقة عادية وقانونية في ظل دستور 2005 الذي صدر عقب اتفاقية نيفاشا ودخول الحركة الشعبية وليس كما سبق لصحيفتى ( السوداني الدولية) عام 1994 عبر قانون الطوارئ فتم ذلك الخروج عبر مخالفات قانونية واضحة لقانون الشركات وقانون بيع الأموال المرهونة في العقود التي تم بموجبها التنازل عن شركة دار السوداني للطباعة والنشر التي تمتلك صحيفة (السوداني) والمطبعة ( فونت) وذلك على خلفية ما حدث من حصار وابتزاز وضغوط من نظام الإنقاذ بهدف اقصائى من العمل الصحفي فاعتزمت المضي قدماً في رفع قضيتي للقضاء ضد نظام الإنقاذ وليس ضد جمال الوالي… هذه المؤسسة الصحفية التي أسستها ورعيتها منذ انتفاضة ابريل 1985 وأوقفت بانقلاب الإنقاذ 1989 مثل بقية الصحف ثم عادت للصدور عقب اتفاقية نيفاشا عام 2005 وأوقفت عصر نفس ذلك اليوم ظلماً وتعسفاً باستخدام عناصر جهاز الأمن عبر مجلس الصحافة آنذاك ولم يسمح لي باعادتها الا بعد عام كامل حيث لا يخفى على جميع من عاصر تلك الفترة خلافاتي مع نظام الإنقاذ ومحاربته له لي بقسوة وظلم منذ أن أصدرت صحيفتي ( السوداني الدولية) عام 1994 من خارج السودان ثم من داخله عقب صدور قانون الصحافة عام 1993 وذلك كبديل لجريدة (السوداني) التي أوقفها الانقلاب. (كان النظام قد أوقف صحيفة (السوداني الدولية) بقانون الطوارئ في الرابع من أبريل 1994 ولم تعاود الصدور إلا عقب ثورة ديسمبر العظيمة بعد ربع قرن حيث أن نظام الإنقاذ لا يسمح بالشكاوي ضده فصبرت طيلة تلك الفنرة عسى أن يقضي الله أمراً كان مفعولا..
يعرف الجميع أن قادة نظام الإنقاذ قد ظلوا يدبرون ضدي تحركات وقرارات ظالمة لاقصائى من العمل الصحفي عبر استخدامهم الحصار والرقابة والابتزاز والضغوط وتركز أخيرا عام 2010 حيث تم القبض عليّ بدعوي تعثر الصحيفة في مرابحة استيراد مطبعة حديثة لطباعة (السوداني) ولم يتم الافراج عني إلا بعد أن تم الضغط علي للتوقيع على التنازل عن أسهمي في شركة دار السوداني للطباعة والنشر للأخ جمال الوالي حسب ما أخبرني الوسيط الخاص الذي يهمه أمري حين وجدني مقبوضاً عليّ..وهنا يجدر بي ومن منطلق قول الحق والعدل والشفافية أن الأخ جمال الوالي (الذي تربطني به علاقة أسرية في قرية فداسي الحليماب عبر جد مشترك المرحوم خوجلي) لم تكن له أي علاقة ومعرفة مسبقة بذلك التصرف القاسي والظالم من قادة نظام الإنقاذ فقد كان دوره في قبول الشراء من منطلق انساني وخلق رفيع ويتمتع بشخصية مهذبة ومتواضعة وربما التزام سياسي مفهوم حينها وطلب لا يستطيع له ردا وهو القبول دون أن يعلم حقيقة وخلفية الأمور و ما حدث لي مع النظام فربما فهم او أفهم أنها عملية بيع وشراء عادية لشخص تعثر مع بنك تنمية الصادرات وتربطه به علاقة أسرية خاصة مع الشخصية التي توسطت مع البشير حول وضعي في الاعتقال..
عقب نجاح ثورة ديسمبر المجيدة التقيت مصادفة مع شخصية قيادية في بنك تنمية الصادرات آنذاك له معرفة لصيقة بأمر تمويل المطبعة لجريدة السوداني فأفادني بالقول أن القبض علي شخصي تم بايعاز من نظام الإنقاذ عبر أجهزته الأمنية التي كانت على علم بعملية المرابحة وما حدث من تعثر لأشهر قليلة فقط ولم يكن هناك توجيه بالقبض حيث هناك بديل هو بيع الرهن حال التعثر الكامل والنهائي !! ( أكد لي ذلك أيضا مشكوراً المدير العام حينها الرجل الخلوق المرحوم د. محمد الرشيد قبيل وفاته حين زارني في مكتبى عام 2019 عقب اصداري (السوداني الدولية) وأوضح لي ليس من سياسة البنك القبض علي عميل يمتلك رهناً للسداد في حالة التعثر فالبنك لا يلجأ عادة لتحطيم عملائه إلا في حالة التعثر الكامل أو الهروب والاختفاء وليس التعثر المفاجئ أو قبل نهاية فترة السداد خاصة اذا كانت هناك أسباب اقتصادية موضوعية يمكن علاجها خاصة اذا كان العميل مسدداً لربع المرابحة مثلي، كما أن بيع الرهن هو الممكن والبديل حسب قانون بيع الأموال المرهونة وليس الإسراع في القبض فينهار المشروع ويخسر الطرفان سيما اذا كان العميل شخصية معروفة مثلي ولها عمل مستمر يخدم المجتمع والاقتصاد فشكرته على ذلك التوضيح عليه رحمة الله..
حقيقة الأمر صدمت من تلك المعلومات والتي أكدها أحد أعضاء مجلس إدارة البنك قال لي أنه كان حينها يتابع تحركات عناصر الأمن وهي تجمع معلومات عن مرابحتي مع البنك بهدف توجيه ضربة قاضية لي والاستحواذ علي المطبعة..( أكدوا جميعاً على الشهادة على ذلك متي ما طلب منهم).
ظللت طيلة الفترة من 2010 أعتقد بأن ما حدث لي من اقصاء كان بسبب تعثر السداد مع البنك فقررت بعد الثورة اللجوء إلى القضاء مستفيداً من تلك المعلومات والشهود .. بدأت اجراء التقاضي بالأستاذ نبيل اديب المحامي الذي كان ولايزال متعاطفاً مع قضيتي فكتب شكوى للسيد المحامي العام وأخذ ذلك فترة طويلة للرد بسبب ظاهرة الكورونا وتوقف العمل .. وهنا يجدر بي القول وأشهد الله انني لم أكن اعلم بقرار لجنة إزالة التمكين الذي تم فيه اعلان إيقاف جريدة (السوداني) ووضعها تحت تصرف اللجنة إلا في ذلك اليوم الذي أعلنته عبر التلفاز وسمعته مثل غيري.. وكل الذي حدث أن اللجنة طلبت مني لاحقاً رأيي حول الموضوع عندما أحالته لممثل ديوان المراجع العام الذي زارني مستفسراً فأوضحت له ما حدث عام 2010 وشرحت له كل الملابسات التي حدثت و تفاصيلها كالآتي والتي ضمنها في تقريره:
أولا أن ما حدث كان عملاً سياسياً بحتاً مدبراً ضدي مع سبق الإصرار والترصد من نظام الإنقاذ وجلاوزة النظام في جهاز الأمن منذ العام 1994 بهدف اقصائي من العمل الصحفي عبر الابتزاز والضغوط المختلفة التي وصلت لوضعي في بيوت الأشباح والمصادرات والرقابة القبلية والبعدية والاقصاء. وأن ما تم ضدي عام 2010 كان تحت دعوي كاذبة هي التعثر مع البنك سيما وأن هناك آخرون في البنك تعثروا بمبالغ مالية ضخمة بعشرات المليارات من الجنيهات ولم يتخذ ضدهم أي اجراء قانوني وقد وقف عليها ممثل المراجع العام كما ذكر لي وتساءل عن لماذا محجوب عروة فقط.
ثانياً انني لم أستلم جنيها واحداً جراء تنازلي عن أسهمي في الشركة حسب ما ورد في عقد التنازل أسوة بشركاء آخرين في الصحيفة وهم الزملاء عثمان ميرغني وزهير السراج كلهم نالوا تعويضاً عن أسهمهم وأنني حين وقعت على التنازل كنت أتوقع تعويضاً مالياً مثلهم لاحقاً حسب ما ورد في عقد التنازل ولا يتم تحميلي وحدى كامل المسئولية عن ديون على الشركة التي حسب قانون الشركات من حيث هي شركة محدودة المسئولية بالاسهم كما هو معروف.
ثالثا عندما تمت عملية التنازل والتحول من ملكية المطبعة ومبانيها تم سداد بقية المرابحة للبنك بالسعر الدفتري فقط ( اثنين مليون جنيه ونيف) فقط وليس بسعر السوق كما هو معروف والذي قدره مختصون في المطابع أن قيمة المطبعة حينها عشرة مليار جنيه وليس القيمة الدفترية التي تم السداد بها.. رابعا لم يتم احتساب أي قيمة لصحيفة السودانى اليومية في حين قدرها مختص بحوالي خمسة مليار جنيه أسوة بصحف أخرى تم بيعها. خامسا: كانت لي مديونية خاصة من شخصي للشركة لإكمال استيرادها وترخيصها ونقلها للخرطوم وتركيبها ولشراء الأرض بالسعر التجاري حين تأخر تسلم الأرض بالسعر التشجيعي من وزارة الاستثمار إضافة لسداد جزء من قيمة المرابحة وكان جملة المبلغ مليار واربعمائة مليون جنيه دفعتها من حر مالي من بعض أصول خاصة كنت امتلكها ولم تسدد لي بسبب توجيه من قادة نظام الإنقاذ بخروجي من الشركة والمطبعة والصحيفة دون تعويض مالي حيث كانوا يهدفون لاقصائى تماماً من أي عمل صحفي معارض جديد مستفيداً مما يأتيني من مال جراء ما حدث من تحويل في الملكية.
وكما هو معروف فان نظام الإنقاذ لا يسمح بمعارضته او الشكوى ضده ويتخذ كافة الوسائل المشروعة وغير المشروعة في سبيل ذلك لهذا لم ألجأ للتقاضي حول الموضوع طيلة السنوات التي أعقبت اخراجي فصبرت وسافرت خارج السودان.. أضف لذلك أن حقيقة ما حدث لي في مرابحة البنك لم تكن متاحة إلا بعد الثورة وقد أخبرني بذلك الشهود الذين ذكرتهم سيما وكنت قد فصلت بعد فترة من الكتابة في الصحيفة ولم اعد جزءاً منها يتيح لي زيارتها رغم الاتفاق بالاستمرار في الكتابة وعلمت أن ذلك تم بقرار من جهة عليا في الدولة حيث لم تكن مقالاتي تعجبهم ولم يكن للأخ جمال الوالي أي دور كما علمت من مصادري الخاصة .. وأخيراً تم سحب اسمي كمؤسس للصحيفة منذ العام 1985 حسب الاتفاق وهذا يعتبر مخالفة لقانون الملكية الفكرية والحق الأدبى والمعنوي والتقاليد الصحفية في كل العالم.. ويقيني أن السحب تم بسبب الخلاف وما نزق الشيطان بيني وبين الأخ جمال الوالي الذي اكن له تقدير خاص واعتقد اني ظلمته حيث لم يكن له يد فيما حدث لي بل أخبرني من أثق فيه أنه رفض ان يجهض الاتفاق لشراء (دار السوداني) حيث كان أولئك الذين يديرون الدولة خلف الكواليس يهدفون لأبقي رهن القبض فهم الذينينسب اليهم كل السياسات وجرائم الاعتقال والتعذيب والاقصاء بل الاعداد لقتل الرئيس المصري حسني مبارك (!!) لقد كان موقفاً محترماً وشجاعاً لجمال الوالي ذلك الرجل الخلوق .
أما فيما يخص العلاقة بيني والأخ جمال الوالي فاني اعترف – وقد كتبت ذلك عقب تنازلي له أنه شخصية مهذبة ومتواضعة لا تملك إلا أن تقدرها وتحترمها.. كتبت ذلك ومن لا يعرف فاني أكبره بخمسة عشر عاما وأكن له تقديراً خاصاً وتربطني به علاقة أسرية في قرية فداسي كما ذكرت ولكن نزغ الشيطان بيني وبينه طيلة السنوات الماضية ويبدو أن ذلك بسبب ما كتبته في عمودي بعنوان ( الآن حصحص الحق) عقب إقرار لجنة إزالة التمكين بالحجز علي صحيفة السوداني إذ يبدو أن الأخ جمال اعتقد انني كنت وراء ما حدث له وهو غير صحيح البتة فصار بيني وبينه قدراً كبيراً من سوء الظن والقطيعة وتبادل الاتهامات وبهذه المناسبة أعتذر له عن أي عبارة كتبتها في حقه لم تكن مناسبة ربما كان سببها المغاضبة حينها.
اليوم والبلاد احوج ما تكون للتصالح والتصافي والمبادرة بالقول الحسن والفعل الأحسن بالعفو عما سلف وليس الخلافات والصراعات فقد قررت الامتثال لقول الله تعالي في تلك الآية الكريمة أعلاه فالحياة الدنيا لا تسوي شيئا بلا خلق رفيع وتجاوز عن الصغائر واحلال التسامح والعفو محل الكراهية والصراع المقيت راجياً من الله القبول في يوم لا ينفع مال ولا بنون ولا سلطة ولا جاه أيا كان نوعه وشكله ومظهره ومصدره وحجمه إلا من أتي الله بقلب سليم. متمنياً للأخ جمال الوالي الصحة وأن نتبادل العفو التزاماً بقوله تعالي ( وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن ان الشيطان ينزغ بينهم) وقوله عز وجل (وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور) فالارزاق بيد الله ليست في المال ولا السلطة والجاه والنفوذ بل سنامها القبول من الله تعالي خالقنا ورازقنا و في حسن الخلق وكسب احترام وحب الناس وفي تحري الحلال ورد الأمانات الي أهلها والحكم بالعدل والاحسان .. أقول ذلك رغم انني تضررت كثيراً مالياً وصحياً ومعنوياً في فترة الانقاذ طيلة السنوات الماضية خاصة عقب اخراجي من (السوداني) عام 2010 تلك المؤسسة الصحفية العريقة التي أسستها ورعيتها وطورتها منذ العام 1985 سالكا بها دروب وعرة كثيرة.. فالصحافة هي النور المنبعث من سماء الفضيلة إلىأرض تبسطها العقول النيرة وفضاء تدبجه العبقرية الفذة على طرق شائكة لا تبسطها المعاول ولا الآليات ولا البنادق. وصدق الله العظيم: ( لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة او معروف أو اصلاح بين الناس) والحمد لله رب العالمين الذي يهدينا دوماًإلى طريق مستقيم.
خلاصة البيان:
** ليست لي قضية مع الرجل المهذب الأخ جمال الوالي الذي أمد له أيادي بيضاء فقضيتى هي مع نظام الإنقاذ الظالم الذي كان كل همه اقصائي من العمل الصحفي وسلبني حقوقي المادية والمعنوية عام 2010فظللت طيلة تلك الفترة اعتصر الألم وتعب السنين ..

          
قد يعجبك ايضا
تعليقات
Loading...