لدي احساس بأن الأزمة الاوكرانية المتصاعدة الآن بين روسيا من جهة و الولايات المتحدة والكتلة الاوروبية من الجهة الأخري يمكن أن تمثل ذلك المنعطف الذي سيعيد فيه العالم تشكيل تحالفاته الاقتصادية و الأمنية وبالتالي خياراته الأكثر خطورة في مفهوم الدفاع عن المصالح القطرية و الأممية .. في آخر تصريح لرئيس الوزراء الروسي فلادمير بوتين حذر الرجل من تجاوز الخطوط الحمراء لأمن بلاده مؤكداً بأن اي سعي دبلوماسي تفاوضي لحل أزمة أوكرانيا لن يكون جزءً منه أمن روسيا و مصالحها .. الامريكان صرحوا بأنهم ملتزمون بالدفاع مع اوروبا عن أمن وتراب اوكرانيا بالرغم من تصريحهم بأنه لن يكون هنالك جنود امريكان علي اراضي اوكرانيا في الوقت الذي علق فيه الالمان مشروع نورد ستريم 2 الناقل للغاز الروسي لاوروبا و الذي يزيد طوله عن 1200 كلم فيما ينقل الخط القديم و البالغ طوله ( 1220 الف كلم ) مع خطوط اخري اقصر ما يصل الي اكثر من %40 من احتياجات اوروبا من الغاز وهو ما يعني ضرورة توقع ارتفاع كبير لاسعار الغاز الطبيعي في اوروبا وبقية المستهلكين للغاز الروسي و بالرغم من سعي الولايات المتحدة و الدول الاوروبية لتغطية الفجوة المتوقعة من عاز الشرق الأوسط كالغاز القطري الا ان ذلك لن يتحقق علي نحو مثالي يمنع حدوث ما هو متوقع من آثار كبيرة علي الحياة الاوروبية والامريكية .. وبينما الازمة تتصاعد الآن علي المستوي السياسي و الدبلوماسي يمضي بوتين ليفعل ما يريد علي الميدان ويزيد من حشود قواته علي حدود اوكرانيا بما يؤكد نيته لغزوها وقد اعلن الإعتراف أخيراً بمقاطعتي دونتيتسك و لوغانسك الانفصاليتين .. هذا المشهد بات يؤكد علي دخول العالم للمرحلة الأكثر خطورة في صراع مصالح الكبار الذي اجتذب اليه بوتين وبذكاء المارد الصيني عبر توقيعه مع الصينيبن وقبل ايام فقط اتفاقية استراتيجية كبيرة طويلة الأمد تشمل كافة مجالات التعاون بما فيها الأمني و العسكري وقد نص بيان الاتفاقية وبصراحة ووضوح عن رفض بلدي الاتفاقية ( روسيا والصين ) لتمديد حلف النيتو لنفوذه تجاه الشرق وهو البيان الذي اطار عقل الرئيس الامريكي بايدن وادارته لانه يرسم و بوضوح خارطة التحالفات الدولية الجديدة فالصين يمكن ان تمثل بشكل او بآخر الحليف المساند لروسيا حال مواجهتها للعقوبات الامريكية والاوروبية بالرغم من ما قد تواجهه هي الأخري بلعبها لهذا الدور التحالفي مع روسيا .. والآن وقد حبس العالم انفاسه لما يمكن ان يحدث خلال الايام القليلة القادمة او ربما الساعات القادمة فإن ما حدث حتي الآن قد أكد وبما لايدع مجالاً للشك بدخول العالم لتلك المرحلة التحالفية الدولية الجديدة في نطاقها الاقتصادي الذي سيبني عليه الجميع خياراتهم الأمنية و العسكرية وهو الميدان الذي يخشي الجميع انفجار ارضه في مأية لحظة اذ سيكون هذا الانفجار بداية النهاية للاصطراع البشري علي موارد و امكانيات الأرض التي باتت تتناقص و تتآكل علي نفسها خاصة ما يتصل منها بموارد الغذاء والطاقة ..
قد يعجبك ايضا
تعليقات