*ذاك زرعكم و هذا حصادكم!!..*
*ويبقى الود..*
*الدكتور /عمر كابو..*
يؤسف المرء أن يعلن حزنه العميق على انفلات الأمور وإهانة القيم والتقاليد في الفترة (الانتقامية) حد أن يقدم طلاب كلية (الآداب) بجامعة الخرطوم على احتجاز مديرة جامعتهم ومبلغ الأسف أنهم أقدموا على الخطوة متناسين خمس قيم أساسية لم يراعوها أو ينتبهوا لها الأولى أنها أستاذتهم في مجتمع درج على تقدير المعلم فرط التعظيم ليسير بالمقولة التي صارت مثلًا يحتذى في كل مقام يعلي من شأن المعلم:- ((من علمني حرفا صرت له عبدًا)) فتعظيم المعلم قيمة راسخة في وجدان الشعب السوداني الذي ظل وفيا مخلصا له٠ والثاني أنهم نسوا أنها مديرة لأهم صرح تعليمي في البلاد والأول فيه بتقاليده الراسخة وهويته الباذخة وسمعته العظيمة وتاريخه الناصع إنها جامعة الخرطوم (الجميلة ومستحيلة) كل من انتمي إليها ظل يمشي بين الناس بحذر وبتؤدة وتأن واحترام فليس من اللائق أن يقدموا على خطوة مثل الذي فعلوها ومافعلوه ينضح قبحًا وإساءة ونذالة..
الثالثة أنهم نسوا أنهم يدرسون في كلية حملت اسم (الآداب) وهل من الآداب في شيء الإساءة إلى الكبير وعدم توقير الأستاذ وتفجير كوامن الغضب والسخط حمقى لايدركون صحيح التصرفات؟!
الرابعة ربما كانت لهم قضية عادلة وربما لم يجدوا أذنًا صاغية تسمع شكواهم لكن نسوا أن ذلك لايقف مبررا لهم تصرفهم الأهوج الصادم بالإساءة إلى منصب المدير والأستاذ في آن واحدٍ ،أخيرًا أنهم لم يراعوا حرمة كونها امرأة خروجًا على عرف الشعب السوداني الذي درج على احترام المرأة وتقديرها ومعاملتها بصورة لائقة بعيدًا عن الشطط ولغة العنف والابتذال اقتداء وتأسيًا بالأثر الرفيق :-((استوصوا بالنساء خيرًا)) والأثر الرحيم:- ((ما أكرمهن إلا كريم وما أهانهن إلا لئيم)).. نسي هؤلاء الطلاب الحمقى كل ذلك وهم يتعدون على لوائح الأخلاق والسلوك الضابطة والداعية إلى ضبط النفس ومكارم الأخلاق مافي ذلك من شك..
لكن يجب دائمًا أن نتذكر أن هؤلاء الطلاب هم ضحايا هجمة منظمة وثقافة وافدة تم التخطيط لها بعناية فائقة لتضحي خطاب الساعة ولغة الحاضر منذ أن حلت بنا كارثة جثمت على صدر البلاد أطلقوا عليها اسم الثورة وهي فعلًا كانت ثورة على التقاليد المرعية والأعراف السائدة والدين الحنيف الداعي إلى الرفق والاعتدال في كل شيء احترامًا للكبير وتوقيرًا للأستاذ وتمجيدًا له واعترافًا بفضله قيامًا بحق الرابطة العلمية التي تداني رابطة الدم والنسب حرمة وقداسة..
فما أقدم عليه هؤلاء الطلاب ليس بدعًا مما قدمت أيدي اليساريين واضمرت نفوسهم الخربة يوم حملوا وزيرة التعليم العالي والبحث العلمي بعد ساعات من أداء القسم وزيرة للتعليم العالي على الذهاب بها لجامعة أم درمان الإسلامية لتخاطب زملاءها في احتشاد نظموه لها خصيصا لازدراء أساتذة الجامعة ممن خالفوهم التوجه لتعلن طردهم والإساءة إليهم والتربص بهم بعد أن بصقت على شرف الزمالة وهي تهتف في وجوههم (أكسح أمسح)فأي لغة تنمر وازدراء وصفاقة بالأستاذ الجامعي تم التقنين لها في هذه الفترة الانتقامية التي شهدت أكبر حملة تشريد ممنهجة لأساتذة الجامعات وكفاءات البلاد العلمية والأكاديمية إذ فصلوهم بدعوى التمكين وطردوهم من الجامعات بل وجردوهم حتى من ألقابهم العلمية وأشانوا سمعتهم ولذلك حق ونحن نستنكر تصرفات هؤلاء الطلاب أن ندين بأشد عبارات الإدانة قيادات اليساريين التي رسمت هذا المسار لضرب قيم المجتمع والإساءة إلى رموزه الأكاديمية والعلمية وعلمائه الأكابر٠
نجدد رفضنا التام تنديدًا بما قام به هؤلاء الطلاب تجاه مديرتهم و نعلن استنكارنا الشديد للغة الصدام والعنف الثوري الذي يقف وراءه اليساريون بقوة وهم يحولونه إلى ثقافة مجتمع ولغة معاملات حتى ارتدت عليهم وبالًا و نكالًا كما في حالة المديرة التي هي بلا شك واحدة منهم ظلت تدعم توجهاتهم وتسير بسيرهم٠
بقى أن ننعش ذاكرة اليساريين أن مديرة جامعة الخرطوم ليست أول من تم الإساءة له في الفترة الإنتقالية فقد سبقها علماء أجلاء فضلاء في قيمة وقامة بروفيسور الأمين دفع الله وبروفيسور عبدالرحمن إبراهيم الخليفة وبروفيسور مأمون حميدة وبروفيسور إبراهيم غندور مارس معهم اليساريون أقصى أنواع التنكيل والتعذيب والاعتقال فلماذا تلوموا الطلاب وقد اسستم لمشروع الإساءة والتنكيل بقمم التعليم الجامعي في بلادي؟؟!!