السادس من ابريل

د عبدالكريم محي الدين

أصبحت السياسة السودانية حربا تمارسها الأحزاب من اجل القضاء على المنافسين على السلطة أو من اجل تكتيك تفاوضي يفضي ايضا الى المشاركة في السلطة …

فالمطلب الأوحد هي السلطة ليس خلافها إذ أن من أجلها يحل كل حرام و يحرم كل حلال و من اجلها تتخذ كل وسيلة مشروعة أو ممنوعة …

وفي عرف السياسة السودانية يموت الشعب و تبقى السلطة و في عرفها تنهار الأخلاق و تبقى السلطة و في عرفها كذلك ينتشر الممنوع من المخدرات و المهلكات و المفسدات و مدمرات العقل و القوى و تبقى السلطة فالسلطة هي الغاية و الهدف و الوسيلة و الحيلة …

و في سبيل السلطة يصير العدو حبيبا و اللص صديقا و الخائن أميناً و العميل زميلا ً و الظالم عادلا ً و المظلوم مجرماً و المتدين ارهابيا ً و المسلم متخلفا ً رجعيا ً و الملحد تقدمياً و مثقفا ً …

وفي سبيل السلطة تهدر مقدرات الوطن و اصوله و بنياته و عقوله و أرواحه و بيئته و إنسانه و بنيانه و في سبيلها تعطل كافة معامل و عوامل التنمية و كافة الموسسات التي تحفظ أسباب الحياة مثل الكهرباء و المياه و الصحة و التعليم …

وفي سبيلها يباع الشهيد و الدين و العرض و الكرامة و العفة و الطهارة و تباع الأم و الإخوان و الأخوات و الابناء و الزوجات و أرخص ما يباع من أجل السلطة هي الأمانة و جراح الوطن …

و أغرب ما يباع أجل السلطة هي الأيام الوطنية و المناسبات التاريخية المقدسة إذ أن مناسبة استقلال السودان أصبحت يوما لتتريس الشوارع و قفل الطرقات و اعتراض المرضى و إيقاف الحياة …

و أصبحت مناسبة السادس من ابريل مشروعا لاثارة الفوضى و التخريب و أصبحت يوم كريهة يفزع منه كل كريم فيخاف على نفسه من الخطف و النهب و السلب و السرقة و يخاف على ابنه من المخدرات و على بنته من الاغتصاب و على زوجته من الطلاق و على مرضاه و عجزته من الموت في الشوارع أو داخل السيارات العاجزة عن وصول المستشفيات …

ذلك قدر الشعب السوداني أن أنتج قادة تلك وسائلهم لممارسة السياسة و تداول السلطة و تلك اخلاقهم و ثقافاتهم و آدابهم في التعاطي السياسي قد أعمى الله بصائرهم عن الوسائل المشروعة و الطرق الشريفة للعملية السياسية و تلك متلازمة التقزم القيادي و الله المستعان …

          
قد يعجبك ايضا
تعليقات
Loading...