حركة النشر والكتاب فى السودان
ثقافية :
الناشر نور الهدى: عملية تزوير الكتاب من أكبر المشاكل التى تؤرق الناشر
دار عزة نشرت لجميع ألوان الطيف السياسى والثقافي السوداني
دار التوزيع المركزية تم إغلاقها منذ عهد الإنقاذ وحتى الآن
مصادرة الكتب تشبه محاكم التفتيش في القرن الحادي والعشرين
يعد نور الهدى محمد نور صاحب تجربة كبيرة في صناعة الكتاب في السودان بدءاً منذ عام 1973 في دار النشر بجامعة الخرطوم ومساعد الأمين العام لمكتبة جامعة أمدرمان الإسلامية 1973م، ثم أسس دار عزة للنشر في عام 1998 وأصدرت حتى الآن 500 عنوان في مختلف دروب المعرفة، حصل نور الهدى على الدبلوم العالي لعلوم المكتبات وكانت جامعة الخرطوم قد ابتعثته للمملكة المتحدة في الأعوام 1983م- 1984م وكان يعمل في دار جامعة الخرطوم للنشر الى أن أحيل للصالح العام في 1991م
اليوم التالي: محمد إسماعيل
عن فكرة تأسيسه لدار نشر، يقول ضيفنا: كانت عبارة عن حلم يراودنا في معتقلات الإنقاذ 89 – 90 كنت على ثقة بأنني وصديق العمر محجوب شريف شاعر الشعب بأننا سنتعرض للفصل من الخدمة وكنت لا أعرف مهنة غير الكتاب والنشر ومحجوب شريف لا يعرف مهنة غير أن يكون معلماً فكنا نتحدث عن ما بعد الاعتقال فخطر بالبال أن ننشئ دار نشر، وكنا نتسامر في ليالي السجن الطويلة عن المكان والاسم ومن سيتعامل معنا من الناشرين داخل وخارج السودان ومن يرفض.
علق اسم بالذاكرة من خلال ترديد المعتقلين اسم السيدة عزة محمد عبدالله والتي أصبح اسمها رمزاً للسودان والوطن وذخر الثورة ضد الاستعمار، ورسخ الاسم بالذاكرة.
بعد خروجي من المعتقل تم فصلي من العمل بالجامعة باسم الصالح العام، وعملت سائق تاكسي بالخرطوم لعدة سنوات، وبعد ذلك أسست دار عزة للنشر عام 96 وكان مقرها بأمدرمان غرب حديقة الموردة معي شقيقتي نجوى محمد نور الهدى، وابنة أختي ناريمان أحمد إبراهيم، ثم انتقلت الى موقعها الحالي عام 2001م،
وشاركت دار عزة في عدة معارض كتب عربية، مثل معرض القاهرة للكتاب، معرض مسقط، معرض الرياض، معرض أبوظبي، إضافة إلى معارض أخرى كالشارقة وقطر، وفرانكفورت، ولندن.
حول اختياره لدراسة علوم المكتبات يقول:
تختلف أنواع الكتب التي تنشرها دار عزة وهي تشمل جميع الميادين تقريبا، وفي هذا السياق يقول: نشرت عزة حتى اليوم 630 عنوان أولها ديوان ليل المغنيين للدوش، والسنبلاية لمحجوب شريف، وهي أكثر دور النشر السودانية عدداً في منشوراتها. وتصل نسبة الكتب الأدبية بأنواعها إلى 30 بالمائة، والكتب السياسية تصل إلى حوالي 20 بالمائة، و10 بالمئة للكتب التاريخية، والباقي أي نسبة 40 بالمائة لكتب الدراسات والبحوث والفكر والتوثيق والمؤلفات الأسلامية.
مزاج القارئ السوداني:
وعن الكتب التي يميل اليها القارئ قال نور الهدى: (القارئ السوداني مهتم بالكتاب السياسي، ثم التاريخي والرواية والشعر والفترة الأخيرة حصلت بعض التغيرات في مزاج القارئ السوداني، فقفزت الرواية إلى صدارة المشهد وباتت الأكثر قراءة، وهذا يعود إلى الجوائز الأدبية التي لعبت دوراً كبيراً في هذا الصدد. جوائز مالية مغرية للأدباء والناشرين على حد سواء مثل جائزة الطيب صالح والبوكر.
. يحدثنا ضيفنا عن العوائق والعقبات التي تواجه الناشر السوداني قال: عدم وجود دار توزيع تقوم بتوزيع الكتاب في أنحاء السودان ومدنه بعد أن تم إغلاق دار التوزيع المركزي في عهد الإنقاذ وحتى تاريخه .
وأيضاً تم إغلاق عدد كبير من أكشاك بيع الصحف في الخرطوم بحجة تجميل العاصمة، فالأكشاك موجودة حتى في لندن وباريس، واختفت الكثير من المكتبات مثل مكتبة سودان بوكشب وهي أول مكتبة في تاريخ السودان 1902م- ومكتبة النهضة، والمكتبة الأهلية، فالوضع الاقتصادي ألقى بظلاله على الكتاب بالإضافة الى ارتفاع في مدخلات الطباعة هذا فوق احتمال الناشر والمؤلف.
أما عن المصاعب التي تواجه الناشر السوداني فيرى أن عملية تزوير الكتاب من أكبر المشاكل التي تؤرق الناشر، وذهب مدير دار عزة إلى القول: إن تزوير الكتاب أصبحت مشكلة تؤرق الناشر والمؤلف الأمر الذي من شأنه تهديد صناعة النشر، موضحاً أن الكتاب المزور يأخذ نفس شكل ومحتوى الكتاب دون حقوق طبعه ونشره ويتكسب أضعاف الناشر الأصلي للكتاب.
لأنه يباع بسعر زهيد، وهنالك دولة مجاورة تعد من أكثر البلدان التي تتم فيها عملية تزوير الكتاب، والسودان يعتبر أكبر وكر لاستهلاك الكتاب المزور، وأن الذين يقومون بتزوير الكتاب معروفون لدى الجهات الرسمية.
يرى الناشر نور الهدى أنه من الضروري تفعيل السلطات لقوانين معاقبة المزورين، وكذلك تفعيل إجراءات حماية الملكية الفكرية وتخصيص محاكم للنظر فيها، تزوير الكتب صار اليوم مشكلة لا تُحتمل، فالكتاب المُزور يباع بنصف أو ثلث سعر الكتاب الأصلي، وهذا يتسبب في إفلاس الناشر والمؤلف معاً.
ويواصل حديثه عن مستقبل الكتاب بشكل عام فيقول: دون مناخ يكفل حرية التعبير وحرية الإبداع، ودون ديمقراطية حقيقية، يصعب تصور أي مستقبل ليس فقط للكتاب، بل للمواطن ذاته، وجل ما أراهن عليه الآن هو المبدع السوداني الذي تنبع موهبته من تلاقح حضارات عديدة، لذلك اهتمت دار عزة بديمقراطية المعرفة والتي جعلنا شعاراً لنا في أول إصدارة وأول منشور تأسيس لعزة، اعتبار أن الحرية واختلاف الرأي وتعدد الأفكار يساعد في تطوير السودان ويقودنا الى احترام الرأي والرأي الآخر، وما زلنا نسعى في هذا المجال وقد نشرنا لكل أبناء أقاليم السودان، بالإضافة الى الاهتمام بأدب المرأة والتي وجدت حظها من النشر في دار عزة.
زمن الإنترنت:
ويقول نور الهدى عن المنع ومصادرة الكتب: المعرفة اليوم متاحة لأيٍ كان في أي مكان بفضل ثورة التكنولوجيا، وما يمنع على أرض السودان يصل إلى الناس عن طريق الإنترنت، في زمن الإنترنت مستحيل المصادرة، لأن كل المؤلفات التي تتم مصادرتها يتم نشرها.. ووصف مصادرة الكتب ما يحدث بمحاكم التفتيش في القرن الحادي والعشرين.. ويرى أنها فكرة غبية لأنه لا أحد يمتلك حق تحديد ما يصلح للنشر، أو ما لا يصلح.
ألوان الطيف السياسي:
أكثر الاتهاماتْ التي ظلت ملاحقة لنور الهدى ودار عزّة، أنّها تنشر للكتاب والمؤلفين اليساريين، وأنها تأسست من مال الحزب الشيوعي السوداني، قال: لا الحزب الشيوعي، ولا غيره دفع قرشاً واحداً لعزة، إن دار عزة نشرت لجميع ألوان الطيف الفكري والثقافي والسياسي السوداني حيث نشرت لمحمد إبراهيم نقد الشيوعي، ولحسن مكي الإسلامي.
وسألناه عن أن حركة النشر حديثاً تتجه وبقوة في اتجاه أدب الشباب وهناك أسماء كبيرة تراجعت؟
أرجع ذلك الى أن بعض كتابات الشباب في الرواية لأنها تعتمد على المواضيع االجريئة التي تتناول المسكوت عنه في المجتمع االذي لا يتخيل القارئ أنه من الممكن أن يقوم أحد االكتاب بالكتابة عنه.
وحول مواصفات الناشر الناجح يقول: هو الذي يستطيع أن يكسب ثقة القارئ والمؤلف وأن يهتم بتجويد الطباعة والإخراج الفني للمطبوع وأيضاً التعدد والتنوع في المواضيع.
وألقينا له بهذا السؤال: الكتاب المطبوع والكتاب الإلكتروني صراع أم تكامل
فأجاب: أصبح الآن بإمكان الجميع قراءة محتويات الكتب على أجهزة الحاسوب المحمولة وعلى الرغم من ذلك فإن كلا النوعين الكتب الورقية والإلكترونية فائدته كبيرة ومميزاته لا تُعد، لا ينبغى أن نخشى الكتاب الإلكتروني، ولكن ينبغي أن يتركز جهدنا على الحفاظ على علاقتنا بالقراءة أياً ما كان نوع الكتاب.. فالكتب وسائط متوافقة للمعرفة سواء كانت ورقية أو إلكترونية.
وبخصوص استرداد عضوية السودان في اتحاد الناشرين العرب قال: بحمد لله تم استرداد عضوية اتحاد الناشرين العرب وأصبح اتحادنا عضواً كامل العضوية ولدينا ممثل في اللجنة التنفيذية لاتحاد الناشرين العرب، وأيضاً لنا عضوية كاملة في اتحاد الناشرين العالمي، هذا يساعد الناشر السوداني المشاركة في كافة المعارض الدولية وحضور الندوات والسمنارات في كل أنحاء العالم، بالإضافة الى إمكانية التدريب والتأهيل للناشر السوداني.
ويواصل حديثه لحلول جذرية لمشكلة النشر في السودان فيقول: رفع القيود عن تكلفة الطِباعة والضرائب والجمارك والرسوم، أي الجبايات بأسماء مختلفة، إنشاء شركة توزيع تقوم بتوزيع الكتاب في جميع أنحاء السودان، أقترح قيام معارض للكتاب في كافة أقاليم السودان طيلة السنة وعدم الاكتفاء بمعرض الخرطوم الدولي للكتاب، تخصيص منطقة شارع النيل لقيام مكتبات يضم مجموعة من الوراقين الذين يعرضون الكتب على أرصفة بالاشتراك مع اتحاد الناشرين.