الطوارئ الاقتصادية.. ما بين التخبط والتعميق في حل الأزمات

لم يخف على السودانيين المشكلات التي تواجه اقتصادهم وكذلك زيادة حجم معاناة المواطنين نسبة للتخبط الذي ما زالت تبديه الحكومة على الصعيدين الاقتصادي والسياسي من قرارات وسياسات، وكانت في نهاية الأسبوع المنصرم، تمت إجازة تكوين أحد عشر لجنة فنية متخصصة من قبل اللجنة العليا للطوارئ الاقتصادية، مراقبون واقتصاديون يتفقون على أن المهام الموكلة لعمل هذه اللجان هي مهام وزارات، وبالتالي هذا دليل على المزيد من التخبط الاقتصادي وتعميق أكثر للأزمة، ويرى آخرون أن أداء أي لجنة هو الذى يقودها إلى تحقيق الأهداف لذلك لابد من وضع مؤشرات وضوابط تقييم الأداء لهذه اللجان لأنها تكونت لتقوم بمهام ذات تأثير فعال في إدارة اقتصاد السودان.
وبذلت لجنة الطوارئ الاقتصادية بقيادة النائب الأول لمجلس السيادة مجهودات كبيرة في الفترة الماضية لتذليل المعضلات التي تقف أمام دوران حركة التنمية والإنعاش الاقتصادي، وهذا ما تحققت بعض مخرجاته في زمن وجيز، ومن أهمها انخفاض أسعار الخبز بحسب ما قاله الناطق باسم تجمع المخابز عصام عكاشة الذي أعلن عن اتجاه لمراجعة تكلفة صناعة الخبز لتتماشى مع انخفاض أسعار الدقيق الأخيرة، وقال (لسونا) إن نزول الدولار له تأثير إيجابي على أسعار الدقيق وبالتالي أسعار الخبز.
وأشار للانخفاض الذي طرأ على أسعار الدقيق حيث وصل سعر الجوال زنة 50 كيلو الى 26 ألف جنيه بدلاً عن 30 ألف جنيه، وأضاف أنه بموجب انخفاض أسعار الدقيق يكون هنالك انخفاض في أسعار الخبز، وقال إن الزيادة في أسعار الغاز، الكهرباء، الجازولين، المياه، الجبايات والعمالة لها أيضاً تأثير على أسعار الخبز.
ويرى خبراء أن لجنة الطوارئ الاقتصادية اعتمدت على خطوات عملية وسريعة لتطويق الأزمات ورغم الحصار الذي لا تزال تعاني منه البلاد إلا أن مردودات السياسات الاقتصادية بدأت تؤتي ثمارها بفضل مجهودات ومتابعات الفريق أول محمد حمدان دقلو النائب الأول لمجلس السيادة ورئيس اللجنة، ويقول المحلل الاقتصادي محمود زين العابدين إن الأزمة التي تمر بها البلاد هي عبارة عن تراكم فواتير سابقة من سياسات اقتصادية مختلة أورثت البلاد فشلاً ذريعاً في إدارة الموارد بجانب الحصار الغربي الذي أنهك البنيات التحتية وساهم في تدمير المشاريع القومية، وامتدح زين العابدين مجهودات اللجنة الاقتصادية والتي تمكنت من كبح جماح الدولار بعد أن تجاوز حاجز الـ٨٠٠ جنيه في أيام معدودة، وأضاف أن اهتمامات الفريق أول محمد حمدان دقلو بالقضايا القومية أسهم بمعرفته عن الاحتياجات الأساسية لتلك المشاريع فعمل على زيارة مشروع الجزيرة ووقف على الاحتياجات العاجلة وتم توفير معينات الحركة للمشروع بعدد من السيارات للعمل الميداني داخل المشروع، وأعقب ذلك الزيارة المهمة لميناء بورتسودان والوقوف على أسباب ضعف الأداء بالميناء والتكدس الذي انعكس في بطء حركة السفن من وإلى السودان، بجانب الدعم لهيئة السكك الحديدية بعدد من السيارات، وهذا يؤكد أن الاهتمام كان ينصب على تعزيز قدرات تلك المؤسسات الإنتاجية للقيام بأدوارها والتي تنعكس إيجاباً على حركة الاقتصاد الكلي للبلاد.
تكوين لجان
وعقدت لجنة الطوارئ الاقتصادية برئاسة نائب رئيس مجلس السيادة الفريق أول محمد حمدان دقلو “حميدتي”، اجتماعها الدوري بالقصر الجمهوري أمس بحضور عضو مجلس السيادة مالك عقار إير.
وأوضح وزير الثقافة والإعلام المكلف، الناطق الرسمي باسم اللجنة د. جراهام عبد القادر في تصريح صحفي، أن الاجتماع أجاز تكوين أحد عشر لجنة فنية متخصصة، شملت لجنة قضايا الإنتاج، لجنة قضايا الطاقة والمعادن، لجنة قضايا الصادر والوارد، لجنة الإصلاح الضريبي الجمركي، لجنة قضايا الهيئات والشركات العامة الحكومية، لجنة خفض معدلات التضخم واستقرار سعر الصرف، لجنة معالجة الخدمات الأساسية من صحة، مياه وتعليم، لجنة تنفيذ الشراكة بين القطاعين العام والخاص ولجنة قضايا الإعلام.
تنفيذ القرارات
وقال الناطق الرسمي باسم لجنة الطوارئ الاقتصادية، إن الاجتماع اطمأن على موقف تنفيذ قرارات اللجنة الاقتصادية الصادرة في السادس من مارس ٢٠٢٢م، خاصة المتعلقة بتأمين انسياب المواد البترولية. وسعر الصرف وقضايا التيار الكهربائي، مشيراً إلى أن اللجنة وجّهت باستعجال تنفيذ القرارات التي لم يتم تنفيذها، وأضاف د. جراهام، أن الاجتماع استمع إلى تقرير حول موقف تنفيذ مصفوفة قرارات اللجنة الاقتصادية المتعلقة بموانئ ولاية البحر الأحمر، واطمأن على النتائج الإيجابية المترتبة عليها ومعالجة كافة المطلوبات التي لم يتم تنفيذها.
مهام وزارات
فيما يقول عضو اللجنة الاقتصادية بالحرية والتغيير كمال كرار إن لجنة الطوارئ الاقتصادية هي جزء من الأزمة الاقتصادية الراهنة، مشيراً إلى أن كل القرارات التي أصدرتها من قبل أودت الاقتصاد إلى الهاوية، ويخشى من إضافة أعباء على الاقتصاد من خلال اللجان المقترحة، ويؤكد في تصريح لـ(اليوم التالي) أن المهام الموكلة لها هي مهام وزارات وبالتالي هذا دليل على المزيد من التخبط الاقتصادي وتعميق أكثر للأزمة، واستصحب قائلاً: (إذا أردت قتل موضوع معين فشكل له لجنة)، ويرى أن هذا بالضبط ما يفعله الانقلابيون، ويضيف أن الأزمة الاقتصادية من الأزمة السياسية وما لم يسقط الانقلاب فالأزمة ستراوح مكانها.
الحلول الجذرية
يرى الباحث الاقتصادي الدكتور هيثم محمد فتحي أن هذه خطة وزارة تحتاج إلى (5) سنوات لمعالجة الإخفاقات، ووزاد: لا أعتقد أن اللجان ممكن أن تؤدي الغرض لمدة 6 أشهر خاصة أن اللجنة مدتها تلك الفترة، وكنت أتوقع أن يكون للجنة الطوارئ الاقتصادية حلول عاجلة آنية سريعة لحل المشكلة حلاً مؤقتاً وليس جذرياً، وقال لـ(اليوم التالي) الحلول الجذرية دائماً تأتي عبر الوزارات والخطط والقوانين والمسودات والمنشورات، وتابع قائلاً: اللجان مهمتها وضع حل سريع للأزمات، وذكر أنه من خلال اللجان المذكورة فهذه تعتبر خطة لحكومة كاملة.
تحقيق الأهداف
ويضيف د. هيثم أن أداء أي لجنة هو الذى يقودها إلى تحقيق الأهداف لذلك لا بد من وضع مؤشرات وضوابط تقييم الأداء لهذه اللجان لأنها تكونت لتقوم بمهام ذات تأثير فعال في إدارة اقتصاد السودان، وأوضح أن أداء مثل هذه اللجان يحتاج إلى قدر كبير من التدقيق والرقابة المبنية على أسس صحيحة، وحدد عمل اللجان إلى نوعين منها لجان مستمرة، ويفيد بأن هذه تزيد مدتها على ستة أشهر بجانب أنها تجتمع بصفة دورية منتظمة بمعدل جلسة كل أسبوع على الأقل، وأشار إلى لجان مؤقتة، وهي التي لا تتدخل في عداد اللجان المستمرة، ويحدد نوع اللجنة القرار الصادر بتشكيلها، فإذا لم يتضمن القرار تحديداً لنوعها اعتبرت من اللجان المؤقتة.

          
قد يعجبك ايضا
تعليقات
Loading...