هل من قبطان ماهر يساهم مع آخرين إنقاذ سفينة السودان؟

رشيد المهدية / كندا

أخاف أن نكون قد إستسلمنا لاوهام “بعض الساسة” وأتباعهم بأن “ماضينا” للفترة التي أعقبت الإستقلال كان “نوعي” وأن سفينة الوطن المنشود قد اصبحت بفضل ذلك وبتضحيات الثورات المجيدة على بعد اميال قليلة من بر الامان …
واننا مقبلون على واقع ” بتروسه وصابنها والرهيفة تنقد” ، ، ، الواقع ، العزيز الغالي ،،، ” مدنياووو …”
وهو واقع من وجهة نظري يعبر عنه القول الماثور ” وجارية تجري وليس لها أرجل ،،، وفي بطنها حمل وليس لها بعل ،،، إذا عطشت عاشت وعاش جنينها ،،، وإذا شربت ماتت ومات لها الحمل … ” !

واقع إنتهى بنا ونحن نسعى جاهدين الى شاطي آمن ” لأمم ” شكلها “المستعمر كما شاء” ،،، في “أرض واسعة” وعلى غرار الحاسوب المصنوع من عدة قطع من مصادر تفتقر الى التجانس المطلوب والجودة في “التماسك البنيوي ، كحال” “Prefab PC” ، واقع ،،، أمم بدولة تبحث بلا مبالاة أو رؤية وآضحة عن الغد المشرق باي شكل كان ،،، فاصبح إيقاع حياتها ” بإختيارها ” محكوم ” بالحسرة” على الأمس والمقارنة بالأمس الذي توفاه الله …

الامس الذي اجهض فيه ” بعضنا” ،،، أشواقنا لتاسيس ديمقراطية انموذج كان من المفترض انها قد إزدهرت لو تركوها تنمو ودعموها برؤية “إستراتيجية” ،،، تستصحب التباين الإثني والثقافي وتستشرف المستقبل …

لذلك ” ورثنا ” اليوم ،،، دولة ،،، لا هوية لها ولا دستور لها . . . وورثنا معها “قادة سياسيين” ، نعم أن “معظمهم ” عرفوا بالنزاهة وحسن الخلق والتواضع والوطنية ، إلا أنهم “فشلوا” في ان يقدموا لنا ، مشروع إستراتيجي لدولة ،،، قوية قادرة على التغلب على “مجاهدة” مرحلة ” البريفاب” والإرتقاء بها الى مرحلة الجودة في بناء الامم الناجحة !
فاصبح “نجاح” الامس ، بالعاطفة ،،، عاتيا
وبالوفاء لخلقهم وحسن طباعهم ،،، عظيما ،
ولسهولة طبيعة الحياة على المستويين الإقليمي والدولي ، وقلة التحديات “حينذاك” ، ، ، اعمق أثرا !

…فورثنا ما نحن به من فوضى دولة !

وصدق ( لو هولتز) الذي قال “لو ان ما فعلته بالامس ” يبدو ” عظيماً ، فهذا يعني انك لم تفعل شيئاً اليوم ” . . . !

هولتز ، الذي حركني كلامه وأشعرني وكانما يعنينا بقوله ،،، لأنني حقيقة ، لا افهم ،،، لماذا نتمسك بنهج الأمس وفكر الامس وسياسات الأمس ؟
ولماذا ، لا نفكر حتى في التعلم من التجارب الناجحة المتاحة في العالم ، تحديدا ” العالم المعاصر ، عالم اليوم ؟

ولماذا ، نعيد “تدوير ” إستخدام نفس الحلول والسياسات التي اكدت فشلها في مواجهة نفس المشاكل والتحديات بالأمس القريب ؟

لقد فقدنا السيطرة على اراضينا وإحتكرنا الإستخدام المشروع للقوة وتوازناتها فيما بيننا … وظللنا نعمل على تأكل السلطة الشرعية وتقويض القرارات الجماعية الهادفة … بنهج الذاتية المطلقة … نستخدم اللاجئين والهجرة الداخلية غير المقننة المهددة للامن والتعايش السلمي وقبول وإحترام الآخر في دهاليز قرارتنا المستقلة المعنية بحقوق الامة ومصالحها بالمماطلة تارة وباللامبالاة تارة أخرى وبغباء نحسد عليه … !
فاسسنا دولة “الزول” ،،، دولة تحيط بها السذاجة من على يمينها ومن على شمالها ومن فوقها وبجدارة من تحتها !
فاجبرنا ذلك الواقع المزريء على ان نتساءل ؟
لماذا نحن كذلك؟
لماذا نبدو سذج ؟

لماذا نحن دولة هشة … ومجتمع متفكك ،،، وإثنيات مشحونة بالغل وكره الآخر والخوف من الآخر؟ لماذا أصبحت بعض مكونات دولتنا المرتجاة “حملة سلاح ومرتزقة وفاقدي الضمير ” نمهد لهلاكنا ونهدد جيراننا والأمن والسلام الدوليين …

لماذا أصبحنا دولة لا تملك القدرة على اتمام وظائف إدارة حكم … إدارة إقليم او حتى شغل منصب هام !
دولة، تعاني من ازمات متفاقمة على كافة الصعد السياسية والإقتصادية والإجتماعية كل يوم …
دولة ينهش “الفساد” السياسي والمالي ثرواتها وهويتها وقيم إنسانها الفاضلة على مدار الساعة …

دولة هى بالأحرى ،،، لا زالت في طور التكوين ،،، لأن من صنعها لم يكمل البناء وفشل “مهندسيها ” اللاحقين إكمال بنائها لان قلوبهم شتى ومصالحهم شتى ،،، مبتلين بضيق الافق و إرتفاع نسبة الجهل المنتشر مثل “الباعوض” في ريفها وحضرها وحتى بين من نالوا قسطا مناسبا من التعليم من أبنائها “القلم ما بزيل بلم” … !

هل حلم بناء دولة “حدادي مدادي”، على الورق وعلى المسارح الوطنية وتحت قيادة تجار الحروب ومحترفي الإستئثار بالحكم والسلطة ، ممكنة؟
هل إدارة شئونها إذا إستمرت على ما هى عليه ، ممكنة؟
هل نملك الأدوات لمعالجة سلبيات الإستقطاب السياسي الراهن وقبح الارث الحوكمي وتمدد الفكر العدائي والإثني ؟
هل كان السودان دولة ام كان مشروع دولة؟

ما هو الانسب لسكان هذه الاراضي المترامية الأطراف، حكم فيدرالي ام كونفيدرالي أم إتحاد دول ومقاطعات مستقلة تجمعهم المصالح المشتركة كما هو الحال بروسيا ودول الاتحاد الاوربي ومجلس التعاون الخليجي ودول بقايا يوغسلافيا السابقة ؟

هل نجحت السياسات المتعلقة بالمحاصصة والتمييز الإيجابي حل مشاكل مجتمعات اخرى مماثلة او غير مماثلة اكثر نموا وإستقرارا وأعتى إقتصادا ؟

للراحل “جون قرنق” احد قادة دولة جنوب السودان قول لا يمكن تجاوزه ونحن نتحدث في هذا الإطار، لقد قال ذات مرة؛ “لن تخلق المسيحية دولة مستقرة ولا الإسلام “المسيس لغايات” ولا يمكن بناء دولة بمفهوم اللغة ولا بمفهوم إقصاء اي من الإرث الثقافي العربي او غيره ، وإنما فقط “بالسوداناوية ” التي من وجهة نظره ،،، الأنجع لتوحد الناس وهى الحل لبناء الدولة المنشودة” …

،،، نعم ،،، كان ذلك منذ عقد او إثنين امر ممكنا ولكن معطيات اليوم ،،، تفرض ،،، مقاربة اكثر واقعية لان “السودناوية” ،،، إستندت الى مفهوم دولة “البريفاب- PREFAB ” ،،، والتي ما عادت تستوعب ، إرث الامس الذي يزداد تعقيدا كل يوم في ظل “تحور” تحديات الساعة بتوقيتها “الدولي” …

تحديات اليوم ،،، تفرض “طلاق بالثلاثة” ،،، للممارسة السياسية المدفوعة بالعاطفة و “تيك توك” حماس الناشطين السياسيين وطوباوية القيادات السياسية الراهنة التي وضح انها مفعمة بثقافة “البيئة” المحلية التي لم تبرح مكانها ” cultural status quo ” لعقود …

          
قد يعجبك ايضا
تعليقات
Loading...