عودة الإسلاميين للمشهد السياسي

المعز حضرة: انقلاب 25 أكتوبر مهد لعودة الإسلاميين
فلسطيني: الحرية والتغيير هي التي مهدت لعودة المؤتمر الوطني بالقرارت التعسفية
عبد الناصر الفكي: الانقلابيون يستغلونهم كحصان طروادة في مقابل القوى الثورية
الخرطوم: الخواض عبدالفضيل
تجدد الجدل في السودان حول “عودة” الإسلاميين للحكم على خلفية إطلاق سراح رئيس حزب المؤتمر الوطني المحلول إبراهيم غندور المتهم في قضايا تتعلق بتقويض السلطة الانتقالية.
وتعالت في الآونة الأخيرة الأصوات المحذرة من محاولات الإسلاميين “أنصار نظام عمر البشير” للعودة إلى الساحة السياسية مستثمرين الفراغ السياسي والأزمة المتفاقمة والتغيرات الإقليمية في التعاطي مع ثورات الربيع العربي.
ومنذ قرارات الجيش في الخامس والعشرين من أكتوبر العام الماضي، سُمح للكثير من حلفاء الرئيس المخلوع عمر البشير بالعودة إلى الخدمة المدنية، بينما أُخرج آخرون من السجون في محاولات لفتح الباب لعودتهم إلى المشهد السياسي وتشكيل حكومة مدنية حسب ما أعلن البرهان تضم كل الأطياف السياسية عدا المؤتمر الوطني وطمأنة المانحين.
وتأتي عودة الإسلاميين، الذين حكموا السودان في عهد البشير قبل الإطاحة به في انتفاضة شعبية في 2019، وسط أزمة اقتصادية متفاقمة واحتجاجات مستمرة في الشوارع تطالب بالرجوع إلى الحكم المدني.
ومؤخراً، أعلن أعضاء بعدة جماعات إسلامية منها حزب المؤتمر الوطني عن تدشين (التيار الإسلامي العريض)، في إشارة إلى عودتهم الرسمية إلى الحياة السياسة. ويرى مراقبون أن حاجة البرهان لحاضنة سياسية بديلة لقوى الحرية والتغيير، هي ما يدفعه للجوء والاستعانة بالإسلاميين وخاصة أعضاء المؤتمر الوطني لمواجهة التيارات اليسارية التي كانت تسيطر على السلطة خلال الأعوام الثلاثة الماضية من عمر الفترة الانتقالية، وأشار المراقبون إلى أن الإسلاميين استفادوا من فترة الـ30 عاماً في الحكم لتأهيل كوادرهم لإدارة دولاب العمل في الدولة، معتبرين أنهم سيحاولون العودة إلى قيادة أجهزة الدولة عبر لافتات مختلفة.

المعز حضرة: انقلاب 25 أكتوبر مهد لعودة الإسلاميين
وبحسب القيادي بالحرية والتغيير الأستاذ والقانوني المعز حضرة لـ(اليوم التالي) أن انقلاب 25 أكتوبر مهد لعودة الإسلاميين من جانب اللجنة الأمنية للنظام البائد، على حد قوله وخاصة المؤتمر الوطني، وأضاف: حسب الوثيقة الدستورية وقانون تفكيك نظام 30 يونيو هو المؤتمر الوطني محظور من العمل ولا يجوز له مباشرة العمل مرة أخرى، ذلك إذا كان هنالك دولة ويجب فتح بلاغ في من يصرح باسم المؤتمر الوطني، ما حصل عقب الانقلاب هو عمل واضح لعودة الإسلامويين.
وتابع: إن حديث الهادي إدريس عن عدم وجود خلافات مع الإسلاميين يخصه هو ومسؤول عنه، خاصة وأن الشعب السوداني قال كلمته في الإسلامويين والمؤتمر الوطني وخرج كل الشعب ضد هذا النظام الإسلامي وستستمر الثورة لاقتلاعهم، وإذا كان الهادي إدريس وهو معهم الشارع سيقتلعهم هو والفلول من النظام السابق والثورة مستمرة حتى تحقق أهدافها. وزاد: إن ظهور الإسلاميين في المشهد السياسي السوداني لا يعد من أعمال الممارسة الديمقراطية لأنهم عندما كانوا في السلطة أتوا اليها بانقلاب يحاكمون به الآن لم يأتوا بممارسة ديمقراطية، بل بانقلاب قتلوا به الشعب السوداني بما يقارب أكثر من (200) ألف في دارفور وغيرهم في جبال النوبة وآلاف في مناطق السودان المختلفة، بالتالي عودتهم ليست ديمقراطية لأنهم لا يعرفونها، بالتالي المؤتمر الوطني هو حزب محظور بنص القانون حسب الوثيقة الدستورية.
فلسطيني: الحرية والتغيير هي التي مهدت لعودة الموتمر الوطني بالقرارات التعسفية
من جانبه قال الأمين الإعلامي والثقافي للمؤتمر الشعبي الأستاذ عوض فلسطيني: من الناحية الواقعية والتعاطي السياسي الإسلاميون هم ركن أساسي في السياسة السودانية غض النظر عن من هم الإسلاميون وزاد: عقب انتفاضة ديسمبر الحرية والتغيير سوقت ليكون الإسلاميون في سلة واحدة وقامت بشعارات تحمل (كل كوز ندوسو دوس)، كل ذلك أدخل فيه وطني شعبي والإصلاح الآن والعدالة وكانت نيتهم في تجريم الإسلاميين، لكن هذه الخطة فشلت، مضيفاً أن الإسلاميين ليسو كلهم المؤتمر الوطني الذي قامت عليه الثورة، وتابع: هنالك قوى إسلامية أخرى مثل المؤتمر الشعبي خاصم الوطني (20) عاماً وقدم أفراده تضحيات في سبيل ذلك وقدموا نقداً ذاتياً لتجربة الشراكة معه، بجانب عملهم في المعارضة كان قوياً للغاية جعل المؤتمر الوطني يراجع حساباته.
وأوضح فلسطيني أن الحرية والتغيير وضعت الإسلاميين في سلة واحدة وأحسبها خطة فاشلة نتج عنها عدم المقدرة على إقصاء الإسلاميين من المشهد السياسي وبدلاً عن ذلك تم اتخاذ إجراءات انتقامية، وأصبحت الفترة انتقامية بدلاً عن انتقالية” هذا ما جعل لجنة إزالة التمكين تعمل بغير فعل قانوني منظم خاصة في فصل الموظفين والعاملين بالدولة ونزع الأموال والأراضي، كانت قرارات وليست أحكاماً قضائية أو قانونية، بل صودرت بقرارات سياسية.
مضيفاً بعد قرارات الجيش رجع كل من فصل بقرارات قضائية لذا لا مجال هنا للحديث عن عودة مؤتمر وطني أو إسلاميين حكم لهؤلاء كأشخاص وأفراد ظلموا بواسطة لجنة إزالة التمكين بقرارات سياسية، ولفت الى أنه إذا كان تم فصلهم بحكم قانوني على الإقل كان حفظ حق الشعب السوداني.
وتابع قائلاً: الحرية والتغيير هي التي مهدت لعودة الإسلاميين وفلول المؤتمر الوطني بالإجراءات التعسفية التي اتخذتها لجنة إزالة التمكين بالتالي بعد انقلاب 25 أكتوبر أصبح الباب مفتوحاً بعد إلغاء قرارات لجنة إزالة التمكين والحرية والتغيير ويعودة كل المفصولين الى مؤسساتهم ويأتي تمكين جديد.
وأشار الى أن عودة هؤلاء لا تحتكم الى أي عمل ديمقراطي لأن العودة كانت ببطلان قرارات لجنة التمكين، وتابع أن فصل هؤلاء وعودتهم مرة أخرى زادت (الطين بلة) لأنه لم يترك مساحة لقضاء شفاف وعادل ولم يترك لديمقراطية شفافة يكون فيها حكم الشعب للشعب أبعد الإسلاميين من السلطة وزاد: أن ما تمر به البلد من انسداد أفق في الحل يحتاج الى حوار سوداني يشمل كل الكيانات دون استثناء عدا المؤتمر الوطني بحكم أنه حزب منقلب عليه وطبيعي في الفترة الانتقالية ألا يشرك عند الانتخابات وأضاف: ما تمر به البلاد لا يمكن الخروج منه إلا عبر تسوية سياسية تجتمع فيها كل القوى السياسية دون استثناء والحديث عن مآلات الوضع وإكمال ما تبقى من الفترة الانتقالية التي تبقى منها القليل منوهاً أن أي حديث عن تمديد الفترة الانتقالية أو يصفر العداد دون تسوية سياسية يصبح ليست له علاقة بالفترة الانتقالية ويصبح تطاول حكم العسكر والبحث عن شمولية جديدة بعيدة عن إرادة الشعب وبعيدة عن الديمقراطية.
أزهري بشير: الإسلاميون لم يبارحوا السلطة
أما الباحث في العلوم السياسية دكتور أزهري بشير فقال في سياق حديثه لـ(اليوم التالي) إن السودان يواجه تحديات جسيمة منذ ما قبل وبعد الاستقلال، والمشكلة تكمن في النخب السياسية، والأحزاب التقليدية، بالإضافة للحزبين الإسلامي واليساري الاشتراكي، علماً بأن هذه الأحزاب وهؤلاء النخب السياسية، لم يستطيعوا أن يقدموا للشعب السوداني ما يقنع من إنجازات، وقيم وذلك لفشلهم في وضع دستور دائم وثابت متوافق عليه وفق التنوع الثقافي والاجتماعي الإثني السوداني الأصيل، وبالتالي فاقد الشيء لا يعطيه، وكل الذي يحدث الآن ما هو الا إعادة السيناريو القديم، وأضاف: هذه الأحزاب تحتاج إلى تغيير في جلدها.
أما الإسلاميون فهم (حزب الأمة أو الأنصار – حزب الاتحاد الديموقراطي أو الختمية – الحركة الإسلامية أو المؤتمر الوطني – الأحزاب اليسارية، الشيوعي، البعث) وللأسف كل هذه الأحزاب شاركوا في عدم تقدم وتطور السوداني، أما الحركة الإسلامية أو المؤتمر الوطني فهم أصلاً، لم يبارحوا السلطة، هم موجودون في الساحة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية السودانية، وبالتالي فإن ثورة ديسمبر جاءت وفق برنامج مخطط وممنهج، ساهمت فيه عدة جهات، بتوجيه المتظاهرين والثوار الى ساحة الاعتصام أمام القيادة، مما أدى ذلك الى خلع البشير، ونظامه حكومة الإنقاذ الوطني.
وبالتالي لم يتم التغيير، والإسلاميون موجودون، كما هو الحال وجود حزب الأمة والاتحاد الديمقراطي، الشيوعي، والبعث العربي.
المشكلة: أولاً أن الشارع السوداني يعاني أصلاً من خداع النخب السياسية، ثانياً: عدم وجود دستور ثابت متفق عليه، ثالثاً: لم يجتمع الساسة والأحزاب على كلمة سواء، وفق برنامج وخطة واضحة، رابعاً: الأطماع الخارجية والمستعمر البريطاني الذي خلف وراءه وكلاء، ومنهم النخب السياسية، وبعض الأحزاب، وبعض الشخصيات التي تسمى بالوطنية، خامساً: التدخلات الخارجية من دول الجوار والدول العربية وأمريكا والغرب، ولن يتم التغيير إلا بتغيير ما بالنفس من غل، وخلافات ونزاعات سياسية واقتصادية.
ويرى أن الحلول تمكن في – وضع دستور دائم وثابت متوافق عليه وفق التنوع الثقافي والاجتماعي الإثني السوداني الأصيل – تشكيل حكومة انتقالية متوافق عليها وفق التنوع الثقافي والاجتماعي الإثني – اتفاق جموع الشعب السوداني والالتفاف حول القاسم أعظم وهو وحدة السودان وشعبه، أما تحقيق الديمقراطية فالشعب السوداني يحتاج إلى عملية جراحية ناجحة وعاجلة لاستئصال المرض الجاثم في جسده.
مصعب: يمكن أن تتغير المعادلة إذا دخل الإسلاميون في تسوية سياسية
وقال الدكتور مصعب محمد علي أستاذ العلوم السياسية بجامعة النيلين في حديثه لـ(اليوم التالي): لا أعتقد أن الشارع أصيب بصدمة جراء ذلك، بل إن الأمر كان متوقعاً باعتبار إن الإسلاميين قوى سياسية لهم تجربة ثلاثين عاماً في الحكم ومتوقع أن يعودوا للواجهة من جديد في أي وقت، خروجهم كان بأمر قضائي والفترة الحالية هي فترة انتقالية تمهد للانتخابات ويمكن أن يحسب ذلك بأنه عمل ديمقراطي، وأعتقد أنهم مطالبين بمراجعة التجربة وتقويمها وإتاحة الفرصة للشباب والعمل من أجل الانتقال الديمقراطي، يمكن أن تتغير المعادلة إذا دخل الإسلاميون في تسوية سياسية لأن ذلك يجعل هناك توازن في الساحة السياسية قائم على التنافس السياسي وإنهاء حدة الاستقطاب ولذا ستكون المعادلة بأنهم وبعض القوى السياسية الأخرى سيكونون أبرز مكونات نظام التسوية القادمة.
عبدالناصر الفكي: نعنشة الإسلاميين فرفرة مذبوح
في ذات السياق يقول أستاذ علم الاجتماع السياسي دكتور عبدالناصر علي الفكي إن نعنشة الإسلامويين فرفرة مذبوح مجموعة مصالح آسنة لا مكان لها في مستقبل السودان، وأضاف: الانقلابيون يستغلونهم كحصان طروادة في مقابل القوى الثورية، والشعب السوداني حدد خياراته في ثورة ديسمبر وأسقط نظام الإسلاميين والذي عبث بمقومات الدولة لصالح الحزب الشمولي الواحد في كل النواحي الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية وأظهر السودان كمهدد لدول الجوار والإقليم مما جعل السودان يقع تحت طائلة العقوبات والإرهاب والحظر أخرت الوطن كثيراً تنموياً ومعرفياً واقتصادياً.
وعلى المستوى الوطني كان القتل الممنهج والمطاردات والتعذيب والفصل التعسفي للسياسيين والناشطين في العمل العام هو فعل الإسلاميين لغيرهم وكذلك ما يسمى بالمشروع الحضاري أسهم في زعزعة وهدم بعض القيم الأصيلة وأيضاً عمل على إفساد المواطن بالرشاوى وما عرف بالطواقي في أي معاملة. وظهرت المحاباة.
الإسلاميون للأسف كتيار سياسي غيز مرغوب به نتاج للممارسة طوال ثلاثين عاماً جافة هم لا يملكون أي أدوات للتأثير على المجتمع الآن ثورة ديسمبر المجيدة مستمرة في أن تحقق الحكم المدني الكامل وتصلح الخراب العميق، وإطلاق سراح الإسلاميين يستخدمه البرهان ككرت ضعط لإجبار القوى الثورية على التسوية السياسية المعارضة للانقلاب، والقوى الثورية ستسقطهم.
وزاد: خلف شعار (لا تفاوض لا شرعية لا حوار) هو صوت الشارع الثوري العارم الإسلاميون لا مستقبل لهم في دولة. الحكم المدني لأنهم يؤمنون بالتمكين ونفي الآخر وتجربة الثلاثين العجاف خير برهان ومثال.

          
قد يعجبك ايضا
تعليقات
Loading...