الثورية والتيارات الإسلامية.. تقارب المواقف!!
الدومة: كل المؤشرات تدل على سقوط السلطة الحالية
سهير صلاح: الحوار بين كافة القوى السياسية ضرورة لحل الأزمة
محلل سياسي: حوار الثورية مع الإسلاميين بداية فعلية لعودتهم للمشهد
ما زال موقف الجبهة الثورية يكتنفه الغموض وتشوبه الضبابية تارة مع العسكريين والإسلاميين وأخرى مع قوى إسقاط النظام، وأكد متحدثون أن حديث رئيس الجبهة الثورية وعضو السيادي الهادي إدريس حول حوار مع تيارات إسلامية بشأن الأزمة السياسية ولإحداث توافق وطني، يعني رفض التنسيق مع المجلس المركزي للحرية والتغيير لإسقاط النظام وتنسيقهم مع الإسلاميين الذين عادوا للحكم مرة أخرى فضلاً عن أنه جزء من مبادرتها لحل الأزمة.
ويرى بعض المتحدثين أن إقامة الحوار بين كافة القوى السياسية أمر مهم للخروج من الأزمة وفي الوقت ذاته أكدوا عدم مشاركة الإسلاميين في السلطة خلال المرحلة المقبلة سيما وأنهم يدعون إلى تشكيل حكومة كفاءات وطنية والدعوة لانتخابات شفافة ونزيهة.
وتوقع البعض قُرب سقوط النظام، وقالوا إن المعركة القادمة لفرز الصفوف وتحديد الذين مع قوى الثورة الحية من ضدهم.
وفي وقت سابق كشف رئيس الجبهة الثورية عن حوار مع تيارات إسلامية بشأن الأزمة السياسية ولإحداث توافق وطني مطلوب وأن يكون الحوار مفتوحاً، حتى يتمكن الجميع من الإجابة عن الأسئلة التي ترتبط بالأزمة الحالية.
معركة إسقاط النظام
ويقول الخبير السياسي عبدالرحمن الدومة إن فتح حوار بين الجبهة الثورية وتيارات إسلامية يعني رفض الثورية لمبادرة تجمع المهنيين سيما وأنها جاءت عقب مطالبة المهنيين للثورية بالعودة لإعلان الحرية والتغيير المجلس المركزي والتنسيق لإسقاط النظام، وأضاف: هذا يعني تنسيقهم مع الإسلاميين بعد ان عادوا واستولوا على السلطة من جديد وزاد: “لسان حالهم يقول نحن مع نظام قائم لماذا نجاهد من جديد لإسقاط النظام”.
وحول أثر الخطوة على المشهد السياسي توقع الدومة في حديثه لـ(اليوم التالي) حدوث تباين وفرز في الصفوف القوى السياسية لمعرفة من الذي مع الثورة والثوار ولجان المقاومة ومن مع الفلول والدولة العميقة والمؤتمر الوطني والإسلاميين، وبحسب الخبير السياسي أن المرحلة القادمة ستكون معركة لإسقاط نظام المجلس العسكري والفلول والمؤتمر الوطني والإسلاميين من جهة ومن الأخرى إعلان الحرية والتغيير المجلس المركزي وتجمع المهنيين، ولجان المقاومة والشارع، وأكد سقوط النظام بعد العيد واستشهد بقول نائب الرئيس الأسبق جعفر نميري، عمر محمد الطيب الذي قال إن الحكومة ستسقط بعد ثلاثة شهور لوحدها “لو ما في زول اتحرك” وفق تعبيره، وتابع: كافة المؤشرات تدل على أن البرهان والذين معه ليس لهم مقومات وسيسقطون.
مشاركة في الحكم
فيما يرى أستاذ العلوم السياسية بجامعة النيلين مصعب محمد علي أن تصريحات رئيس الجبهة الثورية الهادي إدريس حول فتح حوار مع تيارات إسلامية تقرأ في سياق الدعوة لحوار وتوافق سياسي، ويمكن أن يكون جزءاً من مبادرة الجبهة الثورية الأخيرة في سعيها الوصول لحل سياسي للأزمة السياسية بالبلاد.
وتوقع مصعب في حديثه لـ(اليوم التالي) أن تطرح مبادرة الجبهة الثورية مشاركة الإسلاميين في الحكم والتسوية السياسية القادمة في إطار الحوار المطروح وقال إنه بداية فعلية لعودة الإسلاميين للمشهد السياسي وتنظيم صفوفهم والدخول في العملية السياسية بالبلاد، إلا أنه عاد وقال: لا أتوقع مشاركتهم في جميع أجهزة الحكم، بل سيكون لهم أعضاء في البرلمان الانتقالي في حال تم تكوينه، وأشار إلى تغيير المعادلة المشهد السياسي حال دخل الإسلاميين في تسوية سياسية وإحداث توازن في الساحة السياسية يقوم على التنافس السياسي علاوة على إنهاء حدة الاستقطاب.
حوار مع تيارات إسلامية
وطبقاً لتقارير إعلامية كشف رئيس الجبهة الثورية عضو مجلس السيادة د. الهادي إدريس عن حوار مع تيارات إسلامية بشأن الأزمة السياسية ولإحداث توافق وطني مطلوب وقال الحوار ينبغي أن يكون مفتوحاً لكل القوى السياسية عدا المؤتمر الوطني، حتى يتمكن الجميع من الإجابة على الأسئلة التي ترتبط بالأزمة الحالية.
وأكد رئيس الجبهة الثورية أنه لمس من أول استلامه لمهامه عضواً بالمجلس السيادي عقب اتفاق جوبا بأن الشراكة بين العسكريين والمدنيين (ما ماشة) والانطباع غير جيد.
وقال إن موقفنا من (25) أكتوبر كان واضحاً، وأضاف: (ما كان ينبغي للجيش التدخل لأن البلد حترجع لوراء، وقررنا الاستمرار بغرض المحافظة على السلام)، وتابع: (صحيح أن اتفاق حوبا غير مثالي، لكنه واحد من الاتفاقيات ولم ينفذ لأسباب كثيرة).
ونوه الهادي إلى أن المؤتمر الوطني المحلول لا يمثل الحركة الإسلامية أو كتلة الإسلاميين، وقال: ليس لدينا مشكلة مع كتلة الإسلاميين وهم جزء أصيل في المعادلة) وأضاف: (لكن إذا شايلين تركة الوطني سنرفضهم، والثورة موجودة وليس من الممكن أن يخرج الحزب البائد ويقوم سداري)، وأعلن عن لقاء لهم مع المؤتمر الشعبي.
مواصلة شراكة
ووصف الهادي الجيش بالمؤسسة الراسخة وأنه لا بد من دور حقيقي لها بالابتعاد عن السياسة، وأشار إلى ما يحدث تجاه أفراد أو ضباط الجيش في بعض المواقع كله بسبب الانغماس في السياسة، وأوضح أنه بعد 25 أكتوبر قررت الثورية أن تواصل في الشراكة، ونوه إلى أنه لا يمكن لطرف واحد أن يقود البلاد وقال: (كل الناس وصلوا لقناعة ما في طرف سيهزم بالآخر)، وأضاف: (وجود الآخر مهم) وأشار إلى قضايا متعلقة بمخاوف الأطراف ومصالح وملامح سياسية واقتصادية لكل الأطراف، وأوضح أن مبادرة الجبهة الثورية التي خرجت من مدينة الدمازين جاءت بغرض محاولة الوصول لاتفاق والجلوس والحوار، وقال الهادي: (بعد الثورة كان لابد من الحوار للاتفاق على مبادئ محددة)، مشيراً إلى أن ما حدث في 25 أكتوبر سببه عدم تحديد هذه المبادئ وقال: (إذا لم تحدد سيتكرر ما حدث في 25 أكتوبر).
وقال: هدفنا بالمبادرات الذهاب للحوار مشيراً إلى أن العسكريين لن يذهبوا للثكنات، ولكنهم يجب أن يظلوا بمهام محددة، ونوه إلى أن الانتخابات في بلد كالسودان ليست سهلة ولابد من الإعداد الجيد لها وقال: (إذا لم يتم ذلك فسيتقسم السودان)، وأوضح أن مؤشرات الأوضاع في البلاد ليست جيدة وقال: (ما كويسة والانهيار وارد، لكن أيضاً لدينا مؤسسات راسخة رغم قتامة المشهد ويمكن أن نخرج من النفق، ولابد من التفاؤل).
وأوضح أن الانتقال كان متعثراً قبل ٢٥ أكتوبر وأقر بأن الجبهة الثورية جزء من الصراع وقطع بأنهم لم يساهموا أصلاً في إفشال الحكومة وأضاف: (نحن ضد ما حصل).
مرحلة مرتبكة
وفي السياق ذاته أوضحت أستاذة العلوم السياسية بجامعة الزعيم الأزهري د. سهير صلاح إن تصريحات رئيس الثورية يقصد بها لقاءهم بحزب المؤتمر الشعبي أحد أكبر التيارات الإسلامية في السودان، وقالت إن الحوار بين كافة القوى السياسية إسلامية وغير إسلامية ضرورة لحل الأزمة في هذه المرحلة وحفاظاً على وحدة وسلامة البلاد، ووفقاً لصلاح في حديثها لـ(اليوم التالي) أن التيار الإسلامي تيار حي ونابض ومتجدد وله رؤية للحل ظل يدفع بها للقوى السياسية والمكون العسكري والمجتمع المدني، وسيفعل ذلك حتى تخرج البلاد من التهديد الامني والاقتصادي، وأرجعت ذلك لشعوره بالمسؤولية، واستعداده لدفع الثمن من أجل الوصول لانتخابات حرة ونزيهة تخرج البلاد من مرحلة انتقالية مرتبكة وغير مستقرة.
ونوهت أستاذة العلوم السياسية إلى أن الإسلاميين لم يغيبوا عن الساحة حتى يعودوا لها، وأضافت أن التفاعل السياسي والاجتماعي لا يعني أن تكون جزءاً من الأجهزة التشريعية والتنفيذية في الدولة، بل أن تكون فاعلاً في الفضاء السياسي العام وفي المجتمع خاصة في ظل الظروف الاقتصادية الضاغطة والمهددات الاجتماعية، وبحسب سهير أن الإسلاميين موجودين في الفضاء السياسي العام وفي المجتمع ولا تستطيع أي قوى أن تخرجهم أو تعزلهم وعبارة “عودتهم للمشهد” لا تعبر عن الواقع، سيما وأنهم لم يرهنوا وجودهم بديوان الدولة وأجهزتها، وقالت: لا أتوقع مشاركتهم في أجهزة الدولة التنفيذية لأن مشروعاتهم المقدمة للحل جميعها تقترح حكومة كفاءات غير حزبية علاوة دعوتهم للأحزاب للاستعداد للانتخابات.
تأسيس أنظمة
فيما يقول القيادي بحزب الأمة القومي عروة الصادق إن الحوار أفضل وسائل تأسيس الأنظمة الراشدة وتجارب للدول المستقرة، وأي مسعى كهذا يوجب التواصل مع الكيانات الراغبة في التعايش والتسامح والسلام، وأضاف أن التيار الإسلامي في السودان طرائق أو “خشوم بيوت”، منهم اليمين السلفي والراديكالي ومنهم اليمين الحركي والإخواني ومنهم الوسطيون، علاوة على تيار وسطي صوفي تتوزع ولاءاته السياسية بين تلك الفرق والجماعات، ما يوجب أن تتحاور هذه الجماعات مع ذاتها قبل أن يفتح الآخرون معها الحوار.
وبحسب عروة في حديثه لـ(اليوم التالي) أن أي بداية للإسلاميين سيما الإخوان لا تبدأ بمراجعات فكرية واعتذار لما اقترف منها وانشقاقاتها، ستكون بداية خاطئة الأمر الذي تحاول الحركة الإسلامية استنساخه بدعاوى جديدة لتمتطي ظهور جماعات لم يكتب لها الظهور، ولما للحركة الإسلامية السودانية من سجل مسيء للإسلام وللسودان والإنسان سيسهم هذا في تلطيخ حتى تلك الجماعات الحديثة التي تحاول أن تتحالف مع المؤتمر الوطني المحلول والحركة.
وأكد القيادي بحزب الأمة أن التيار الإسلامي تيار فاعل ومتفاعل في الحركة السياسية، سيما الذين يتخذون من الإسلام سلماً لرفاه الخلق ويجعلون منه وسيلة لتنظيم حياة الناس، وليس لتأزيمها كما فعلت الحركة الإسلامية في الخرطوم.