تجدد الاشتباكات في دارفور.. قتلى وجرحي وفرار الآلاف

 

محمد زكريا: تأخير بند الترتيبات الأمنية ساهم بقدر كبير في حالة السيولة الأمنية

نور الدائم طه: اتفاقية جوبا لم ترَ النور حتى الآن

الأمين مجذوب: الأمر يحتاج الى تدخل سيادي وفرض حالة الطوارئ

—–

اتسعت رقعة الاشتباكات القبلية الدامية بين المساليت والقبائل العربية في بلدة “كرينك” لتشمل مدينة الجنينة عاصمة ولاية غرب دارفور التي شهدت معارك ضارية الاثنين، في عدد من الأحياء خلفت قتلى وجرحي وفرار آلاف السكان.

تجدد القتال القبلي الدامي منذ يوم الجمعة، بين القبائل العربية ومجموعات سكانية بعضهم يتبعون لإحدى الحركات المسلحة بولاية غرب دارفور مخلفة عدداً كبيراً من القتلى وعشرات الجرحى. وتجئ هذه الاشتباكات عقب مقتل اثنين من أبناء القبائل العربية من قبل مسلحين في منطقة “كرينك” شمال الجنينة ما قاد ذويهم للقيام بحملة عسكرية بغرض الثأر. ونقلت مصادر مطلعة بحسب سودان تربيون من مدينة الجنينة أن المعارك أصبحت بين قوات التحالف السوداني التي يقودها والي الولاية خميس أبكر المنتمي لقبيلة المساليت وقوات الدعم السريع التي ينتمي أغلب جنودها للقبائل العربية وأشارت الى أن المعارك تركزت حول أحياء “الجبل والجمارك والرياض وحول مقر قيادة الدعم السريع وجهاز المخابرات. وقال بيان صادر من سلطان دار مساليت سعد عبدالرحمن بحر الدين غن ما تعرضت له بلدة “كرينك” ومدينة الجنينة من اعتداءات من قبل مليشيات مسلحة تعد انتهاك واضح لحقوق الإنسان والقانون الدولي وأكد أن المليشيات التي نفذت الهجوم هي مجموعات عابرة للمنطقة والولايات والحدود. واتهم الأجهزة الأمنية بالتقاعس عن صد هذه الاعتداءات وأشار إلى أن محلية الجنينة تشهد سيولة أمنية وفوضى عارمة منذ مساء أمس الأحد وحمل الدولة وأجهزتها الأمنية مسؤولية ما يجري وطالب بالمحاسبة الفورية للمسؤولين والتحرك العاجل لوقف ما أسماه بالعبث. ونادى بفرض هيبة الدولة وحماية المدنيين وأضاف ” في حال تعذر ذلك، نطالب المجتمع الدولي بتوفير الحماية للمدنيين” وحثت منظمات الأمم المتحدة بالتدخل الإنساني لطمواجهة الظروف الحرجة التي تمر بها الولاية.

محمد زكريا: هنالك خطوات إذا تم اتباعها يمكن أن تنزع فتيل الحرب

ويرى دكتور محمد زكريا الناطق الرسمي لحركة العدل والمساواة السودانية في حديثه لـ(اليوم التالي) أن ما جري في إقليم دارفور شئ مؤسف والخاسر فيه الوطن والشعب السوداني، وزاد أن تأخير بند الترتيبات الأمنية ساهم بقدر كبير في حالة السيولة الأمنية التي يعيشها إقليم دارفور، وأضاف أن التأخير غير منفصل عن الوضع السياسي العام الذي تمر به البلاد والتي تشهد مرحلة انتقالية معقدة وتجاذبات، وأردف: الحل الاستراتيجي يتمثل في الاستقرار السياسي والتوافق على حكومة برئاسة مجلس وزراء ببرنامج متوافق حوله وتقنين للعلاقة بين المكونات المدنية والعسكرية وتوجيه مجهودات المجتمع الدولي لتوفير الأموال لتنفيذ بند الترتيبات الأمنية، ذات الصلة بعمليات الدمج والتسريح. وأشار الى أنه خلال فترة 30 عاماً الماضية شهد النسيج الاجتماعي تهتكاً في عموم السودان منوهاً الى أن الأمر يتطلب عملية تداوٍ وتشافٍ لهذه الحراحات وتقوية اللحمة الاجتماعية يحتاج إلى جهد مجتمعي ووعي عام، وهي مسؤولية الجميع قوى سياسية ومنظمات مجتمع مدني وإدارات أهلية للعمل لترقية الحس الوطني واللحمة المجتمعية. ولفت الى أن الدولة منوط بها بجانب تنفيذ الترتيبات الأمنية جمع السلاح وبسط هيبة الدولة في تكوين قوات الاستجابة السريعة، كما مطلوب توفير الأموال لتعزيز المناطق الهشة أمنياً، وأضاف: الجهاز التنفيذي مطلوب منه حسم جميع مظاهر التفلتات وهو عامل مهم إذا تمت المحافظة عليه ويحقن كثير من الدماء، وتابع قائلاً: مطلوب من الدولة في الوقت العاجل إرسال وفود عالية المستوى الى حاضرة غرب دارفور للوقوف ميدانياً على الأوضاع، تضم جميع الأجهزة الشرطية والعدلية وقوات مسلحة وممثلين لحركات الكفاح المسلح، كذلك المطلوب من الدولة الآن توجيه القوات من المناطق المختلفة من ولايات دارفور والذهاب الى المنطقة المنكوبة لبسط الأمن وفرض هيبة الدولة كذلك مطلوب دعم من الإدارات الأهلية، كما فعل ناظر عموم المساليت بخطابه المتزن، وزاد: هذه خطوات اتباعها يمكن ينزع فتيل الفتنة ويوقف سفك الدماء الآن بعد ذلك يمكن الرجوع الى المعالجات الاستراتيجية بعيدة المدى التي تمنع وقوع مثل هذه الأحداث في المستقبل.

نور الدائم طه: الأمن مرتبط بالبيئة السياسية

وفي صعيد متصل قال لـ(اليوم التالي) مساعد رئيس حركة جيش تحرير السودان الأستاذ نور الدائم طه إن الاضطرابات الحادثة بإقليم دارفور الآن ليست بجديدة وهي قديمة دائماً ما تحدث في مناطق بين المزارعين والرعاة لأسباب تمت معالجتها خلال بروتكولات الحواكير واللاجئين والنازحين، وتابع: اتفاقية جوبا لم ترَ النور حتى الآن، عازياً ذلك لأسباب كثيرة بطبيعة ما يتعلق بالدولة نفسها حيث أنها غير مؤهلة وغير مستقرة حتى تنفذ اتفاق سلام وهذا ما أدى لتدهور الأوضاع. وزاد: إن مثل هذه المسائل مقدور عليها إذا تغلب الناس على المصالح الشخصية واتجهوا الى مصلحة الوطن، ونوه الى أن الوضع في دارفور يحتاج الى دعم واهتمام المركز وتوجيه الطاقات المركزية للمساهمة في التطور الذي من المفترض أن يكون في دارفور. وأشار الى أن هنالك مجموعات كانت غير داعمة للسلام وضده أرسلت رسائل سالبة بعد الاستقرار في دارفور وتابع: إن الأمن برمته يتعلق بالبيئة السياسية وأضاف أن اتفاق جوبا عالج كل قضايا السلام فقط المتبقي الإنزال على أرض الواقع لأنه ليس توقيعاً على الورق من أجل أن يستفيد منه الناس بواقع ملموس.

الأمين مجذوب: الأمر يحتاج الى تدخل سيادي وفرض حالة الطوارئ

في ذات السياق يرى الخبير الأمني الأمين مجذوب في حديثه لـ(اليوم التالي) أن التفلتات الأمنية والصراعات القبلية في دارفور هي أزمات متوارثة من أزمنة بعيدة وفي الغالب في كل عقد من الزمان يحصل تغيير ديمغرافي في دارفور تغيير بين القبائل والحواكير، مضيفاً أن التنافس على الموارد هو السبب الرئيس في هذه الصراعات المسلحة وأن النظام السابق اعتمد في حربه ضد الحركات المسلحة على تسليح قبائل ضد قبائل أخرى، بالتالي تولدت ما يعرف بالمليشيات لكل قبيلة ما يعرف بالدفاع الشعبي وحرس الحدود كل هذه التكوينات المسلحة أصبحت قبلية تتبع الى قبائل بعينها، وزاد: قديماً كانت الصراعات تحل بواسطة الإدارات الأهلية عبر مؤتمرات الصلح ولفت الى أنه بعد انتشار السلاح والاتجار به وانتشار التجارة العابرة للحدود أصبحت مثل الحوادث الفردية يكون هنالك فزع ونتيجة للجهل والانفعالات القبلية يتم بدء صراع يتوسع كما رأينا في جبل مون وكرينك ومناطق شمال دارفور لتصبح أزمة متواصلة سببها قلة الموارد والتعدي على الحواكير وكذلك الجهل المستشري والجريمة العابرة للحدود وسبب آخر تسييس الإدارة الأهلية وأكد على أن الخسائر المادية والبشرية كبيرة للغاية لذا على الدولة التدخل من أجل إيقاف هذا العبث والموقف الدرامي والتفلتات التي تجعل سمعة السودان في الحضيض بين الأمم وأضاف قائلاً: المطلوب الآن إرجاع دور الإدارة الأهلية وإبعادها من التسييس لتعود إلى دورها وتعطى صلاحيات إدارية وقانونية تمكنها من القبض على المجرمين وتسوية النزاعات الخفيفة ورفعها الى الجهات العدلية لابد من بسط هيبة الدولة والابتعاد عن التجنيد القبلي والذي يمثل عقبة كبيرة في دارفور خاصة في أي صراع قبلي تجد أبناء القبائل الموجودين في الأجهزة النظامية يتحولون الى قبائلهم وزاد أن استخدام القوة في دارفور غير وارد وأكد أن خروج اليوناميد أثر واستبيحت دارفور باعتبار أنها قوات تراعي وترفع التقارير إلى مجلس الأمن وأشار الى أن القوات المشتركة حتى الآن لم تعمل شيئاً والموجود في الاتفاقية لم ينفذ بسبب تأخير الترتيبات الأمنية هذا الأمر يحتاج الى تدخل مجلس السيادة وفرض حالة الطوارئ لحسم مثل هذه الأمور.

          
قد يعجبك ايضا
تعليقات
Loading...