قرارات الأمن والدفاع…رسائل أمنية في جلباب سياسي
خبير عسكري: القيادة ترغب في إزالة التشوهات الأمنية التي تضر الأمن القومي
الكرنديس: بسط هيبة الدولة لا يحتاج الى بيانات في وسائل الإعلام
الثورية : ندعم القرارات التي تصب في مصلحة الاستقرار الأمني
الخرطوم: محجوب عيسي
بعد انتشار ظواهر الانفلات الأمني في العاصمة والولايات تحركت القيادة العسكرية في إزالتها وفرض هيبة الدولة واختلفت آراء متحدثين ل(اليوم التالي) حول توجيهات لجنة الدفاع للقوات المسلحة بحسم التفلتات الأمنية وفق القانون، وصفها البعض بأنها غير مهنية، سيما وأن القوات المسلحة يتم توجيهها بقرارات عملية، وليس عبر وسائل الإعلام فيما يرى آخرون أنها جزء من حالة الطوارئ التي أعلنتها السلطة الحاكمة في أكتوبر الماضي، وفي الوقت ذاته رهن المتحدثون إزالة التشوهات عبر تنفيذ قانون الطوارئ والترتيبات الأمنية، بجانب عمل خطط مرنة قابلة للتعديل وتواكب الأحداث، وفى وقت سابق وجهت اللجنة العليا للأمن والدفاع القوات المسلحة وكافة القوات النظامية بجميع أنحاء البلاد بالتحرك الفوري والحاسم لاتخاذ مايلزم من إجراءات قانونية لحسم التفلتات الأمنية والظواهر السالبة التي برزت مؤخراً لحفظ هيبة الدولة.
إزالة تشوهات
واعتبر الخبير العسكري اللواء د. أمين إسماعيل قرار توجيه القوات المسلحة بحسم التفلتات الأمنية جزءاً من حالة الطوارئ التي اعلنتها السلطة الحاكمة في أكتوبر الماضي، وأشار إلى حجب القوات المسلحة من النزول إلى الشارع جراء حالة الحراك السياسي التي تشهدها البلاد، وبحسب امين في حديثه لـ(اليوم التالي) أن القيادة ترغب في إزالة التشوهات الأمنية التي تضر الأمن القومي السوداني بعد ظهور التفلتات الأمنية وصراعات قبلية في دارفور وكسلا، فضلاً عن ظهور بعض الإفرازات الخاصة بظهور الأجسام شبه العسكرية في مناطق الصراعات القبلية، وخصوصاً دارفور، بجانب ظهور سيارات رباعية الدفع بأسلحة ثقيلة وزي عسكري؛ الأمر الذي أدى إلى تفويض القوات المسلحة بغرض أيلولة كل اللوائح والقوانين الخاصة بالقوات النظامية تحت إمرتها، علاوة على تفويض قادة الفرق تحت رعاية لجان الأمن في الولايات لمحاربة الظواهر في المدن الرئيسية وما يعرف ب٩ طويلة والسطو المسلح والاعتداء على المواطنين بالأسلحة البيضاء والنارية.
فيما يرى المستشار القانوني مقدم شرطة متقاعد عوض الكرنديس؛ أنه لا فرق بين هذه القرارات والكثير من القرارات التي اتخذتها الجهات المختصة للدولة في ما يتعلق بالوضع الأمني بالبلاد؛ سيما وأن بسط هيبة الدولة لا يحتاج الى بيانات في وسائل الإعلام إنما يحتاج الى عمل ميداني يلمسه ويحسه المواطن؛ وطبقا للكرنديس في حديثه لـ(اليوم التالي) أن الحركات المسلحة الموقعة على اتفاق سلام جوبا لا تتحمل وحدها وزر الانفلات الأمني بالبلاد، بالتالي لا يمكن اعتبار القرارات الأخيرة تعنيها على وجه الخصوص.
سيطرة القوات المسلحة
وصف خبير الشؤون العسكرية والأمنية الفريق محمد بشير سليمان؛ توجيه اللجنة العليا للأمن والدفاع للقوات النظامية باتخاذ الإجراءات لحسم التفلتات الأمنية والظواهر السالبة التي برزت مؤخراً لحفظ هيبة الدولة، بأنها تفتقد للمهنية والمنهجية، سيما وأن القوات المسلحة فرضت قانون الطوارئ في ٢٥ أكتوبر الماضي لفرض هيبة الدولة، وبحسب بشير في حديثه ل(اليوم التالي) أن القرارات يراد بها سيطرة القوات المسلحة على الموقف كاملاً، على مستوى السودان، وأن تصبح قوات الشرطة والأجهزة الأمنية الأخرى تحت إمرتها، وأشار إلى أن القوات المسلحة لا يتم توجيهها عبر الإعلام إنما بقرارات مكتوبة ويتم تطبيقها على الواقع، وشدد على ضرورة إبعاد توجيهات القوات المسلحة من الإعلام، وأضاف.. كان يمكن أن يتم إعلان عن اجتماع اللجنة لمراجعة الموقف الأمني فقط.
رسالة سياسية
وطبقا لخبير الشؤون العسكرية فإن المقصود من التوجيهات إرسال رسالة سياسية للقوى المعارضة للسلطة الحاكمة، سيما وأن قائد القوات المسلحة هو رئيس المجلس، وفي صراع مع قوى سياسية أخرى، وتساءل هل لجنة الأمن والدفاع لا تعلم الموقف الأمني على مستوى السودان،؟ وأجاب.. إنه معلوم لديها والأجهزة التي تحت قيادتها وجراء غياب تنفيذ قانون الطوارئ فضلاً عن عدم اتخاذ إجراءات حاسمة تجاهها تطورت، ورهن حسم التفلتات الأمنية بتفعيل وتنفيذ قانون الطوارئ، علاوة على وضع خطط مرنة قابلة للتعديل، واصطحاب كل ما يحدث؛ سيما وأن تنفيذ الطوارئ مسؤولية القوات النظامية، علاوة على تطبيق القانون بحذافيره، وأن دون ذلك سيكون مثل قانون الطوارئ دون نتائج ملموسة يصبح ليس له معنى، وأردف.. على الدولة تطبيق كافة القوانين الأخرى والظهور بالقوة والوجود الكلي للأجهزة الأمنية والعملياتية والمعلوماتية وأن تسبق الأحداث وتترك التعامل برد الفعل ورد الفعل، لجهة أنه لا يخيف المتفلتين ولا يعالج الأزمات، وطالب بأن تكون الحركات جزءاً من الحسم، وحول فرض هيبة الدولة قال بشير إنها فعل متكامل وقانون فاعل، وعلى القوات النظامية كافة التنفيذ، بجانب حل الأزمات الاقتصادية والمعيشية، لجهة أن البعض أصبح يجد قوت يومه بالعنف والنهب المسلح، بالإضافة إلى أن بعض قوات الحركات المسلحة تريد نقل الواقع الذي تمارسه في دارفور إلى العاصمة، وأكد حسم ذلك عبر تنفيذ بند الترتيبات الأمنية بتحديد منطقة تجميع للحركات الموقعة وجمع السلاح وتسجيله وإدخاله إلى مخازن القوات المسلحة، ومن ثمة دخول الحركات بدون سلاح، بجانب عمل تأهيل وتدريب نفسي وسياسي بحيث يكون الولاء للوطن وليس الحركات.
تأييد قرارات
فيما أكدت الجبهة الثورية تأييدها لقرارات المجلس الأعلى للدفاع تأييداً كاملاً، بحسب القيادي بالجبهة ورئيس حركة تمازج قطاع جلهاك محمد إسماعيل زيرو، وقال في حديثه ل(اليوم التالي) إن الفترة الماضية شهدت تفلتات أمنية في دارفور ومناطق الهشاشة الأمنية، وأشار زيرو إلى دعم الحركات الموقعة للقرارات التي تصب لصالح حفظ الأمن والاستقرار الذي ظل مفقوداً في البلاد نتيجة لتراخي السلطات العسكرية، وبحسب زيرو فإن مظاهر الانفلات الأمني ناتج من مجموعات غير موقعة اتفاق سلام جوبا، ولا تنتمي للحركات الموقعة؛ سيما وأن قرار حسم المظاهر العسكرية والانفلات لم يشر إلى الحركات، إنما على التفلتات بصورة عامة، وطبقاً لقيادي بالجبهة الثورية؛ هناك أطراف غير منتمية للحركات تريد عمل شرخ في المجتمع خصوصاً في دارفور، وأضاف نحن نسعى بكل جهد وجدية في أن يجد القرار التنفيذ والتعاون الكامل من أطراف السلام، سيما وأن الهدف من السلام حفظ الأمن والاستقرار وليس النزاعات، مشدداً على ضرورة الإسراع في تنفيذ الترتيبات الأمنية وجمع السلاح غير المرخص، لجهة أنه يشكل خطراً كبيراً على الدولة.
ضمان أمن البلاد
وفي السياق ذاته.. يقول الخبير في الشؤون الاستراتيجية الفاتح محجوب؛ إنه من واجب مجلس الأمن والدفاع ضمان أمن البلاد؛ عبر استخدام الجيش والقوات النظامية لفرض هيبة الدولة والقضاء على التفلتات، وهو ما كان غائباً تماماً إبان أحداث الجنينة وكرينك، وحذر محجوب في حديثه لـ(اليوم التالي) من أن تعاملاً غير حكيم مع الحركات الموقعة على اتفاقية جوبا للسلام، يعني انهيار الاتفاقية، مشدداً على ضرورة الإسراع في تنفيذ بند الترتيبات الأمنية وإشراك الحركات في خطة حسم التفلتات الأمنية ليكونوا جزءاً منها، ويتحملوا نتائجها سوية مع القوات النظامية؛ الأمر الذي يتطلب إعطاء دور أكبر لحاكم دارفور في مواجهة التفلتات الأمنية، لكن بالطبع بعد حسم الترتيبات الأمنية، لجهة أنها أحد أهم معضلات اتفاقية جوبا للسلام، لأنه يتطلب حصر قوات الحركات ومعرفة عددها بالضبط وهو أمر كانت تلك الحركات ترغب بشدة في تجنبه لأطول فترة ممكنة؛ لأن معظمها لم يأت بنصف العدد الذي سجله في وثيقة الترتيبات الأمنية، وقال إن الحركات تتلقى أموالاً من الحكومة تتناسب والعدد الذي ذكرت أنه يتبع لها، فهي تريد عبر تجنيد أعداد كبيرة تحقيق رقم مقارب له، فضلاً عن أن تأخير إنجاز الترتيبات الأمنية أتاح لأعداد غير منضبطة يتبع بعضها للحركات الموقعة وبعضها يتبع لحركات غير موقعة لتنفيذ جرائم نهب في الخرطوم وفي دارفور، كما كان لتفلتات جنود إحدى الحركات الموقعة على اتفاقية جوبا للسلام الدور الأكبر في أحداث كرينك.
حسم تفلتات
وفي وقت سابق.. عقدت اللجنة الفنية لمجلس الأمن والدفاع بالقيادة العامة للقوات المسلحة اجتماعها الدوري برئاسة رئيس مجلس السيادة الانتقالي القائد العام للقوات المسلحة الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان، وبحضور نائب رئيس مجلس السيادة الانتقالي الفريق أول محمد حمدان دقلو وأعضاء اللجنة الفنية لمجلس الأمن و الدفاع، وقال العميد الركن نبيل عبدالله علي؛ الناطق الرسمي باسم القوات المسلحة عقب الاجتماع إن اللجنة استعرضت الموقف الأمني والجنائي بالبلاد واتخذت عدداً من القرارات، أبرزها توجيه القوات المسلحة وكافة القوات النظامية بجميع أنحاء البلاد بالتحرك الفوري والحاسم لاتخاذ ما يلزم من إجراءات قانونيه لحسم التفلتات الأمنية والظواهر السالبة التي برزت مؤخراً بما يحفظ هيبة الدولة .
كما كلف الاجتماع القوات المسلحة بكافة المناطق والفرق والقوات النظامية، بالتعامل الحاسم والقانوني مع كافة المظاهر العسكرية غير القانونية ضد أي مجموعات أو أفراد بكافة مدن وأنحاء البلاد.