تداعبها أيدي الشيوخ.. السبحة.. “ود البجرد الألفية”
الأشجار لا تثمر فقط، أو تمد فروعها لتصنع الظل والسكن، فهي أيضاً تقوم بدور صناعة “السبحة” التي تداعبها أيدي الشيوخ في الذكر وعند الخلوة بالنفس،
وبشكلها التقليدي المعروف لها مكانة وسط شرائح المجتمع السوداني لأنها تقوم بأدوار عظيمة مرتبطة بشكل مباشر ووثيق مع الصلاة والعبادة، إلى جانب بعض الاعتقادات الملهمة الجالبة للحظ والسائدة منذ زمن طويل..
السبحة أو المسبحة تعد ذات قيمة عظيمة عند الشيوخ، والطرق الصوفية، وكذلك في “المسيد” والخلاوي المنتشرة في كل ولايات السودان حيث تظهر وتتجلى بشكل مدهش في المناسبات الدينية التي تمر بالبلاد؛ مثل المولد النبوي الشريف و الاحتفالات بذكرى الراحلين من الشيوخ والمريدين من أحباب الله، ودائماً ما يتم وضعها على الرقبة واليد بألوانها وأشكالها المختلفة التي تبدأ ب99 وتصل عدد حباتها إلى 1000 حبة في عقد واحد، وهذا النوع الذي يسمى الألفية؛ له قيمة كبيرة وسط المجتمع الذي تناولها في أغنية شهيرة “ود البجرد الألفية” وهذه الأغنية تعكس قدراً كبيراً من الأهمية للسبحة وسط المجتمع بجميع شرائحه بما في ذلك الوسط الفني..
وفي الوقت الذي يستخدم السبحة أغلبية الشيوخ والمريدين في حفظ عدد الذكر والدعاء، نجدها تلعب دوراً اجتماعياً مهماً، واعتقادات لها أبعاد نفسية راسخة باعتبارها جالبة للخير والسعادة حيث يتم وضعها حول عنق العرسان والأطفال الصغار أثناء كرنفال الزواج والختان وفي الجرتق، باعتبارها فألاً حسناً، إلى ذلك يستخدمها الشباب بفهم ثالث خاص؛ حيث يتم لفها بشكل جميل على اليد اليمنى متاخمة مع الكف..
ورغم توفر السبحة وأهميتها إلا أن الكثيرين لايعرفون من أين تأتي؟ وماهي أنواعها؟ وأسعارها؟
ويقول “عباس ” الذي يمتلك محلات بيع السبح بالقرب من المسجد العتيق وسط الخرطوم : يتم تصنيع السبح من شجر البقس وعرق فى البحر يطلق عليه الكوك، وتصنع أيضاً من الكهرمان والعودية التي تلبسها النساء، وهناك نوع يستخلص من أشجار الصندل – اللالوب – القضيم – وابا قرنجه، أما ذلك النوع المستورد ويأتي غالبيته من تركيا يجهز من أشجار بابنوسه – نيم – ليمون، أما أجود أنواع الخيوط هي بوليستر وعصب..
ويضيف عباس : تأتي جميع أنواع السبح المخروطة من بورتسودان عبر السوق الشعبي، و سعر السبحة تختلف حسب أنواعها خاصة البقس و الكوك وتتراوح أسعارها ما بين 3 إلى 50 ألف جنيه..
وذكر”يوسف” أن هذه الأسعار متحركة وغير ثابتة ويمكن أن ترتفع كل يوم، وأكد أن أغلى أنواع السبح هو العناب ويأتى من المغرب، وهنا في أسواق السودان لا يوجد مثل هذا النوع، وأن أغلى الأنواع الموجودة حالياً فى السوق هي “البرنجة” وأشار إلى أن سبب غلاء هذه الأنواع لأنه صناعة يدوية..
وعن أشهر السبح الوسط قال محمد هما “الكوك والكهرمان” وتأتي غالبيتها من جمهورية مصر العربية، أما سبحة اللالوب موجود فى أم درمان وهي رخيصة السعر ولها نوعين اللالوب الصغيرة، والمخروطة باليد، وأن أكثر أنواع السبح طلباً البقس والسبحة البلاستيك التي يطلق عليها الكهرمان، وإن أصغر سبحة على الإطلاق هي سبحة الخشب لأن عددها (33) حبة..