الغموض يكتنف مشاوراتها الآلية الثلاثية ومحاولات حل (الأزمة السياسية).. مخاوف الانفجار!
التغيير : لقاءات القوى السياسية جيدة وبناءة وتقرب من وجهات النظر
محلل سياسي : الحوار غير المباشر لا زال غير فعال في ظل رفض التفاوض مع العسكريين
خالد التجاني : آفاق التسوية السياسية محدودة وأصبحت أكثر تعقيداً
الخرطوم : محجوب عيسى
في ظل استمرار جهود ومساعي الآلية الثلاثية لأنهاء الأزمة السياسية في البلاد عبر انطلاق المرحلة الأولى من الحوار غير المباشر، والتي شاركت فيه قوى سياسية فاعلة لازال المشهد السياسي ضبابياً، فيما لم تبارح الأزمة مكانها وقال متحدثون لـ(اليوم التالي) إن المباحثات غير المباشرة بين القوى السياسية إجراء اضطرت إليه الآلية الثلاثية بسبب رفض القوى السياسية في البلاد الجلوس مع بعضها البعض، وأنه غير فعال ورهنوا الوصول لتوافق سياسي ولحكومة انتقالية مدنية بتغيير المواقف السياسية للقوى تجاه بعضها، وفي الوقت ذاته وصفت الحرية والتغيير المباحثات بأنها جيدة وبناءة وتقود إلى تقريب وجهات النظر، وقد قدمت القوى التي شاركت في المباحثات رؤيتها لإنهاء الأزمة، فيما تمسكت قوى أخرى شاركت بإنهاء الانقلاب عبر الحوار.
عمل متعثر
ويقول المحلل السياسي د. خالد التجاني إن عمل الآلية الثلاثية متعسر، بدليل تأجيل اللقاء التحضيري الذي كان من المفترض انعقاده الأسبوع الماضي، والعمل على إعادة اللقاءات الفردية غير المباشرة التي نفذها فولكر سابقاً نتيجة لاشتراطات بعض القوى السياسية التي أبدت رغبتها في المشاركة، وأضاف.. أن السمات الأساسية لعمل الآلية قائم على البيروغراطية والتطويل نتيجة لتحفظات الأطراف ، وبحسب التجاني في حديثه لـ(اليوم التالي) أن ذهاب الوقت يساهم في زيادة السيولة السياسية وتكديس الوضع الراهن الذي بدأ يتشكل منذ 25 اكتوبر، وزاد.. كل يوم يمر سيكون لصالح العسكريين في ظل عدم وضوح رؤية المدنيين، وطبقاً للمحلل السياسي أن أفق التسوية السياسية محدودة وأنها أصبحت أكثر تعقيداً في ظل غياب حد أدنى للاتفاق والتوافق لإدارة القضية وغياب الاستعداد للتسوية من قبل الحرية والتغيير التي تريد التسوية والخطاب الثوري؛ اللذين لن يجتمع، وأوضح أن عملية التغيير الثوري لها منطقها وكذلك التسوية، وقال إن الموقف سيقود إلى استطالة الأزمة السودانية وتبعاتها الأمنية والاقتصادية والاجتماعية، وأي حل لا ينبع من القوى السودانية مباشرة، ولم يكن له إرادة وطنية فلن ينجح، سيما وأنها الفريضة الغائبة، وتساءل التجاني عن قدرة الاتفاق على الصمود وعن الضمانات التي تمنع تكرار نقده، وأشار إلى تاريخ السودان الذي شهد الكثير من الاتفاقات التي تعرضت للانهيار، وأشار إلى وجود إشكالات وخلافات بين المبعوثين الأفريقي والأممي حول بعض النقاط في ما يتعلق بالشمولية أو إقصاء بعض القوى، وزاد.. إن المسهلين بحاجة لمسهلين بينهم.
لقاءات بناءة
وصفت القيادية بالحرية والتغيير، عضو الأمانة السياسي لحزب المؤتمر السوداني عبلة محمد كرار لقاءات الآلية الثلاثية بمجموعة من القوى السياسية، بأنها جيدة وبناءة وتقرب من وجهات النظر، وأوضحت كرار في حديثها لـ(اليوم التالي) أن رؤية الحرية والتغيير تركز على ضرورة تهيئة المناخ وتطالب برفع حالة الطوارئ وإيقاف العنف ضد المواطنين ومراجعة كل التعيينات التي تمت منذ انقلاب 25 أكتوبر، وأضافت.. ومن ثم تحديد الأطراف المشاركة في الحوار وتوصيف المشكلة بشكل صحيح، وأردف.. أن أطراف الأزمة هم العسكريون ومن انحاز لهم بعد الانقلاب، والمدنيون الذين يقاومون الشمولية والدكتاتورية وينشدون دولة مدنية فضلاً عن تحديد الأهداف من الحوار، وأكدت أنهم لن يشاركوا في أي حوار لايفضي للوصول لدولة مدنية ولايفضي لإبعاد العسكريين من الساحة السياسية وإجراء ترتيبات أمنية تؤدي لبناء جيش وطني قومي مهني واحد، وقالت القيادية بالتغيير أن هنالك العديد من السيناريوهات شديد القتامة، علاوة على أن سيناريوهات الحل ليست مستبعدة بشرط أن تتوفر الإرادة من جانب الانقلابيين لتسليم السلطة لحكومة مدنية.
إجراء اضطراري
فيما اعتبر المحلل السياسي الفاتح عثمان المباحثات غير المباشرة بين القوى السياسية السودانية إجراء اضطرت إليه الآلية الثلاثية بسبب رفض القوى السياسية في البلاد الجلوس مع بعضها البعض، وبحسب عثمان في حديثه لـ(اليوم التالي) أن هذا الإجراء نفسه لا زال غير فعال في ظل رفض قوى سياسية كلجان المقاومة والحزب الشيوعي وتجمع المهنيين أي تفاوض مع العسكريين أو مع القوى السياسية التي كانت شريكة للمؤتمر الوطني قبل الثورة، ورهن الوصول لتوافق سياسي لحكومة انتقالية مدنية بتغيير مواقف القوى السياسيه تجاه بعضها البعض، وأضاف.. هذا هو سبب نداء وزراء خارجية الدول الصناعية السبع للقوى السياسية السودانية بأن تتفق على حكومة توافق سياسي لإدارة الفترة الانتقالية أو ضياع فرصة حصول السودان على إعفاء الديون الخارجية، وكذلك فرصة الدعم المالي الدولي للحكومة السودانية الانتقالية، إلا أنه عاد وقال.. تظل القوى السياسية لا تعرف الثوابت، ويمكن في أي لحظة التوافق السياسي على حكومة انتقالية طالما أن المفاوضات تجري بشكل غير مباشر علناً وبشكل مباشر سراً، وفق حديثه، وقال المحلل السياسي إنه وفق المعطيات المعلنة ليس من المتوقع التوصل لاتفاق سياسي يسمح بتكوين حكومة توافق سياسي جديد في ظل التباعد الكبير في المواقف السياسية بين القوى السياسيه السودانية.
جولة محادثات
وفي وقت سابق عقدت آلية الثانية المكونة من الاتحاد الأفريقي والإيقاد وليوليتامـس عـدداً من اللقاءات في إطار جولة المحادثات السودانية السودانية غير المباشرة التي تسهلها، وقد التقت وفدي حزب المؤتمر الشعبي وتحالف الحراك الوطني؛ في إطار الجولة الراهنة والتقت الآليـة 14 مايـو بـمجموعة دعم حقـوق المرأة كما عقدت الآلية لقـاءً بالجبهة الثورية وأطراف اتفاق جوبا للسلام، تم فيـه استكشاف آراء لأطراف أصحاب المصلحـة حـول مؤسسات الحكم الانتقالية . والتقت الآلية الثلاثية بوفد من مركزيات وتنسيقيات لجان مقاومـة ولاية الخرطوم، باعتبـار أن لجان المقاومة حد الأطراف الفاعلة في الساحة السياسية السودنية فضلاً عن أنها التقت بقوى إعلان الحرية والتغيير، ميثاق التوافق الوطني، وتبعه لقاءٌ مع قوى إعلان الحرية والتغيير المجلس المركزي، ولقاءٌ ضم الحزب الاتحادي الديمقراطي (الأصل)، وتعمـل الآلية الثلاثية جاهـدة على ترسيخ الإجراءات تهيئة لإطار ملائم للحـوار السوداني السودني من خلال مقاربـة متكاملة وغيـر إقصائيـة ، تعزز من دورها في تسهيل إجراء الحـوار بيـن أصحاب المصلحة للخروج من الانسداد السياسي.
صيغة توافقية
وفي الأثناء كشف حزب المؤتمر الشعبي عن تفاصيل لقائه بالآلية الثلاثية في مرحلة المحادثات غير المباشرة والتي تهدف إلى توافق عدد من مجموعات العمل لإيجاد صيغة توافقية تسهل عملية الحوار، وأوضح، في بيان له، أن رئيس البعثة الأممية فولكر تحدث عن أهمية الحوار السوداني و التوافق، فيما تحدث ممثل الاتحاد الأفريقي محمد الحسن ود لباد عن أهمية تحسين شروط المناخ ليكتمل تقريب وجهات النظر حتى لا تعيق الحوار بعض الموضوعات الخلافية، وبحسب البيان، أكد المؤتمر الشعبي على رؤيته في تكوين المؤسسات المعنية بالفترة الانتقالية والمتمثلة في المجلس السيادي الذي يقوم على التكوين المدني الخالص برئاسة دورية، فيما يخصص مجلس عسكري للأمن والدفاع تحت مسؤولية القيادة المدنية ومجلس وزراء مستقل وصلاحياتهما والآليات المفضية لتكوين واختيار رئيس الوزراء وحكومته والمؤسسات المتمثلة في القضاء والنيابة والمحكمة الدستورية والمفوضيات، وأشار البيان إلى مناقشة الوفد للقضايا بالتفصيل، مؤكداً على الاهتمام بالوضع الأمني بالبلاد، ومعاش الناس، وحقوق الإنسان، وقضايا الشباب والمرأة والحريات العامة، والحريات الصحفية والإعلامية لتهيئة البيئة السياسية للحوار.
استرداد شرعية
وفي السياق ذاته.. أكد حزب الأمة القومي مناقشة الأوضاع السياسية الراهنة والمخرج الممكن لإنهاء الانقلاب العسكري وتحقيق الانتقال الكامل للسلطة المدنية خلال لقائه الآلية الثلاثية، وفي بيان له، جدد موقفه الداعم للمشاورات التي تجريها الآلية الثلاثية مع القوى السياسية للخروج من الأزمة الحالية والسير قدماً نحو استرداد الشرعية وضرورة إنهاء السلطة الانقلابية وعودة السلطة للمدنيين بشكل كامل، في إطار شرعية دستورية يتفق عليها السودانيون، ودعا البيان إلى أن تكون العلاقة بين القوى المدنية والعسكرية في إطار المشاركة وليست الشراكة في الحكم حتى تتفرغ القوات المسلحة والقوات النظامية الأخرى لمهامها الدستورية وخدمة القضايا الوطنية في إطار اختصاصاتها، وشدد على ضرورة التواصل مع جميع القوى السياسية والمدنية ولجان المقاومة وجميع قوى الثورة لتوحيد الرؤى والمواقف حول القضايا ومعالجة التداعيات التي نتجت عن الانقلاب للتوافق على منهج لمعالجة هذه القضايا؛ يلبي تطلعات الشعب السوداني والعمل على تحديد خطة وبرنامج واضح المعالم يتم التوافق عليه بين جميع أطراف التفاوض وتوفير الضمانات اللازمة للالتزام بها بما يضمن الوصول لحلول جذرية بشكل عاجل لمصلحة الوطن علاوة على أن تشمل العملية السياسية طرح ومعالجة جميع القضايا التي شكلت جزءاً من الأزمة السياسية التى أدت للانقلاب، و منها القضايا ذات الصلة باتفاقية جوبا وإصلاح الأجهزة النظامية والمؤسسات العدلية والعدالة الانتقالية وغيرها من القضايا المهمة.