عمار باشري يكتب (لقاء الامين العام للحركة – إعلان مرحلة جديدة) (قراءة اولي)
– الحركة الاسلامية السودانية التي نهضت مُنذ تكوينها ونشأتها الأولي كحركة اصلاح وتجديد اجتماعي وسياسي من بين تراث السلف الجامد وعِلل الطائفية البنيويّة وتطرُّف الحداثة المنبتّة عن جذور المجتمع والمعادية لدينة واعرافه فانلجت كوّة من ضوء ومُشرع أمل ونفّاج يقين ؛ مشروع وطني إسلامي لا يزرع الا بذور الخير ولا يُنتج الا ثمار الصلاح والنفع بسواعد خضراء وأكُف طاهرة ووجوه مستبشرة وعقول ذكيّة نابضة بالحكمة وقلوب فيّاضة بالايمان وحُب النّاس وعزمٍ في قيادة الحق ومواجهة الباطل لا يلين ولا تكسره القواصم .. هذه الحركة تؤكد اليوم انها صانعة للحدث وقادرة علي الفعل وضامنة للسلام والامن والاستقرار سواءً كانت في مقاعد المعارضة او ممسكة بصولجان الحُكم ..
–
– مثّل إنقلاب ١١ أبريل ٢٠١٩م حدثًا داوياً وخطًا فاصلًا في تاريخ السودان السياسي الحديث اقرب لسقوط الستار الحديدي (جدار برلين) نوفمبر ٨٩م وذلك لما ترتب عليه من أثر ليس علي المستوي المحلي ولكن تعداه الي الإقليمي والدولي . إذ جسّد مشروع حُكم الإنقاذ حائط الصد الأخير والممانعة بالإقليم ومناهضته سياسات دوليّة تنتظم الإقليم والعالم ظل يواجهها رغم التحديات والصعاب (والاقتصاد المحدود) عبر رؤية فكرية وعقيدة سياسية وطنيّة حجر زاويتها إستقلال القرار والسيادة ورحاها نهضة أمة ورفاه شعب .
– الامين العام(والمسؤول الأول) لحركة بهذا الزخم وتيار اجتماعي واسع وسياسي حكم بنفسه وبمشاركة كل الطيف السياسي والوطني والمجتمعي عبر مراحل انتقالها وتطورها المختلفة ل٣٠ عامًا قطعًا ظهور امينها العام عشيّة (الأربعاء ٢٥ مايو ٠٢٢م) يجعل منه (حدثًا) يجب التوقف عنده طويلا حكومة ومعارضة وداخل وخارج (اقليمي ودولي) مهتم بالشأن السوداني ووالغ في اعادة رسم جغرافياه ومستقبله خدمة لاهداف معلومة واجندات ليس للمواطن ولا الوطن فيها حظ معلوم ..
– فاجأ (مولانا كرتي) الجميع (وربما حتي امانته وخاصته) وهو يطِلُّ علي الساحة بشكل مختلف من (مقرّه الآمن) والسلطات تطلبه (دون اتهام ولا جناية) وكلما علا ضوضاء (الغوغائين والمهرجين والنشطاء) بحثوا عنه كبش إسماعيل وكلما زادت ضغوط دول الاقليم هرعوا اليه عجلٍ حنيث لضيوف ابراهيم ..
– لم يظهر بجواره مدير المخابرات العامة ولا رئيس الاستخبارات العسكرية ولا قائد ثاني الدعم السريع كما حدث مع المرحوم (نقد) والضحكات تزّين (قوش) حينها بانتصاره الكبير لتسقط (خرافة) الشيوعي واساطير العمل السرّي ..
– (مولانا كرتي) هو من حدّد الزمان والمكان والمحاور واوان الظهور ليؤكد قدرة الحركة علي الفعل وصناعة الحدث أنّا شاءت وقدرها في تحمل المسؤلية والدفاع عن تجربتها مواقفها وشجاعتها في مواجهة الصعاب والتصدي لمخاطر البلاد وقد آن الأوان..
– (لقاء مولانا) لم يكُن حوارًا صحفيّا ولا مقابلة تلفزيونية ولا مؤتمرا إعلاميًا رغبة في إعلاء الذات او تلميعًا في ساحة منافسة ولكن مثابة (الاعلان لمرحلة بلاء وامتحان عسير إنقضت وتحدٍ قادم لا يقل عنه ابتدت) تحمّل خلالها الرجل كثير اذي وعميق جراح من القريب قبل البعيد وربما الاقدار حجبت عنه مخاطبة عضويته والناس هي ما عمّقت من الظنون ومكّنت كل مخالف للإسلاميين من نسج اوهام حولها تصور الحركة والتيار الإسلامي الواسع وفق خيالها وغرائبها..
– فاجأ (مولانا كرتي) الجميع بشكل مدهش بظهوره خلف عدسة الكاميرا (روحا وثقة وأملا وتوكلا ويقينًا وسماحة وتواضعًا وحكمة ومفردة وترتيب افكار وصدقًا في الحديث). يحمل في قلبه العامر بالايمان مبادئ وافكار وقيم الحركة المنتصرة للمظلومين والمنحازة للمستضعفين والملتحمة بقضايا الفقراء وعامة الشعب والرافعة لراية الحق بكُلفتها الثقيلة بشجاعة لا يزايد علي عدو وخلّدتها تضحيات باهرة في ميادين الفداء مكتوبة بأشرف الدماء واصدق الارواح واطهر القلوب عرقًا وأنفُسا عِزاز ..
– أكد اللقاء بشكل صريح ما ظلت تمارسه الحركة منذ (الانقلاب) ولا اقول التغيير فهو انقلاب (مكتمل الاركان) سلوكًا منضبطًا وروحًا وطنية ومسؤولية عالية تجاه شعبها والدفاع عن قيم الدين واعراف المجتمع ومكتسبات الوطن ؛جعلها تتحمل في سبيل ذلك جسيم الاذي وعظيم البلاء مؤسسات وافراد بلغت القتل العمد تحت بصر اجهزة العدالة (وموافقة قادة العسكر) طالت شيخها وامينها العام (شيخ الزبير احمد الحسن) تغمده الله برحمته واخوانه الشهداء (الشريف بدر وعبدالله البشير) ليسوا عضوية عادية ولكن قيادات دون محاكمة ولا مذكرة اتهام ولا حتي واجب عزاء بعد فاجعة الموت .. فأمسكت الحركة عن كل رد فعل غاضب او إنتقام غير محسوب .
– إعتراف شجاع سجلّه(مولانا كرتي) بتراجع كبير في الاداء العام للدولة قبل سقوط المشروع ردّه الي أخطاء في اختيار الرجال وضعف الممارسة (وانعدام الشوري وإن لم يصرّح بها) وما اسباب قيام مجموعات تدعو للاصلاح الا انعدام رئة التنفس الطبيعي وضيق مسارات النقاش الحُر المنفتح وقبول غالب الرأي..
– حسم الجدل حول موقف الحركة من واجهتها السياسية (الموتمر الوطني) واغلق باب التشكيك برفض الغاءه الا (بحكم قانوني) وحلّه او الاستعاضة عنه الا (قرار مؤسساته) وهنا تاتي عبقرية الالتزام بنصوص وروح الدساتير واللوائح علي مستوي الدولة والتنظيم وهو امر واجب التمسّك به جريمة النكوص عنه ..
– تجاوز (الامين العام)(خلف الوعد) الذي ابقي علي رمز الامة وقائدها (الرئيس البشير) وأخوانه رهائن وورقة مساومة لم يشهدها تاريخنا الحديث ورموز (الخيانة) يسعون لتفكيك الجيش يتجولون بين كاودا وجوبا لحرق ما بقي من وطن .وتبّث موقف الحركة الراسخ من دعم قواته المسلحة سِفراً من العطاء ومسيرة جهاد رسمت لوحتها بالمُدن والقري والوهاد شهادة وكرامة غرست بذرتها في كل شبر بتضاريس بلادي .. ولم يُسرف القول وهو يتعرض لمظالم (لجنة الدفتردار الانتقامية) ولا تجبّر السابلة ولا غطرسة الأشقاء الجهلاء ..
– خاطب دول الاقليم بلغة تفهمها وهي استحالة اجتثاث الحركة وفرض شروط عليها وحزبها لممارسة نشاطها العام والسياسي وهو حقها الدستوري وضمان وجودها واستمراريتها خدمة للشعب ودعوة لله جوهر فكرتها واصله المتين ولا يتعارض ذلك مع بناء علاقات اساسها الاحترام وسبيل الخبر .
– بظهور امين الحركة (غير المأذون) من السلطة اكدت الحركة وهي تُعلن مرحلة جديدة تفرّدها في التدبير وحنكتها في التقدير ووفرة رجالاتها الكبار عند كل منعرج وجائحة وعبورها محنة هي الاعظم بمجموعة قياديّة تثق بذات الله لُطفه وكراماته وتوفيقه ورحماته ومنّه وعطاءه وامتحانه وتقلّبات الامور .. تسند ظهرها ليس علي سلطة (زائلة) ولكنما علي شعبها النابه وكسبها وأثرها الطيب ؛ والمعتصمين بفكرتها الموصولة بالقيم والدين والمؤسَسَة علي التسامح والتصالح مع الاخر والرافضة للتدابر والخصام ..
– تحيّة للطاهر حسن التوم الاعلامي الذكي الذي بادر وثابر حتي كسب الرهان الحدث .. وصادق الدعاء للاخ الامين الذي أبان وكان قدر التحدي والمرحلة واهدي كل مشفق يقين وكل مترددٍ عزم وكل حائر أمل وكل باحث عن الحق جواب وكل متربصٍ وعدو قولا بإحسان ..