تصريحات و مواقف غير مسؤولة.. التلويح باغلاق الموانئ .. شلل يصيب مفاصل الاقتصاد

 

أزمة جديدة تطل برأسها على الاقتصاد السوداني، تضاف إلى رصيده المتضخم من الأزمات بعد التصعيد المستمر لمشكلة شرق البلاد، والتي تنعكس بصورة مباشرة على مجمل حركة الاقتصاد، حيث هدد قيادات من المجلس الأعلى لنظارات عموم البجا، بإغلاق مينائي تصدير البترول بشائر (1،2)، بجانب أغلاق شركات التعدين العاملة بولاية البحر الأحمر، هذا بجانب تهديدات بإغلاق الشرق مرة أخرى، الأمر الذي نفاه أحد قيادات المجلس بأنه لا اتجاه لإغلاق شرق السودان، رغم ذلك تظل المخاوف قائمة إذا لجأ المجلس مرة أخرى الى الإغلاق، ما يؤثر على الحركة الاقتصادية بالبلاد بشكل عام، وليس ببعيد ما حدث أثناء إغلاق الشرق خلال العام الماضي، والأضرار الاقتصادية التي صاحبة ذلكم، (اليوم التالي) طرحت القضية إلى عدد من خبراء الاقتصاد، لمعرفة الآثار المترتبة على الخطوة أن حدثت وخرجت بالحصيلة التالية:
بوب: “الآثار الاقتصادية ستكون هائلة والبلاد ما زالت تتعافى من آثار الإغلاق السابق.
ويقول أستاذ الاقتصاد في الجامعات السودانية بروفيسور عصام عبدالوهاب بوب لـ(اليوم التالي) إن ما نحاول نسبته لنظارات البجا وحده ليس صحيحاً لأن شرق السودان يحتوي على كل قبائل البلاد، ما أعلنته قبائل البجا يعبر عن طموحات لذلك الإقليم فقط هي القوة السياسية المترابطة هناك وتعبر عن ذلك، وتابع: “الآثار الاقتصادية ستكون هائلة والسودان اليوم ما زال يحاول التعافي من آثار الإغلاق الذي سبق ذلك، وأعتقد أن لهم آراء صحيحة تعود إلى عدم وجود حكومة تعبر عن إرادتهم ولا آمالهم”.
واستطرد بالقول: هذا الإغلاق هذه المرة ستكون آثاره كارثية لأن المعبر الشمالي تأثر من الإغلاق الذي حدث في الشمال ولن يعود الى حيويته إلا بعد إصلاحات عديدة بنيوية واجتماعية.
وحذر من آثار سلبية تصل إلى درجة المجاعة وانعدام مدخلات الإنتاج حل تنفيذ الإغلاق، وأضاف لذلك التمس من السلطة سرعة وجدية حل هذه الأزمة التي لا يمكن حلها إلا بالحوار الجدي الصادق العادل الذكي.

أوبشار: لا اتجاه حالياً لإغلاق الموانئ، ولكن يمكن أن تكون هنالك خطوات تصعيدية

مقرر المجلس الأعلى لنظارات البيجا عبد الله أو بشار، قال إن معلومة إغلاق الشرق غير صحيحة ولا يوجد اتجاه إلى الإغلاق في الوقت الحالي، ولكن يوجد غغلاق للشركات التعدين وإقامة اعتصام مفتوح لمدة 8 أيام لتنفيذ المطالب التي دفعنا بها من قبل السلطات.
وأضاف أوبشار أن إغلاق الشركة السودانية للموارد المعدنية، وشركات التعدين في ولاية البحر الأحمر، يأتي بعد انتهاء المدة الزمنية التي أمهلها المجلس للسلطات، وكشف مُقرر المجلس، في حديثه لصحيفة (اليوم التالي) اتجاههم إلى تنفيذ اعتصام مفتوح أمام أمانة حكومة ولاية البحر الأحمر، ولمدة 8 أيام لتنفيذ المطالب الثماني التي دفعوا بها عبر مذكرة إلى لجنة الأمن في ولاية البحر الأحمر.
وفي السياق نفى أو بشار التصريحات المتعلقة باتجاه المجلس لإغلاق ميناء الشرق، وقال: “لا اتجاه حالياً لإغلاق الموانئ، ولكن يمكن أن تكون هنالك خطوات تصعيدية في حال عدم استجابة السلطات للمطالب”.
هيثم فتحي: إعادة إغلاق الشرق يفقد البلاد 40 مليون دولار يومياً
ويقول الخبير الاقتصادي هيثم محمد فتحي إن إغلاق الشرق له تأثيرات كبرى على القطاعين العام والخاص، حيث تضطر الشركات العالمية إلى تغيير تعاملها ورسومها مع الموانئ السودانية، بزيادة نسبة “النولون” إلى 50%، علاوة على زيادة تكلفة التأمين البحري على السفن والتأمين على البضائع، وهذا يزيد من التكلفة، مما يُؤثر على المواطنين السودانيين في الأجلين المتوسط والطويل حتى بعد انتهاء الأزمة.
ويمضي: عودة موانئ السودان للعمل بشكل طبيعي على البحر الأحمر يستغرق عدة أشهر، حتى وإن تم فتح الشرق وحل المشكلة جذرياً، ما ينجم عنه تراكم البضائع والسلع بكميات كبيرة لفترات تتراوح بين 6 و8 أسابيع، مع استمرار مشاكل التوريد خلال ذروة الطلب في البلاد، ويتسبب في زيادة قيمة الشحن البحري للسودان، وهو ما سيكبح نمو التجارة السودانية ويزيد من وتيرة التضخم المالي.
وأوضح فتحي أن أي اتجاه لإعادة إغلاق الشرق يفقد البلاد 40 مليون دولار يومياً من عائدات حركة الصادرات والواردات في موانئ بورتسودان، فضلاً عن عائد حركة الركاب والمسافرين، وزاد: صناعة النفط السودانية تعرضت لأكبر عائق منذ ظهور البترول وتصديره في 1998، بسبب الإغلاق الأول للشرق، والذي عطل حركة الخطوط الناقلة لبترول السودان وبترول دولة جنوب السودان في الشرق، مما نتجت عنه خسائر فادحة، أدت إلى خسارة السودان نحو 28 ألف برميل نفط يومياً تمنح من دولة جنوب السودان، قيمتها 2 مليون دولار تقريباً يومياً، إضافة إلى خسائر رسوم عبور بترول جنوب السودان، وهي 25 دولاراً عن كل برميل، حيث تمر عبره يومياً 125 ألف برميل، ما يصل عائدها إلى 1.1 مليون دولار تقريباً.
وقال هيثم إن الإغلاق بمختلف مستوياته سينتج منه أثر فادح، فغير الخسائر المالية التي طرأت على الميناء، هناك تأثر الاقتصاد السوداني بشكل أكبر، إذ تقل المعاملات الاقتصادية مع العالم، إضافة إلى فقدان الميناء سمعته العالمية نسبة إلى ترهل وتكدس البضائع، كما يمكن أن يهدد ذلك بتوقف الشركات الملاحية الخاصة المرهونة استمراريتها باستمرارية الميناء في العمل، ويؤدي ذلك إلى فجوة في السلع الاستراتيجية والضرورية ما يمكن أن يعقّد المشهد الاقتصادي أكثر من ذلك.
فالبلاد تعتمد على 80% من الاستيراد من الخارج في توفير السلع ومعظم حاجاتها من المواد الأساسية من الأغذية والإسبيرات ومدخلات الإنتاج، كما أن أهمية الموانئ وإيراداتها تشكّل نسبة مقدرة في الموازنة العامة للدولة، وأشار إلى وجود نحو 14 ألف عامل في الميناء، سيتضرروا باعتبار أن قضاياهم لا تنفصل عن الراهن الاقتصادي الموجود وارتفاع تكاليف المعيشة، خاصة مع بدء الإنتاج يرتفع عن السابق عقب إصلاح بعض الأعطال في الموانئ.

محمد الناير: على الدولة معالجة قضايا شرق السودان العادلة حتى لا نعود إلى المربع الأول
قال الخبير الاقتصادي د. محمد الناير لـ(اليوم التالي) إن الإغلاق السابق أثر سلباً على الاقتصاد السوداني وعلى الشرق عموماً، على الدولة معالجة قضايا شرق السودان العادلة حتى لا نعود إلى المربع الأول خاصة وأن الاقتصاد في الوقت الحالي يعاني من تعقيدات كثيرة.
وحذر محمد الناير في وقت سابق، من إسهام قضية شرق السودان من خلال تكرار إغلاق الموانئ في بث رسالة سلبية للمجتمع الدولي، بخاصة في عملية التعاون التجاري، فلا يعقل أن ترهن مصالح البلاد واقتصادها في يد من لا يجيدون حلول الأزمات التي تتطلب السرعة والجدية في اتخاذ القرارات الحاسمة، لافتاً إلى أنه ليس من المعقول أن لا تتوصل الدولة خلال شهر كامل إلى معالجة قضية محورية تهم اقتصاد السودان، على الرغم من تشكيل لجنة عليا لحسم هذه القضية.
وتابع الناير: “كنا نتوقع أن تصل هذه اللجنة بالسرعة المطلوبة إلى حلول مرضية والإعلان عن توافق جميع الأطراف، لكن المشكلة أنه في حال استمرار الدولة في ذات النهج سيقع الضرر على الاقتصاد، وسيكون له أثر كبير عند استعادة التوازن، وهو ما يستغرق وقتاً طويلاً”.
وحول حجم الخسائر، التي يتعرض لها الاقتصاد السوداني من جراء إغلاق الموانئ سابقاً، قال: “بالنظر إلى حجم تعاملات السودان مع دول العالم من ناحية الصادر والوارد فإنها تصل لقرابة الـ11 مليار دولار سنوياً، بالتالي هذا الإجراء سيفقد البلاد في حدود 30 مليون دولار يومياً، بسبب توقف نشاط حركة الصادر والوارد، فضلاً عن نقص السلع والنقد الأجنبي، وانخفاض إيرادات الموانئ التي تعتمد عليها ميزانية الدولة، إلى جانب الاتجاه لاعتماد موانئ بديلة للموانئ السودانية، الأمر الذي يكلف البلاد ثمناً باهظاً”.

          
قد يعجبك ايضا
تعليقات
Loading...