فوتوغرافيا الخندريس

خواطر طبيب

بقلم✍🏽 ! بقلم علي بلدو

مثلت الصورة اهتمام الكثيرين و الكثيرات و شكلت وجدان حقب تاريخية مختلفة و متنافرة باختلاف الصور و المتصورين و كما كانت و لاتزال مخزونا لا ينضب من معين الذكريات و تصاريف الاقدار خيرا و شرا , افراحا و اتراحا. مغنما و مغرما،
و ادى انتشار الوسائط و تطور التقنيات الي اعادة بعث تلك الصور بعد ان كاد نجمها يافل في غياهب النسيان و عادت اكثر قوة و بتاثراتها المختلفة و الحقيقية منها وو المفبركة و المعالجة لتداري سؤات شتى و ثقوب كثر من فوتوشوب و غرافيك و غيرها و كانها تقول:

ان غاب اسمنا فهذا رسمنا
و نحملها معنا بدلا عن البراويز , و نسير بها في ممشانا العريض و سكة سفرنا الطويل و الممتد منذ سنوات طوال, وسط معاناة الحياة و شظف العيش و هموم كالجبال.’ ووسط التغريدات و الصدمات المزعومة و التي لا تغنى و لا تسمن من جوع سوى التصفيق و الهتاف.و سوي العيش مع سارقي الثورات و المتاجرين بدماء الشهداء، وضمن قطاع الطرق على الشعب من شيوخ الضلال و التفاف و الفسق و الفجور و دجالي هذا الزمان من فاحشي القول و العمل و الذين لولا قسمنا الطبي و سرية مهنة الطب لكشفنا للناس ضلالهم و اعمالهم التي هم لها عاملون صوتا و صورة. و سوى ان نظلٌ سادرين في بلاد أدمنت الهُتافات و الاحتفالات و تضخيم الاشياء بصورة تدعو للدهشة و الاستياء في آن واحد.

على ان الغريب هو اعتماد الكثيرين على الصور اكثر من العمل و الانجاز للفت الانتباه و شد الحاضرين, فهذا المغني مثلا من ينظر لصورته قبل سنوات قليلة لا يصدق انه هو الان على هيئته بفضل التجميل و الراحات و العدادات, و تتغير صورته من حين لاخر بفضل النيولوك و تقنيات التصوير المتقدمة و الظل و الضوء و الذي يجعل القرد غزالا و مها لا يشق له غبار و لا يعرف له اطار؟

ثم و نحن على تلكم الحال تطل علينا فنانة الموسم و هي بصورتها البيضاء الفاقع لونها و لكن تتناسى صورة لها قبل اشهر معلومات و هي تكاد تشبه من عناه :

حرقتني الشموس
و شوتني كقرابين على نار المجوس
فانا منها كعود الابنوس
و كما تحاول بناتنا و شاباتنا و بكل السُبل الوصول الي صورة نمطية مُعينة ’ على حسب الموضة’ و الانغماس في حبوب التسمين و التبييض و التنحيف و محاولة تصنيع كل شئ من شعر و رموش و خلافه’ و يبذلنٌ في سبيل ذلك الغالي و النفيس ’ و يُنفقن انفاق من لا يخشى من الفقر.
و على الرغم من التحذيرات الطبية بخصوص مثل تلكم المستحضرات المجهولة و غير المعترف أو المُصدق بها من الجهات ذات الصلة, الا انه ( كلو يهون) في سبيل تلك الصورة الجميلة المتوقعة ’ و كأن شعار حواءات هذا الزمان هو ان أموت بيضاء خيرُ من أن أعيش سمراء.
و للمقارنة فقط و للتعبير عن روح الفهم و تقبل الذات و مستوى الوعي و الاستنارة غير المرتبط بالتحصيل الاكاديمي و الدرجات العلمية الرفيعة’ و التي يكون مثلنا السوداني ( القلم ما بزيل بلمٌ) هو عنوانها الابرز’ نجد الشاعر الجاهلي عنترة بن شدادٌ العبسيٌ يعبر بكل فخر عن صورته أمه و باعتزاز و ثقة عجز الكثيرون و الكثيرات من أن يجدن مثلها و لو كان بعضهم لبعض ظهيراً’ و يقول:
و أنا ابن سوداء الجبين كأنها ضبع ترعرع في الظلام و جيألُ
الساقُ منها مثل ساق نعامة و الشعرُ منها مثل حب الفلفلُ

و اما عن كتابنا و كاتباتنا فحدث و لاحرج , فمرة نراهم بالبلدي و اخرى بنظارة و تارة بدونها , و حينا بالعمامة و اخرى بالطاقية وو ما اكثر الطواقي في هذه البلاد’و اولئك ياتون مرة بالبرنيطة و حينا بالشعر السافر و احايين بالحجاب و من حين لاخر بالنقاب و كلو حسب الظروف و ايضا ما اكثر تلكم الظروف في هذه البلاد.
و الان و بعد ثورتنا المجيدة ترى البعض يحلق ذقنه و يسدل شعره ُ و يُغير في مظهره و لُغته طمعاً في منصب او مغنم و الحصول على بعض الحلوى في المولد الضخم الحنيذ مترامي الاطراف و كثير الغُبار الذي نراهُ حولنا الان’ و لربما ينجحون في مسعاهم و بصورتهم الجديدة ’ في بلاد نامت نواطيرها عن ثعالبها و قد بشمنٌ و ستفنى العناقيدُ.
و ياتي الاسفين الاخير من الساسة و الذين تقلبوا في نور السلطة و نارها سنين عددا و رايناهم يلبسون و يتصورون بكل شئ من اللبس القومي للعسكري للشعبي لازياء القبائل , تقلبا مع الانتخابات و الاستقطابات و المواقف و التي تتغير كثيرا , بدءا من مواقف الرجال و الاحزاب , مرورا بمواقف الحركات و انتهاء حتى بمواقف المواصلات .
و كثيرا ما يعمد اهل السلطان الى غمر و اشباع الناس و المواطنين بصريا و صوريا بتلك الصور في كل ناحية في الطرقات و الاحياء و السيارات الخاصة ’ و تشغيل الالة الاعلامية الضخمة لاولياء السلطان
قديماً و حديثاً ’ اذ أن السلاطين في بلادنا أثبتت التجارب أنهم لا يختلفون عن بعضهم كثيراً ’ و أن الامر ليس الا مسألة وقت و الحكاية ليست أكثر من موضوع تورايخ ليس الا.و نرى الان و سابقااغراقاً للمواقع و الصحف و مواقع التواصل الاجتماعي و غيرها من الالة الاعلامية
بدفق هائل من الصور و التصريحات تسري في الفضاء الاسفيري في كل ثانية ’ موثقة لكل شئ ابتداء من اللقاءات الضاربة و المصطنعة و التي لا تهم المواطن البسيط في شئ ’ و انتهاء بالاجتماعات التظيمية لبطانة الوالي الفاسدة و التي امتصت ملياراتها من دماء المسحوقين و المهمشين
,و من جبايات اطفال الدرداقات و عرق بائعات الشاي الشرفاء’ ثم يدعوا ان ذلك جاء بدعم اهل الجاه, و الان لاجل الوطن و دعم البسطاء و حلحلة مشاكل البلاد حسب ما يدعون’ من اشخاص لا يرون في الاقتصاد و السياسة ابعد من أرنبة انوفهم و يخططون بنظرية رزق اليوم باليوم’و ملء الشاشات بصور الزعماء من مضى منهم و من حضر’ حتى في البقالات و الطبالي والسيارات و لافتات الطُرق’و ربما نجدها قريبا حتى في دورات المياه, بحيث اصبحنا في كل حين شئنا ام ابينا ’ توالينا ام عارضنا ’ ثُرنا ام رضخنا’اصبحنا نراه, هو واهله و اخاه وحتى صهره و خاله و نسيبته و حماه, و عندما نراه عندها نعلم ان والينا لا يزال حيا ويزال يبحث لنا عن الحلول من آليات و مصفوفات و لجان وورش و مؤتمرات و ما شابهها من اشباه’و في ظل ما نعيشه وواقع الحال نحمد الله كثيرا اننا لازلنا برغم ذلك على قيد الحياه؟ و انظر حولك فقد تراه؟

          
قد يعجبك ايضا
تعليقات
Loading...