مسار التطبيع بين ” الخرطوم و تل أبيب”.. ما الذي تحقق؟
محلل سياسي: اسرائيل استغلت غياب الحكومة وضعف الدولة وأوحت للعالم أنها طبعت
سفير سابق : ما تم بين السودان واسرائيل لا معنى له
استاذة علاقات دولية : العلاقات بين الخرطوم وتل أبيب تعاون عسكري لا يعني إقامة علاقة رسمية
—
مازالت إسرائيل تسعى لتعزيز علاقتها مع البلاد باستغلال الظروف السياسية وغياب السلطة التشريعية؛ رغم استمرار الرفض الواسع من الشعب السوداني للتطبيع، وأكد متحدثون لـ(اليوم التالي) أن العلاقات بين الدول تتم عبر حكومات شرعية منتخبة ولا تكون ثنائية بين حكومة احتلال وسلطة حاكمة بأمر الواقع، كما هو الحال بين السودان واسرائيل اليوم، واصفين ما تم بأنه تعاون عسكري ثنائي لا يمثل الشعب، إنما المؤسسة الحاكمة التي تم دفعها من قبل الدول التي تمحورت معها إلى التطبيع، وقالوا إنها تسعى لمنع قيام حكومة ديمقراطية راشدة في البلاد؛ سيما وأنها تتمتع بحكم دكتاتوري شمولي.
علاقات تعاون
اعتبرت استاذة العلاقات الدولية بمعهد الدراسات الدبلوماسية جامعة الخرطوم، د. تماضر الطيب العلاقات السودانية الإسرائيلية تعاون عسكري بين البلدين؛ قامت به المؤسسة الحاكمة، وأنه لا يعني إقامة علاقة رسمية على مستوى وزارة الخارجية، وبحسب تماضر في حديثها لـ(اليوم التالي) إن تعزيز العلاقة بين السودان وإسرائيل تطبيع بين مجموعة لا تزال تسيطر على الحكم، لافتة إلى أن العلاقات بين إسرائيل والدول العربية تتم دون مشاورة الشعوب العربية، ولم تطرح في برلمان، وجميع الشعوب لم توافق، وأنه يتم بين الحكومات، واستدلت بمعاهدة كامب ديفيد التي قام بها الرئيس المصري الأسبق أنور السادات، وقطعت بأن المحاور تسعى لقيام نظام شمولي لتمرير أجندتهم ومنع قيام حكم ديمقراطي مدني راشد في البلاد، فضلاً عن أنهم دفعوا المؤسسة العسكرية للدخول في مشروع التطبيع والآن أصبح دورهم ضعيفاً، وأرجعت ذلك لضغط الشارع على المكون العسكري الحاكم في السودان.
غياب حكومة
وفي السياق ذاته، وبحسب خبير العلاقات الدولية الدولية د. محمد خليل؛ أن العلاقات بين الدول تتم برضى الشعب عبر برلمان منتخب؛ فضلاً عن وزارة الخارجية، ولا تتم بصورة فردية من رئيس الدولة، وأن المرحلة التي تمر بها البلاد غير مواتية، وشدد على ضرورة تأجيلها إلى حين تشكيل برلمان ينوب عن الشعب عبر دبلوماسية رفيعة، وأن لا تكون المرحلة الانتقالية فترة استقطاب، فضلاً عن أن العلاقات الدولية مهمة حتى في هذه الفترة، وقال خليل في إفادة لـ(اليوم التالي) إن إسرائيل استغلت غياب الحكومة وضعف الدولة، وأوحت للعالم أنها طبعت، واعتبر تمحور السودان بداية خطأ للديمقراطية ولا يمكن التقرير عن الشعب دون رضاه، سيما وأن السودان لا يدار بمعزل عن العالم، وطبقاً للخبير فإن المحاور اخترقت الدبلوماسية وتسعى للضغط على السودان للتطبيع، رغم أنها تعمل على دعم السودان لإقامة ركائز حكم راشد يستطيع أن يقرر في علاقات السودان سواء كانت إقليمية أو دولية، وأضاف.. الجميع يحاول الاختراق؛ روسيا من جهة وأمريكا من جهة أخرى، وكشف عن مصالح الدول الداعمة والراعية لتطبيع السودان مع إسرائيل أبرزها منع بناء الديمقراطية في السودان، سيما وأن المحاور تحكمها أنظمة دكتاتورية تسلطية لا ترغب في أن يقف السودان، بالإضافة إلى تبعية السودان للمحاور ولا يكون دولة مستقلة وفق منظور مصر والاستفادة من مياه النيل التي لا يستخدمها السودان، وفي الوقت ذاته.. أكد أن العلاقة مع اسرائيل لايوجد مصالح أو فوائد منها، بل خراب.
عقد اتفاق
ومن جهته قال السفير السابق؛ وخبير العلاقات الدولية الصادق المقلي.. إن سعي إسرائيل لتعزيز علاقاتها مع السودان عبر إرسال الوفود السرية لا يعني شيئاً لمسار التطبيع، وأن إقامة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين يبدأ بعقد اتفاقية سلام مع إسرائيل، والاتفاق لن يكون نافذاً إلا بمصادقة البرلمان، وأرجع ذلك لحالة عداء اسرائيل للسودان والدول العربية، وأوضح المقلي في حديثه لـ(اليوم التالي) أن كلمة تطبيع تستخدم لعودة العلاقات بعد المقاطعة، بينما حالة السودان وإسرائيل خطوات تمت بصورة ثنائية بأبعاد أمنية وعسكرية بين المكون العسكري الحاكم واسرائيل، مشيراً إلى انطلاق مساعي إقامة علاقة بين السودان وإسرائيل بدأ من واشنطن في عهد الرئيس الأمريكي السابق ترامب، مروراً بلقاء عينتبي وإلغاء قانون مقاطعة اسرائيل إلى زيارة الوفود السرية متبادلة، وأضاف.. ما تم لا يعني شيئاً ما لم يتم عقد اتفاقية سلام ويصادق عليها من جهاز تشريعي، دون ذلك ما يحدث ليس له شرعية قانونية او دستورية، وزاد.. وستستمر إسرائيل في إرسال وفودها الأمنية ولن تعني شيئاً .
تعاون سري
وأجمع المتحدثون على أن المكون العسكري عمل على التعاون السري، لايملك الحق فيه، على أن تتم ذلك عبر حكومة منتخبة بالقبول أو الرفض، مشيرين إلى أن السلطة الحالية ترغب في توطيد العلاقة مع تل أبيب، من أجل تشكيل حماية له ضد المجتمع الدولي، وأن إسرائيل استغلت ظرف السودان وقامت بزيارات أمنية تريد من ورائها الحصول على معلومات عن تنظيمات كانت موجودة في البلاد، ومساعدات قدمت لتنظيمات فلسطينية وعن تصنيع معين كان في السودان لدولة إيران، وأكدوا أن التطبيع بين الخرطوم وتل أبيب لم يصل إلى المستوى الرسمي، سياسي ثقافي او اجتماعي أمني، وأن اللقاء بين رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق نتنياهو والبرهان؛ عبارة عن اتفاق على التطبيع، وحققت إسرائيل من خلاله مكسباً لعبور طيرانها الأجواء السودانية، فضلاً عن وجود بعض الشخصيات في المشهد. تعتمد على إسرائيل لاستقطاب الدعم والتقنيات الغربية وفتح قنوات مع المحيط الإقليمي والدولي للحصول على اعتراف دولي لأي تشكيل حكومي مرتقب، وأن الدول التي أقامت علاقة مع تل ابيب تسعى للاستفادة من التسهيلات التي يمكن أن يقدمها اللوبي اليهودي في الإدارة الأمريكية، علاوة على أن بعض الدول تبحث عن دور إقليمي في القضية الفلسطينية، وتساعد في حلها، ويبحث السودان عن الدخول والاندماج في المجتمع الدولي عبر إسرائيل، مثل ما حدث برفع اسمه من قائمة الدول الراعية للإرهاب التي اشترطت حينها الولايات المتحدة التطبيع مع إسرائيل .
سلطة منتخبة
وفيما يقول السفير المتقاعد عبدالوهاب الصاوي إن التأثير الغالب إقليمياً ودولياً على السودان ممن لهم صلات بإسرائيل، بجانب الاتجاه الداعي لقيام سلطة تشريعية انتقالية بالتعيين اتجاه خاطىء، وشدد على ضرورة أن تتم العلاقات بواسطة سلطة تشريعية منتخبة، وأوضح الصاوي في حديثه لـ(اليوم التالي) أن ذلك لا يعني قبول الرأى العام السوداني لأي تفاهم مع اسرائيل وعنجهيتها في المنطقة، وأعمال عنفها في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وفق تعبيره، وأكد أن اسرائيل لن تحصل على شيء من علاقاتها الخفية مع أي حكام في السودان، إلا أنها تسعى لتخفيف التعبير الشعبي في البلاد ضدها والتخفيف من مواقفه في المنظمات الإقليمية ضدها، واعتبر السفير المتقاعد المواقف المصرية والسعودية غير المعادية لإسرائيل عبارة عن ردود فعل لنشاطات إيران لتقوية نفوذها في المنطقة، وقال.. ليس من مصلحة السودأن الانحياز لطرف ضد الآخر .
تعزيز علاقات
وفي وقت سابق كشفت صحيفة (تايمز أوف إسرائيل) أن إسرائيل زادت من تعزيز علاقتها مع السودان، رغم أنه يُعاني من مشاكل سياسية في محاولة الانتقال من حكومة يسيطر عليها الإخوان المسلمين إلى الديمقراطية، بحسب الصحيفة، وأوضحت (تايمز أوف إسرائيل) في تقرير أن دور المملكة العربية السعودية في السودان، وأيضاً في مصر له تداعيات مهمة على علاقات إسرائيل، كونها تدعم هذه البلدان التي ترتبط بعلاقات وثيقة مع تل أبيب، وأشارت إلى خبر أوردته صحيفة وول ستريت جورنال في 6 يونيو قالت فيه إن المملكة العربية السعودية كانت تتحرك نحو علاقات في نهاية المطاف مع إسرائيل مشيرة إلى أن ذلك يأتي في الوقت الذي أجل فيه الرئيس الأمريكي جو بايدن رحلة إلى الشرق الأوسط لموازنة العلاقات الوثيقة مع إسرائيل ودول التطبيع.