قطع الإنترنت.. بين الخسائر وسرية الامتحانات
انتقد عدد من المواطنين خطوة السلطات بقطع خدمة الإنترنت خلال جلسات امتحانات الشهادة السودانية، وقالوا إن خدمة الإنترنت أضحت من الأولويات ولا يمكن الاستغناء عنها، موضحين أن قطع الإنترنت يكبدهم خسائر مادية كبيرة، ويساهم في تدمير الاقتصاد السوداني، في الوقت ذاته انتقد قانونيون الخطوة، مبدين استغرابهم، قائلين: أصبح من العادة في السودان قطع الإنترنت عند دخول طلاب الثانوية العامة إلى امتحانات الشهادة السودانية، إضافة إلى حدوث الانقلابات يظل الإنترنت لأسابيع مقطوعاً دون عقاب يطال الشخصيات التي أمرت بذلك.
قرار القطع
وكان جهاز تنظيم الاتصالات بالبلاد قد وجه شركات الاتصالات بقطع خدمة الإنترنت خلال جلسات امتحانات الشهادة السودانية من الساعة 8 صباحاً وحتى 11 صباحاً، ابتداءً من أمس الأول السبت، وجاءت الخطوة بناءً على مطالبة وزارة التربية والتعليم عبر لجنة تأمين امتحانات الشهادة السودانية، بقطع الإنترنت خلال جلسات الامتحانات حتى لا يحدث تسريب للامتحانات ومحاربة الغش.. الجدير بالذكر أن أسلوب إيقاف خدمة الإنترنت أثناء فترة جلسة الامتحانات استخدمته الحكومة منذ 3 سنوات.
خطوة رجعية
ويقول المواطن مجاهد عبدالله، إن الإنترنت أضحى من الأولويات اليومية في الحياة العامة، مضيفاً أن عدداً كبيراً من الناس يستخدمونه في أعمالهم الأساسية، منتقداً خطوة الحكومة في قطع الإنترنت، ويرى أن على الحكومة العمل بإجراءات مشددة حتى لا تكشف الامتحانات، معتبراً أن قطع الإنترنت خطوة رجعية للغاية، مشيراً إلى أن معظم دول لا العالم لا تقوم بمثل هذه الخطوات باعتبار أن الإنترنت أصبح كالماء لا يمكن الاستغناء عنه حتى لدقائق، ودعا الحكومة بضرورة إيجاد حل لهذه الخطوة، وقال: كل عام تجري الحكومة ذات الإجراء.
سرية الامتحانات
وأبدى المواطن محمد عباس تشاؤمه من خطوة الحكومة في قطع الإنترنت، وقال في حديثه لـ”اليوم التالي” إن الإجراء صحيح للحفاظ على سرية الامتحانات إلا أنه عاد وقال: كان على الحكومة اتخاذ إجراء غير قطع الإنترنت، وبرر ذلك لأن هناك جهات كثيرة تستخدم الإنترنت وتعتمد عليه اعتماداً قاطعاً، ويؤكد أن هناك خسائر كبيرة يتكبدها مستخدمو النت وتؤثر على اقتصادهم بصورة كبيرة، ولفت إلى أن هناك حلول يمكن أن تتخذها الجهات المختصة دون التأثير على مستخدمي الإنترنت خاصة مستخدمي الهواتف النقالة.
خسائر كبيرة
فيما ترى أمل عبد الرحيم إحدى المسوقات في مواقع التواصل الاجتماعي، ترى أن خطوة الحكومة في قطع الإنترنت قصد به تعطيلهم عن العمل، وقالت في حديثها لـ”اليوم التالي” إنها خلال ساعة فقط من قطع الإنترنت يمكن أن تتكبد خسائر كبيرة خاصة أنها تعتمد على الوقت في تسويقها وترويجها عن المنتجات، مضيفة أنها خلال ساعة ساعة من بدء تسويقها تستقبل أكثر من ١٠٠٠ طلب شراء للسلع والمنتجات التي تقوم بتسويقها وترويجها، وطالبت الجهات المختصة بضرورة الإسراع في إيجاد حلول حتى لا تتكبد المشاق أكثر، موضحة أن هناك عدد كبير من المسوقين يعتمدون على الإنترنت بصورة كبيرة.
قطع طريق
ويبين أحد طلاب الشهادة السودانية أن قطع الإنترنت خطوة ممتازة وقصد بها قطع الطريق أمام ضعاف النفوس الذين يسربون الامتحانات، وقال في حديثه لـ”اليوم التالي”: بذلنا مجهوداً جباراً في الفترة السابقة وكنت أتابع دروسي أولاً، ثم كنت أقرأ ليل نهار، وتابع: لا أريد أن يذهب كل هذا العناء سدى، ولا أريد الحديث عن كشف الامتحان وإعادتها مرة أخرى، لافتاً إلى أن إعادة الامتحانات فيها خسائر كبيرة للدولة في الأموال، مشيراً إلى أن السودان يمر بظروف اقتصادية صعبة ولا يتحمل المزيد من الأعباء المالية.
خسارة المواطن
إلى ذلك يقول مهندس الاتصالات أحمد إسماعيل أحمد إن شركات الاتصالات لا يد لها في الأمر، مضيفاً أن الخطوة جاءت من السلطات لحماية الامتحانات، موضحاً أن شركات الاتصالات لا تستطيع عصيان أوامر الحكومة باعتبارها الحاكمة في البلاد، مشيراً إلى أن الشركات لا تخسر، مبيناً أن الخاسر الوحيد هو المواطن الذي دفع ضريبة خدمة الإنترنت مقابل توفيرها له، ولفت إلى أن عدداً كبيراً من الناس يتضررون من هذه الخطوة خاصة الذين يعتمدون بشكل كبير على خدمة النت في أعمالهم، وقال: على المستفيدين الصبر إلى حين انتهاء الامتحانات، وتابع: كلها أيام قليلة وينتهي الأمر، فقط هي ساعات وتعود الخدمة.
جريمة معلوماتية
وقال المستشار القانوني صاحب موقع خدمات قانونية على شبكة الإنترنت إن الحق في الوصول إلى الإنترنت والذي يعرف أيضاً بالحق في (الموجة العريضة) أو (حرية الاتصال)، بات من حقوق الإنسان الأساسية الذي لا غنى عنه لإنسان العصر الحديث، مضيفاً أن تعليمه وعمله يرتبط بالإنترنت، موضحاً أن الشبكة العنكبوتية أصبحت من أهم الأدوات ولا سيما في التعبير، معتبراً أن حرمان الشخص الوصول للإنترنت جريمة معلوماتية يجب معاقبة مرتكبه أو من يتسبب فيه، ونابع من فكرة الرأي القائل إن جميع الناس يجب أن يكونوا قادرين على الوصول إلى الإنترنت من أجل ممارسة الحق في حرية التعبير والرأي، وحقوق الإنسان الأساسية الأخرى، وتابع: الدول تتحمل مسؤولية ضمان إتاحة الوصول إلى الإنترنت على نطاق واسع، وعلى الدول أن لا تقيد وصول الفرد إلى الإنترنت بشكل غير قانوني.
اهتمام بالتشريعات
ويواصل المستشار القانوني فضل حجب اسمه، في حديثه لـ”اليوم التالي” قائلاً: في هذا العصر الذي يعرف بالعصر الرقمي وثورة الشبكة المعلوماتية يجب إيلاء أمر حق الوصول الى الإنترنت أهمية قصوى ولا سيما الاهتمام بالتشريعات التي تحمي المواطنين، إضافة إلى تعزز حقهم في الوصول إلى الإنترنت، موضحاً أن قانون جرائم المعلوماتية لسنة 2007م نصت في المادة الثانية منه بعنوان “تطبيق” على الآتي: (تطبق أحكام هذا القانون على أي من الجرائم المنصوص عليها فيـه إذا ارتكبت كلياً أو جزئيا ًداخل أو خارج السودان أو امتد أثرها ًداخل السودان وسواء كان الفاعل أصلياً أو شريكاً أو محرضاً على أن تكون تلك الجرائم معاقباً عليها خارج السودان مع مراعاة المبادئ العامة الواردة في القانون الجنائي لسنة 1991م).
حقوق مدنية
ويشير إلى أنه بالرغم من ذلك يتم قطع خدمة الإنترنت في السودان ولا أحد يحرك ساكناً، إلا ما ندر تكون هناك دعاوى بسيطة هنا وهناك تطالب بحقوق مدنية، وقال: أي ما فاتهم من كسب بسبب انقطاع الإنترنت، مبيناً أن معظم الدعاوى تكون في مواجهات شركات الاتصالات (زين، سوداني، إم تي إن) وتلك الشركات تدفع في المحاكم بأن هناك أمر من شخصيات نافذة في الدولة بقطع شبكة الإنترنت ولا سيما عند الثورات منعاً للتواصل والحشد، مبدياً استغرابه قائلاً: من العجيب في الأمر أصبح من الاعتيادي في السودان أن يقطع الإنترنت عند دخول طلاب الثانوية العامة الى امتحانات الشهادة السودانية، وتابع: وعند الانقلابات يكون الإنترنت مقطوع لأسابيع عدداً دونما حسيب أو عقاب يطال تلك الشخصيات الآمرة بقطع الإنترنت، وقال في ختام حديثه: لو كانوا يفهمون أن إلغاء الامتحانات من أساسه أهون من قطع الإنترنت، مبدياً أسفه قائلاً: (حاكمننا ثلة من أصحاب العاهات والمجانين وذلك منذ إجلاء الإنجليز وذهاب الحاكم العام).