خبير مصرفي: يستعرض أسباب ارتفاع أسعار السلع برغم تراجع نسبة التضخم
أوضح الخبير المصرفي دكتور لؤي عبد المنعم بان ارتفاع الاسعار في السودان برغم ثبات سعر الصرف نسبيا بعد تطبيق نظام التعويم الحر يعود إلى عدة أسباب، بعضها داخلية والآخري خارجية ..
وابان في تصريح لسونا ان الأسباب الداخلية تتلخص في ان زيادة الاسعار لا ترجع كما يعتقد البعض الى زيادة العرض من النقود وبالتالي انخفاض قدرتها الشرائية فحسب، بل السبب الرئيسي يعود إلى شح الاحتياطيات من العملات الأجنبية. وتعود الى زيادة معدل التضخم الى العام 2017 عندما ارتفع الناتج المحلي الإجمالي من 693.5 مليار جنيه في نهاية 2016 الى 957.5 مليار في نهاية 2017 ، وقد تزامن ذلك مع زيادة حجم الاستيراد غير المدروس والطلب على الدولار في السوق الموازي، وكانت الصادرات مستقرة نسيبا ولم تزيد بسبب معوقات لوجستية وزيادة في الجبايات وعدم التوظيف الأمثل للتمويل ، مما أدى الى تراجعها لاحقا وعدم تغطيتها للطلب على الدولار لأجل الاستيراد..
وقال لؤي أضف إلى ذلك حالة الهياج الثوري والسيولة الامنية التي خفضت تحويلات المغتربين عبر الجهاز المصرفي، وفي ظل شح العملات الأجنبية في السوق تراجع إنتاج المصانع وخرج عدد كبير منها من دائرة الانتاج فاضطر البعض إلى زيادة الاسعار لمواجهة مخاطر الانسحاب من السوق في ظل ارتفاع تكاليف الإنتاج ، خاصة مع ارتفاع اسعار الكهرباء والوقود والغاز والجمارك بسبب الحرب الروسية الاوكرانية، مما أدى بدوره الى زيادة حالة الكساد والركود في السوق مع تراجع معدلات شراء السلع لضعف الأجور و تراجع القيمة الشرائية للنقود..
وأوضح ان روسيا وأوكرانيا معًا تمثلان حوالي 30 % من القمح المتداول دوليًا ، ويستورد السودان ٨٠% من احتياجاته من القمح من البلدين لذلك كان تأثير الأزمة كبيرا عليه وكانت روسيا قد اشترطت ان تكون مبيعاتها من الغاز والنفط
والقمح بالروبل لتفشل العقوبات الامريكية المفروضة عليها والعقوبات الاوروبية المتوقعة وقد نجحت في ذلك الأمر الذي تضررت منه الولايات المتحدة مؤخرا مع زيادة الاسعار في أسواقها بنسبة 10%، لذلك تأثر أيضا السودان كمستورد لبعض السلع و قطع الغيار وغالبا سوف تسعى الحكومة لتأمين الروبل المطلوب لاستيراد القمح عبر مبيعاتها من الذهب إلى روسيا أو سلع أخرى يتمتع فيها السودان بميزة نسبية وتحتاجها روسيا مثل الصمغ أو السمسم ولابد للسودان من الاتجاه لتوطين القمح اذا اراد الخروج من الأزمة وهذا بدوره يتطلب إعادة هيكلة للتمويل المصرفي وحشد للموارد عبر مصفوفة تحد من حجم الجبايات لزيادة الإنتاج، وتحد كذلك من التهرب الضريبي دون فرض ضرائب جديدة كما تحد من الطلب على الدولار خارج الحاجة إلى الاستيراد، مع تخفيض أسعار الوقود تدريجيا أسوة بدول الجوار
. من جانب اخر لا بد من تنشيط الاستثمار الخارجي، والداخلي (عبر شركة مساهمة عامة نسبة الحكومة فيها لا تقل عن 51%) في قطاعي النفط والموانئ .