موت الضأن.. من المسؤول؟

غرفة المصدرين: نريد أن نؤسس من التحقيق لمعالجة الأخطاء الكارثية
محلل اقتصادي: غرق الباخرة صافرة إنذار لمراقبة وترخيص البواخر
وزير أسبق: ينبغي عدم السماح بزيادة الحمولة عن الحد المسموح به
الخرطوم: علي وقيع الله
غرق باخرة الضأن أمس الأول، تعتبر من الكوارث البحرية في السودان، وهي الحادثة الثانية فيما يتعلق بقطاع الصادر (الماشية) وكانت قبيل سنوات قليلة ماضية حدثت عملية نفوق الضأن الصادر بعد التوصل إلى معرفة أسباب ربما كانت مفتعلة في ذلك الزمان، ولكن هذه المرة غير، لجهة أنه بعد عملية الشحن خلال ساعتين ظهر ميلان على الباخرة وظلت درجة الميلان تزداد درجات، مما دعا الأمر فرق الإنقاذ إلى الإسراع لتدارك الحادثة، لكن لم تنجح في ذلك وباءت بالفشل، بعض الاقتصاديين يعتبرون أن الماشية المحملة في الباخرة التي جنحت لا تقل عن 5 مليون دولار، ونظراً إلى أنه مبلغ كبير رصدت “اليوم التالي” بعض التصريحات حول كيفية وقوع الحادثة (غرق باخرة بدر-1) لمعرفة وقائع وتأثيرات ذلك على حركة الصادر، وما مدى قدرة الموانئ البحرية على السيطرة على مثل هذه الكوارث، وكيف وصف مختصون وخبراء الحادثة فإلى متابعة التفاصيل..

أصل الحكاية
مساء السبت الماضي على مرفأ ميناء سواكن الذي يعتبر أكبر ميناء لصادر الماشية ويزدهر بكثافة وأنشطة عمل البواخر في ولاية البحر الأحمر بشرق السودان، تقول رواية مسؤول خطة تأمين الموانئ الكابتن، محمد عبد الحفيظ، إن الباخرة بدر1 على المربط رقم 7 بميناء الأمير عثمان دقنة بسواكن، وغرقت بالمربط وعلى متنها 15857 رأس من صادرات الضأن، وأبان أن الباخرة بعد أن طلبت المغادرة والإذن بالإبحار بعد اكتمال إجراءاتها: لاحظ المرشد ميلاناً بمقدار 30 درجة ناحية اليمين وعند وصولنا إلى الرصيف وجدنا الميلان قد بلغ 45 درجة، وفشلت كل محاولات الإنقاذ وغرقت الباخرة في الرصيف وتم إنقاذ الطاقم ولا خسائر في الأرواح، وقال إن الباخرة كان اسمها ملاك وتم بيعها لمالك عماني وتم تعديلها بإضافة طوابق أخرى، وأكد أن الباخرة غارقة في الرصيف الذي لم تبارحه ولذا فإن مدخل الميناء لم يتأثر والميناء يعمل بشكل طبيعي، بل حذر من حدوث كارثة بيئية، مطالباً بضرورة التخلص من المواشي النافقة.

السبب قاهر
إلى ذلك أوضح مدير إدارة الرقابة البحرية بهيئة الموانئ البحرية الكابتن، إسلام بابكر أبو درق، أنهم تأكدوا من صلاحية الباخرة وشهادات الطاقم بعد أن رست السفينة بالميناء في العاشر من يونيو الجاري وبدأت الشحن مساء السبت وبعد الشحن بدأت في الميلان، ورجح أسباب الغرق للحمولة الزائدة أو سوء توزيع البضائع داخل الباخرة وربما يكون السبب قاهر وخارج عن الإرادة، وأشار إلى أن التحقيق ونزول الغطاسين للمياه سيبين ما إذا كان هناك شرخ في الجانب الأيمن من الباخرة، وأكد أن الموانئ قامت بكل ما يليها من مسؤوليات تجاه الحادثة.

ملابسات الحادثة
يقول مدير الإدارة العامة المحاجر وصحة اللحوم د. علي آدم إنه لا يمتلك أي معلومات جديدة عن حادثة غرق الباخرة، وقال في تصريح لـ(اليوم التالي) أمس الاثنين، إنه بصدد زيارة لولاية البحر الأحمر للوقوف ميدانياً على ملابسات الحادثة، وأوضح أن هناك لجنة تحقيق وتقصي الحقائق تجرى بالولاية.

قضية وطن
يرى نائب رئيس الغرفة القومية للمصدرين خالد المقبول أنه بحسب المعطيات الأولية كل (زول نطَّ) في إشارة منه إلى نفي الشركاء وتجردهم عن مسؤولية غرق باخرة ميناء عثمان دقنة، وقال: لابد من تقصي الحقائق لمعالجة القضية، وزاد: إن شركاء الصادر الموانئ البحرية والمواصفات ومالك الباهرة والكابتن، داعياً إلى الاعتراف بالخلل وفتح تحقيق لتوضيح المسؤوليات لأن هذا اقتصاد بلد، ولفت إلى أن هناك أضرار تقع على المستورد وإشانة سمعة والتقليل من مسؤولية المصدر هذا بجانب الأضرار الناجمة عن حادثة الغرق على المستوى البيئي والاقتصادي، وقال خالد في تصريح لـ(اليوم التالي) إنها خلال ساعتين من الشحن وعلى بعد 13 متر من الرصيف غرقت الباخرة، وأكد أن هناك خلل واضح حدث لها، وكشف عن أن شحنة الضأن تتبع لعدد 4 من المصدرين، بيد أنه يعتبر أنها قضية وطن وليست قضية أفراد من المصدرين، وبالتالي إذا الشحنة تبع السودان ولها انعكاسات خطيرة – على حد قوله، وكشف عن أن الحمولة المعنية للباخرة 9500 رأس في السابق هذا بحسب مالك الباخرة السابق، وأضاف: إلا أنها الآن زادت عن الحمولة السابقة وأصبحت 16 ألف رأس، وقال: من الذي سمح أن تضاعف الحمولة إلى أكثر من ذلك؟.

تساؤلات كثيرة
وطالب نائب رئيس الغرفة القومية للمصدرين بضرورة تكوين لجنة تحقيق مستقلة بواسطة النائب العام وقال: نحن شركاء من ضمن اللجنة، وقال إن تقديرات الشحنة 14 مليون ريال سعودي واصفاً المبلغ بالكبير، وأضاف قائلاً: نريد أن نؤسس ونؤطر من خلال التحقيق لمعالجة الأخطاء الكارثية لنصل لرؤية جديدة عبر قوانين فعالة لمحاسبة كل من يجرم في شأن الصادرات والاقتصاد، وأضاف: نريد أن نؤمن حصائل الصادر متسائلاً: أين دور شركات التأمين وهل هذه المواعين مطابقة للمواصفات والمقاييس، وكيف سمحت سلطة الموانئ لها بمضاعفة الحمولة، ويضيف: هل السلطات البيطرية قامت بفحص الباخرة أثناء عمليات الشحن لضمان رفاهية المواشي كشرط فني مطلوب في عملية الصادر، قائلاً: كل هذه تساؤلات نود الإجابة عنها أثناء التحقيق حول القضية.

فقد مورد
وصف الأمين العام لشعبة مصدري الماشية أحمد إبراهيم الشيخ أن أي كلام حول حادثة غرق الباخرة بأنه غير مسؤول، وقال: تم فتح بلاغ في الولاية بمثابة لجنة متابعة من قبل شعبة المصدرين، ويعتبر أن أي حديث سيكون سابقاً لأوانه، وشدد في حديثه لـ(اليوم التالي) على ضرورة تكوين لجنة مختصين لتوضيح الأسباب والحقائق حول الحادثة، ولم يستبعد مثل هذه الحوادث قائلاً: كما حدثت كثيراً في العالم، لكنه رجح غرق الباخرة ربما سببه تقصير من بعض الإجراءات، وأوضح أن آثار غرق الباخرة كبيرة وقاسية على المصدرين، مشيراً إلى أنه ضرر كبير وفقد مورد كبير.

الحمولة الزائدة
بينما يعتقد وزير الثروة الحيوانية الأسبق، د. علم الدين عبدالله، أن سبب غرق الباخره بدر-١ قد يكون نتيجة للحمولة الزائدة بجانب عدم التوزيع الصحيح للشحنة، ولفت إلى أن الحادثة بالتزامن مع موسم الحج وبالتالي تدخل العديد من البواخر لسواكن في هذ الموسم، وشدد في حديثه لـ(اليوم التالي) على أنه ينبغي على السلطات المعنية مراجعة مدى جاهزية وصلاحية البواخر من حيث الحمولة بالإضافة إلى مراجعة توزيع الحظائر داخل الباخرة، وطالب بعدم السماح بزيادة الحمولة عن الحد المسموح به حسب سعة الباخرة.

معرفة الأسباب
فيما طالب المحلل الاقتصادي الدكتور محمد الناير بضرورة إجراء عاجل وفتح تحقيق لمعرفة حيثيات وملابسات غرق الباخرة بمربع الأمير عثمان دقنة بميناء سواكن، وقال في تصريح لـ(اليوم التالي): يفترض ألا يكون هناك حديث عن هذه الحادثة في هذا التوقيت إلا بعد معرفة الأسباب سواء كانت طبيعية أو حمولة زائدة أو بفعل فاعل، وتساءل: ما حجم الخسائر الكلية لتلك الحادثة، وحثّ على وجوب العمل لتفادي مثل هذه الكوارث مرة أخرى.

صافرة إنذار
يرى المحلل الاقتصادي الدكتور عادل منعم أنه لا توجد رقابة على البواخر نظراً للإهمال الواضح جراء غرق الباخرة المحملة بالضأن، وأرجع ذلك لشراء البواخر المتهالكة من أسواق شرق آسيا بأسعار زهيدة وفي ذات الوقت تحتاج إلى أعمال صيانة وربما تكون غير صالحة للإبحار، وقال في حديثه لـ(اليوم التالي) إن غرق باخرة الضأن في رصيف مربع عثمان دقنة بميناء سواكن بمثابة صافرة إنذار لمراقبة وترخيص البواخر وهذا يتطلب تضافر لجهود كبيرة من قبل سلطة الموانئ البحرية، وأوضح أن خصخصة الخطوط البحرية السودانية من أخطاء النظام البائد مما أسهم في هذا الخراب – على حد تعبيره، ويعتقد أن الخطوط البحرية السودانية ذات أهمية اقتصادية كبرى مقارنة بالخطوط الجوية، مطالباً بضرورة أن تجد الدعم الكافي نظراً لما تسهم فيه من خلال عمليات الصادر والوارد بالبلاد، وأكد د. عادل أن حادثة الغرق تمثل خسارة كبيرة على الاقتصاد وخاصة على المصدرين، مشيراً إلى أن تقديرات الشحنة لا تقل عن 5 مليون دولار، ونادى بضرورة تفعيل الضوابط والقوانين لمعالجة الاختلالات والمشاكل التي تواجه الموانئ البحرية.

          
قد يعجبك ايضا
تعليقات
Loading...