بريطانيا مصرة على ترحيل طالبي اللجوء إلى رواندا رغم الانتقادات
دافعت الحكومة البريطانية الثلاثاء عن سياستها المثيرة للجدل لإرسال طالبي لجوء دخلوا البلاد بشكل غير شرعي إلى رواندا رغم الانتقادات من الكنيسة الإنجليكانية التي اعتبرت المشروع “غير أخلاقي”.
وأكدت وزيرة الخارجية البريطانية ليز تراس أن الرحلة الأولى إلى كيغالي ستقلع بغضّ النظر عن عدد الأشخاص على متنها، بعدما تم إلغاء بطاقات سفر 23 من المهاجرين الـ31، فيما نظمت تظاهرات جديدة أمام مركز احتجاز قرب مطار غاتويك في لندن.
وأوضحت تراس أنه ليس بإمكانها تأكيد عدد الأشخاص الذين سيكونون على متن الرحلة إلى كيغالي التي من المرتقب أن تغادر من مطار لم يُكشف عنه.
لكنها أكدت أن هذه السياسة التي انتقدتها أيضا مفوضية الأمم المتحدة السامية للاجئين حيوية لوقف النموذج التجاري لعصابات تهريب البشر الذين يستغلون ضعف المهاجرين.
وبينما يعد مشروع الحكومة مثيرا للجدل إلا أنه يحظى بشعبية لدى القاعدة الناخبة المحافظة. وأقره القضاء البريطاني بعد رفض طعن تم النظر فيه بشكل عاجل.
وأكد رئيس الوزراء بوريس جونسون “لن يتم ردعنا بأي شكل من الأشكال أو ثنينا ببعض الانتقادات”.
وتعتزم الحكومة ثني الوافدين بشكل غير قانوني عن الوصول إلى البلاد بإرسال طالبي اللجوء إلى مسافة أبعد من ستة آلاف كيلومتر عن لندن، ما يذكر بالسياسة التي تعتمدها أستراليا.
لكن إثر الطعون المختلفة التي قدمت، فإن الرحلة الأولى قد تقلع شبه فارغة مع سبعة مهاجرين فقط. وبحسب منظمة Care4Calais فإن 24 من الأشخاص الـ31 الذين كان من المرتقب أن يغادروا قد ألغيت بطاقات سفرهم. وبين الأشخاص الذين كان يفترض أن يغادروا إيرانيون وعراقيون وألبان وسوري، بحسب المنظمة.
واتهم جونسون المحامين الذين طعنوا في قانونية الرحلات الجوية إلى رواندا أمام المحكمة بـ”التحريض على عمل العصابات الإجرامية”.
وأصر في اجتماع لمجلس الوزراء على أن الانتقادات لن تردع الحكومة. وقال للوزراء “سنواصل تنفيذ الخطة وسننفذها”.
واعتبر أن ما يلاقيه “اتفاق الهجرة” من انتقادات هو “تقويض لما تحاول بريطانيا القيام به لدعم الطرق الآمنة والقانونية للأشخاص عند قدومهم إلى المملكة المتحدة وللحد من المخاطر”.
وتابع جونسون “لن نتراجع بأي شكل من الأشكال بسبب الانتقادات والتي جاء بعضها من جهات غير متوقعة قليلاً”.
والاثنين أعلن قضاة محكمة الاستئناف في بريطانيا أن الحكومة يمكنها المضي قدما في خطة إرسال أول رحلة طيران على متنها مهاجرون غير قانونيين إلى رواندا.
وبموجب ذلك سترسل الحكومة البريطانية مجموعة من طالبي اللجوء الذين دخلوا المملكة المتحدة بطريقة غير نظامية إلى رواندا لتقديم طلب اللجوء هناك.
وتشمل سياسة الحكومة منح الأشخاص الإقامة والدعم في رواندا أثناء النظر في طلب اللجوء الخاص بهم من قبل الدولة، وإذا ما نجحوا، فيمكنهم البقاء هناك لمدة تصل إلى 5 سنوات يحصلون خلالها على التعليم والدعم المادي.
وسيُعرض على أولئك الذين يفشلون في طلبات لجوئهم في رواندا فرصة التقدم للحصول على تأشيرات بموجب طرق الهجرة الأخرى إذا كانوا يرغبون في البقاء في البلاد، لكنهم مع ذلك يواجهون احتمالية الترحيل.
وفي كاليه بشمال فرنسا التي ينطلق منها المهاجرون الراغبون في بلوغ إنجلترا، يبدو أن هذا الإجراء لم يردعهم. وقال موسى (21 عاما) المتحدر من دارفور إنه يريد التوجه إلى إنجلترا “للحصول على الوثائق”.
وقال ويليام فويار منسق جمعية L’Auberge des Migrants (نزل المهاجرين) “لقد عبروا عدة دول وواجهوا أوضاعا صعبة ومخاطر” وسيجازفون.
وغالبا ما يثير عبور المانش بشكل غير شرعي توترا بين الحكومة المحافظة وفرنسا.
ومنذ مطلع السنة عبر أكثر من عشرة آلاف مهاجر بشكل غير شرعي المانش لبلوغ السواحل البريطانية على متن زوارق صغيرة، في ارتفاع كبير مقارنة مع السنوات الماضية التي شكلت رقما قياسيا.
وبموجب اتفاقها مع كيغالي ستمول لندن في بادئ الأمر الإجراءات بقيمة 120 مليون جنيه استرليني (144 مليون يورو). وقالت الحكومة الرواندية إنها ستعرض على المهاجرين إمكان “الاستقرار بشكل دائم في رواندا إذا رغبوا في ذلك”.
وكتب الزعماء الروحيون للكنيسة الإنجليكانية وبينهم رئيس أساقفة كانتربري جاستن ويلبي ويورك ستيفن كوتريل و23 أسقفا، في رسالة نشرتها صحيفة التايمز الثلاثاء أن “هذه السياسة غير الأخلاقية تغطي بريطانيا بالعار”.
وأضافوا “إرثنا المسيحي يجب أن يحضنا على معاملة طالبي اللجوء بتعاطف وإنصاف وعدل”.
لكن تراس رفضت هذه الانتقادات قائلة “سياستنا مشروعة بالكامل. إنها أخلاقية بالكامل”، مؤكدة أن رواندا “بلد آمن”. وأضافت أن “الأشخاص غير الأخلاقيين في هذه الحالة هم المهربون”.
وما زاد من حدة الجدل أن ولي العهد البريطاني الأمير تشارلز وصف خطة الحكومة لإرسال طالبي لجوء إلى رواندا بأنها “مروّعة”، حسبما أفادت وسائل إعلام السبت، فيما سيشارك في اجتماع الكومنولث في رواندا اعتبارا من العشرين يونيو الجاري.
وفي كيغالي سيلتقي الأمير تشارلز وجونسون الرئيس بول كاغامي الذي يدير رواندا منذ نهاية الإبادة في 1994 التي أوقعت 800 ألف قتيل بحسب الأمم المتحدة. وتتهم منظمات غير حكومية بانتظام حكومته بقمع حرية التعبير والمعارضة السياسية.
والمهاجرون الذين يتم ترحيلهم سينزلون في فندق الأمل في كيغالي “وهو ليس سجنا” إنما هو فندق يملك فيه النزلاء حرية الخروج بحسب مديره إسماعيل باكينا. وهو قادر على استيعاب مئة شخص لقاء 65 دولارا يوميا.