بريطانيا تعدل عن قرارها بإبعاد مجموعة من طالبي اللجوء السياسي

قررت الحكومة البريطانية التراجع عن قرارها بابعاد مجموعة من طالبي اللجوء السياسي الافارقة إلى رواندا وذلك أثر تعرضها لضغوط شديدة من المجتمع الداخلي البريطاني عامة و بعض افراد الأسرة المالكة خاصة الي جانب انتقادات متواترة من منظمات حقوق الانسان حول العالم.

فقد أطلقت مجموعة من منظمات المجتمع المدني البريطاني حملة منتظمة رفضا لقرار الحكومة و القاضي بإعادة مجموعة من طالبي اللجوء السياسي من الدول الافريقية بحجة أن بلادهم ما عادت طاردة سياسيا و حقوقيا بما ينفي العلة الأخلاقية لاستضافتهم في المملكة المتحدة.
إلا أن المنظمات الإنسانية المدنية و الحقوقية رأت في القرار بابا يقود إلى انتهاك حقوق الفارين و يوفر غطاء لمنظمات اليمين المتطرف لتمارس غلواءها ضد جميع القادمين مهما تكن دوافعهم.
فقد وصف ولي العهد البريطاني الأمير شارلز قرار الحكومة بأنه “مروع”. كما رفض قساوسة الكنيسة في انجلترا القرار ، وكذلك شملت حالة الرفض الكثير من موظفي القطاع العام في الدولة لأسباب أخلاقية في المقام الأول.
و كانت الحكومة البريطانية قد أعلنت على لسان وزيرة خارجيتها عزمها ترحيل عدد من طالبي اللجوء، على أن تبدأ بسبعة من طالبي اللجوء، يوم 14/06 إلى رواندا كدفعة أولى تتبعها رحلات أخرى.

وكانت المحكمة العليا قد أصدرت قبل عدة أيام قرارا بأن للحكومة الحق في ترحيل بعض طالبي اللجوء، الذكور من الشباب الذين تتراوح أعمارهم ما بين 20 – 30 عام، الذين وصلوا إلى بريطانيا منذ مطلع العام الجاري.

كما رفضت محكمة الاستئناف قبول الاستئناف الجماعي، في حين قبلت بعض الاستئنافات الفردية المقدمة من بعض المنتظر ترحيلهم إلى رواندا.
وسبق أن قررت الحكومة البريطانية في مطلع مايو الماضي 2022،عزمها ترحيل طالبي اللجوء الذين وفدوا إلى بريطانيا مطلع العام الجاري 2022، بسبب رغبتها، حسب رأي حكومة حزب المحافظين، في مكافحة عصابات تهريب المهاجرين والمتاجرين بالبشر وهي قضية تمس الكثير من الدول التي تعتبر مناطق عبور كحال السودان
لذلك فقد نظم “منتدى الهجرة والسلام والتنمية” مساء الثلاثاء فعالية على الكلوب هاوس حول قرار الحكومة البريطانية ترحيل لاجئين إلى رواندا و قانونية َمآلات هذا القرار.

وذكر الأستاذ المحامي أبوبكر آدم، المتحدث الرئيس في منتدى الهجرة السلام والتنمية، أن هذه ليست المرة الأولى التي تقرر فيها الحكومة البريطانية ترحيل طالبي لجوء إلى خارج بريطانيا. حيث ذكر في هذا السياق بأن بريطانيا سبق أن قررت إعادة طالبي اللجوء السودانيين للخرطوم باعتبار أنها اضحت آمنة ومستقرة، ويمكن أن تستقبل من فر منها طالبا اللجوء من السودانيين.

وأضاف المتحدث في هذا السياق أن الحملات المتواصلة التي قامت بها منظمات المجتمع المدني آنذاك كانت السبب في إثناء الحكومة البريطانية عن ذلك.فيما يتصل بعلاقة قرار الحكومة بالقانون الدولي واتفاقية جنيف للاجئين لعام 1951، ذكر مولانا أبوبكر بأن قرار الحكومة لا يتوافق مع القوانين الدولية، بل ويتعارض صراحة مع اتفاقية جنيف لعام 1951، والتي تحظر على الدول المتعاقدة أن تطرد لاجئا أو أن تعيده قسرا بأي صورة من الصور مما يجعل حياته أو حريته مهددتين.
وذكر أستاذ أبوبكر بأن ما يحدث الآن هو محاولة متجددة من الحكومة البريطانية للتهرب من مسؤولياتها تجاه طالبي اللجوء. وأكد أن حملة كبرى تنتظم كل المجتمع البريطاني رفضا لقرار الحكومة. وأشار في هذا السياق إلى ما أعلنه ولي العهد الأمير شارلز الذي وصف قرار الحكومة بأنه مروع وأن مثل هذا الموقف قمين بعكس موقف الحكومة مثلما وقع الآن إذ أصبحت القضية قضية رأي عام، وهذا سيؤثر حتما على موقع الحزب الحاكم في الانتخابات القادمة.
وكان دكتور خالد لورد رئيس المنتدى قدم نبذة عن الحراك السكاني والهجرة وأقسامها وأنماطها، بالتركيز على الهجرة القسرية التي أوضح أنها تنقسم إلى قسمين رئيسيين أولهما داخلي، وهو ما يعرف بالنزوح الداخلي، وثانيهما خارجي وهو ما يعرف باللجوء. كما تحدث د. لورد عن الأسباب الدافعة للهجرة والتي قال إنها بجانب الدوافع الاقتصادية تتمثل بشكل رئيس في الحروب والنزاعات والتغيرات المناخية والبيئية التي تؤثر على سبل كسب العيش للغالبية العظمى من سكان أفريقيا جنوب الصحراء الذين يمتهنون الزراعة والرعي. كما تحدث رئيس المنتدى عن النهج الأمني الذي كان يمثل الأساس للسياسة الهجرية للاتحاد الأوروبي في السابق. حيث قام الاتحاد الأوروبي بزيادة ميزانية الوكالة الأوروبية لحماية الحدود “فرونتكس”، وإبرام اتفاقيات أمنية مع بعض دول جنوب حوض البحر الأبيض المتوسط، دول شمال أفريقيا، وتسيير دوريات مشتركة لمكافحة تهريب المهاجرين في البحر المتوسط، الشئ الذي أدى إلى ارتفاع عدد الضحايا نتيجة لسلوك المهربين لطرق أكثر وعورة وخطورة تفاديا لهذه الدوريات. كما تحدث د. لورد عن دور الاتحاد الأوروبي في عملية الرباط لتنظيم الهجرة في غرب أفريقيا، وعملية الخرطوم لتنظيم الهجرة بمنطقة القرن الأفريقي وشرق أفريقيا ومعالجة الأسباب الجذرية لتهريب المهاجرين والاتجار بالبشر.
يذكر أن عدد طالبي اللجوء في بريطانيا ظل يتراوح ما بين 35.000 إلى 45.000 خلال السنوات الخمس الماضية، مما دفع الحكومة لاتخاذ تدابير للحد من هذا التدفق. في حين يقول بعض الخبراء بأن القرار لا ينفصل عن إندلاع الحرب في أوكرانيا والتي أدت إلى نزوح حوالي 6 ملايين أوكراني، وفقا لتقارير أممية.

          
قد يعجبك ايضا
تعليقات
Loading...