إعفاء الديون مستمر هو أم توقف؟

د/ عادل عبد العزيز الفكي
adilalfaki@homail.com
تناقلت وسائط التواصل الاجتماعي وبعض الصحف خبراً مفاده إيقاف نادي باريس مخطط إعفاء ديون السودان الخارجية، الذي تم التوافق عليه في يونيو 2021، بسبب قرارات القائد العام للقوات المسلحة السودانية في أكتوبر 2021. أصدرت وزارة المالية والتخطيط الاقتصادي بياناً توضيحياً بتاريخ 20 يونيو 2022 نفت فيه هذا الخبر، وقالت إنه عارٍ عن الصحة تماماً. فما هي حقيقة الأمر.
يبدو أن هناك التباساً قد حدث ما بين المواقف السياسية الرسمية لبعض الدول المكونة لنادي باريس، والإجراءات الفنية المتعلقة بمسألة إعفاء الديون وفقاً لمبادرة إعفاء ديون الدول المثقلة (HIPCs) Indebted & poor Countries Heavily
التي يقودها البنك الدولي وصندوق النقد الدولي.
الديون على السودان بلغت حتى العام 2020 قيمة 56 مليار دولار، هذا الرقم يشمل أصل الدين الذي يبلغ حوالي 18 مليار دولار، والفوائد المركبة والجزاءات على التأخير في السداد والتي تبلغ 38 مليار دولار.
المديونيات الخارجية مقسمة على (32%) لدول نادي باريس، (37%) للدول غير الأعضاء في نادي باريس، (16%) للمؤسسات المالية الدولية، (12%) و(3%) للبنوك التجارية العالمية والموردين الأجانب على التوالي.
مجموعة نادي باريس تتكون من أستراليا، النمسا، بلجيكا، البرازيل، كندا، الدنمارك، فنلندا، فرنسا، ألمانيا، إيرلندا، إسرائيل، إيطاليا، اليابان، كوريا، هولندا، النرويج، روسيا، إسبانيا، السويد، سويسرا، المملكة المتحدة، الولايات المتحدة. وهي مجموعة غير رسمية Informal group هدفها تنسيق المواقف والسياسات بشأن الديون ومعونات التنمية للدول الفقيرة. ويلاحظ أن بينها دول تعتبر صديقة للسودان، في كافة مراحل تقلباته السياسية، مثل روسيا والبرازيل.
سياسة هذه المجموعة موحدة بشأن سداد الديون، وهي تعمل وفق نصيحة ورؤية مجموعة البنك الدولي بشأن إدراج اسم السودان ضمن قائمة الدول التي تستحق الإعفاء وفق مبادرات إعفاء الديون المطروحة.
في وقت سابق شكل الموقف السياسي لأمريكا وللمجموعة الأوربية عائقاً أساسياً للسودان حرمه من الاستفادة من هذه المبادرة. بعد تغيير نظام الحكم في السودان في أبريل 2019 وورود إشارات إيجابية من الولايات المتحدة ومجموعة دول نادي باريس أصبح الطريق ممهداً للسودان للاستفادة من مبادرة (هيبيك)، شريطة موافقة الولايات المتحدة على رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب.
في 29 يونيو 2021 صدر بيان مشترك حول السودان من ديفيد مالباس وكريستالينا جورجيفا نيابة عن مجموعة البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، ورد فيه: (يسعدنا أن نعلن عن إنجاز تاريخي للسودان يمثل خطوة مهمة أخرى في إعادة مشاركته مع المجتمع الدولي. وصل السودان اليوم إلى نقطة القرار الخاصة بالبلدان الفقيرة المثقلة بالديون، وبذلك أصبح البلد الثامن والثلاثين المؤهل للحصول على إعفاء من الديون بموجب المبادرة التي أطلقها البنك الدولي وصندوق النقد الدولي بشكل مشترك في عام 1996 لضمان عدم مواجهة دولة فقيرة عبء ديون لا تستطيع إدارته).
وعلى هذا يبدو أن هناك خلطاً قد حدث ما بين الإجراءات الفنية المتعلقة بإعفاء الديون، والمواقف السياسية لبعض الدول بشأن التطورات السياسية التي حدثت بالسودان. ومن المؤمل أن تسفر جهود التسوية السياسية الجارية الآن في السودان في استعادة السير بنفس القوة في مخطط إعفاء الديون. والله الموفق.

          
قد يعجبك ايضا
تعليقات
Loading...