معتمد معتمدية اللاجئين دكتور موسى علي عطرون.. الوقوف على مسافة واحدة من الجميع؛ وصفة حققت التغيير والإصلاح وهزمت مقاومته
الخدمات في كل المعسكرات ضعيفة لأن تمويل المانحين اختلف.
(1.3) مليون لاجئ مسجل بالبلاد.. وهنالك دول يمكن أن تجري عودة طوعية
اتهام المنظمات بالصرف الإداري على الإنساني وارد؛ لكن لانملك نسباً لذلك.
ولايات الشمالية ونهر النيل شهدت تدفقات لاجئين وقمنا بتسجيلهم .
الموارد المالية أكبر تحدِ لعمليات تسجيل اللاجئين.
—
تناقلت وسائل الإعلام عمليات هيكلة في المعتمدية إلى أين وصلت؛ وما هو وضع الهيكل سابقاً ..؟
آخر هيكل تمت إجازته في معتمدية اللاجئين كان منذ العام (2005) ولم يتم تعديل له رغم أن الهياكل مثل الكيانات الحية؛ تحتاج لرعاية، وهذا لايعني أن هنالك إهمالاً بالضرورة، لكن حتى هذه اللحظة أنا أعمل بلا هيكل، لذلك قمت بعمل الهيكل المؤقت ونحن نعمل فيه الآن، ونجري جميع التحديثات، وسيتم تجديده كل خمس سنوات، وقبل نهاية العام سيكون لدينا هيكل مجاز رغم الصعوبات.
هل هنالك مراكز قوى تقاوم الإصلاحات التي يقوم بها السيد معتمد اللاجئين..؟
واجهتنا تحديات كثيرة، ولا نستطيع سردها الآن بعامل الزمن، وللأسف كما هو في العمل العام في البلاد، فأي مؤسسة تتكون من قروبات و”لوبيهات”، لكن السياسة التي أعلنتها للجميع في المعتمدية أنني ليس لي أي قروب ووقفت على مسافة واحدة من الجميع ، وهي وصفة أرى أنها استطاعت هزيمة أي اتجاه لمقاومة عملية التغيير والإصلاح، وهي مقاومة مقدور عليها، كما أن البعض في الخدمة العامة ما يزال يرى أن تغييره من مكان لآخر فيه نوع من الإقصاء، وفي النهاية سيظل بابي مفتوحاً للجميع، وما أريد الإشارة إليه أن عملية الهيكلة تمضي بصورة جيدة.
هل هنالك إحصائية محددة وقاطعة لأعداد اللاجئين بالبلاد، خاصة وأن البعض يقدرها بخمسة إلى ثمانية ملايين لاجئ..؟
أعداد اللاجئين وعملية إحصائهم وتسجيلهم عملية معقدة، ما ذكرته وارد؛ لأن المشكلة الأساسية هي تسجيل اللاجئين من المدخل وحتى وصولهم، خاصة وأن هنالك طرق تسجيل مختلفة، منها التقليدي الورقي والحديث الإلكتروني وببصمة اليد، ونعمل بصورة مكثفة للوصول لمستوى متطور في التسجيل، مَن قمنا بتسجيلهم فعلياً من نظام المعلومات في المعتمدية والمفوضية السامية لشؤون اللاجئين بلغ عددهم “1.3” مليون، ولدينا خطة لتسجيل جميع اللاجئين في البلاد.
ماهي التحديات التي تواجهكم في عملية تسجيل اللاجئين..؟
تقابل المعتمدية صعوبات لعمل التسجيل في الموارد، حيث أن الموارد المتاحة ليست كافية لعمل أتيام لتغطية جميع مناطق البلاد، وهو مرتبط بالسجل المدني “الرقم الأجنبي”، كذلك تحدي في الربط بين الأنظمة للتسجيل؛ لتعمل مع بعضها البعض، وهو شيء مقدور عليه.
وما هو حجم التدفق في أنحاء البلاد..؟
بالحديث عن التدفقات ما تزال منذ العام (2020)، في شرق السودان تناقصت عما كانت عليه في العامين الماضيين، وتستضيف ولاية القضارف ثلاثة معسكرات، في مناطق “ام راكوبة” و”الطنيدبة” ومنطقة بابكري بمحلية باسندة مايزيد عن الستين إلى سبعين ألف لاجئ، غالبيتهم من قومية التقراي الإثيوبية، وهم الأكثر تضرراً للصراع في الحكومة الإثيوبية، أيضا هنالك قوميات أخرى، كما أن منطقة “حمداييت” بولاية كسلا شهدت هي الأخرى تدفقات
في ولاية النيل الأزرق، هنالك تدفقات بمنطقة “ود الماحي” لقومية “القمز” بدأوا أيضاً بتدفقات كبيرة لكن الآن تناقصت، والوضع في الكرمك مختلف قليلاً حيث هنالك تدفقات للاجئين سودانيين كانوا في إثيوبيا، بسبب ظروف نزوح يعودون عودة فردية تعاملنا مع خمسة آلاف منهم من جملة ثمانية آلاف بإعادتهم لقراهم القديمة وآخرين في الطريق، وللحقيقة فإننا لم نقدم لهم خدمات بخلاف العودة، وكان من المفترض أن نقدم لهم الخدمة لأن العودة غير منظمة والعودة المنظمة تصاحبها خدمات.
هنالك لاجئون دخلوا من الناحية الجنوبية في دخول للجنوبيين في حدود ثلاثة آلاف خلال عشرة ايام، لكن المشكلة أن اللاجئين الجنوب سودانيين مازالوا يتعاملون على أساس أن البلد ما زالت موحدة، وينتشرون في القرى في المدن، المعتمدية قامت بعمل التسجيل الأولي لهم، ويشرعون في العمل بالمزارع، في ولاية النيل الأبيض هنالك تواجد لثلاثمائة ألف لاجئ في تسعة معسكرات منذ العام (2014) ومازال هنالك تدفق عبر معبر جودة والمعابر الشرقية والغربية لكن العدد ليس كبيراً .
في ولايات دارفور هنالك نزوح في شرق دارفور منها إلى الضعين وتواجد لمعسكرات منذ (2014) مع حدوث زيادة وانتشار حتى شمال دارفور، فضلاً عن تواجد للاجئين من دولة أفريقيا الوسطى تقدر أعدادهم بحوالي (28) ألف – لاجئ، أيضاً من دولة تشاد في ولاية وسط دارفور بمعسكر “اب شارية”،
أما في ولاية الخرطوم فإن معظم اللاجئين من جنوب السودان يقيمون فيما يسمى بالمناطق المفتوحة في “نيفاشا” و”بانتيو” وفي “التكامل” بشرق النيل وهؤلاء يشاركون المواطنين الخدمات، ومساهمتهم سالبة، وهو أمر ظللنا نعكسه للمانحين، هذه الأعداد والتدفقات في حاجة لموارد وحركة دائمة، لكن بالمقابل فإن العمل تجاههم ضعيف، ومازالت الجهات المانحة هي الجهات القديمة قبل أن يحدث التدفق بهذه الصورة الكبيرة، مع ذلك فإن السودان لم يبخل ولا نقول ليس لدينا تمويل لاستضافتهم، بل الباب مفتوح أمامهم للدخول والعبور، في الشمالية ونهر النيل حدث انتشار للاجئين لكن ليس لدينا معسكرات.
كيف يبدو مستوى تقديم الخدمات في المعسكرات للاجئين..؟
الخدمات في كل المعسكرات ضعيفة؛ لأن تمويل المانحين اختلف بسبب عاملين حسب حديثهم وهي “الكورونا”، باعتبار أن معظم الموارد ذهبت لمكافحة المرض، وكذلك عامل آخر بسبب الحرب الأوكرانية الروسية صار مع اختلاف “الاستاندر” وحجم المحتاجين أصبح أكبر، ونتمنى أن لايطول هذا الأمر خاصة في الغذاء، وسنضطر مع منظمة الغذاء العالمي والمندوب السامي لتقليص حصة الغذاء لكل معسكرات اللاجئين في البلاد لنصف الحصة، وسيكون له تأثيرات كبيرة جداً.
وكيف سيتم تلافي هذا النقص..؟
في المدي القريب من الصعوبة بمكان الحديث عن تلافي أي آثار، بالفعل سيتم إنقاص الوجبات إلى النصف للاجئين، والموارد المالية والدعومات أصبحت فيها إشكالية كبرى؛ لذلك من الصعب الحديث عن معالجة الآن، لكن بنهاية العام لدينا أمل ، وواضح أن نصف الحصة سيستمر خلال هذا العام.
هل يمكن الحديث عن عودة طوعية خاصة بالنسبة للإثيوبيين الذين تحسنت أوضاع بلادهم واستقرت نوعاً ما..؟
العودة من الحلول المستدامة لمسألة اللجوء، وكذلك الاندماج في المجتمعات او السكن في دولة ثالثة، والعودة تتوقف على استقرار الأحوال بصورة كاملة، وحتى بعد التأكد التام، وليس المعتمدية والمندوب السامي، وَعَلَى اللاجئين أنفسهم أن يكونوا مطمئنين، في قراءتنا بكل المقاييس العودة الآن بعيدة، صحيح أفريقيا الوسطى تكون أقرب؛ لأن هنالك ترتيبات تمت، ولاجئي تشاد أيضاً، لكن الجنوب سودانيين والإثيوبيين بعيدين وهذا ليس تقديراً سياسياً، وإنما إحساس وقناعة اللاجئ بالأمان في بلده الأم.
عدد المنظمات العاملة ومدى نسبة تنسيقها مع المعتمدية..؟
العدد قد ينقص ويزيد، لذلك لايمكن حصره، أما نظام التنسيق فهو ضعيف، أو بالأحرى يحتاج لمزيد من الأحكام، هذا باعتبار الهيكل غير المستقر للمعتمدية نفسها، بالمقابل ومع تحسن الوضع الإداري الرقابي في المعتمدية بدأ الوضع أفضل، نحتاج مزيداً من التنسيق في ما يتعلق بتواجد وتوزيع المنظمات حيث تكون في المعسكر الواحد أكثر من منظمة، فضلاً عن تأثر الخدمات التي تقدمها المنظمات بضعف الموارد.
هنالك اتهام بأن الصرف الإداري في المنظمات أكبر من الخدمات التي تقدمها للاجئين..؟
أنا لا أقول إن هذا الاتهام باطل؛ لأن له ما يبرره، مع ذلك لا تملك المعتمدية أي نسب بذلك الصرف، حتى يمكن أن تثبت أو تنفي ذلك الاتهام، وفي العموم يوجد صرف إداري، والقياس الذي تعمل به المنظمات يمنح (70%) لتقديم الخدمة للاجئين والبقية للصرف الإداري ، هنالك خلط لدى الرأي العام حول الصرف في المنظمات، فمثلاً استخدام السيارة يتم حسابه في نسبة “30%”، رغم أنها تعتبر بمثابة خدمة للاجئ، مع الشكاوى من قبل المنظمات في غلاء الإيجارات مثل القضارف، في عملياتنا وخطتنا سنصل قريباً لتلك الحقيقة ايهما أعلى صرفاً.
ماهي أبرز الأنشطة التي تعمل فيها المنظمات في المعسكرات.. وكيف تتم مراجعة أدائها ؟
تعمل المنظمات في تقديم خدمات في الصحة والتغذية، ثم تعمل أيضاً في مجال التعليم، و إصحاح البيئة كموضوع مهم، وأي منظمة حسب تخصصها؛ تقدم للاجئين ما يحتاجونه من عون ودعم، بالنسبة لمراقبة الأداء هنالك ضعف في هذا الجانب رغم أنها مهمة المعتمدية واختصاصها، بأن تتأكد بالمواصفات الحكومية المتفق عليها، هذا من صميم خططنا في النهاية أن نصل إلى عملية رقابة للأداء تتأكد بها المعتمدية من أن المنظمات تقوم بدورها تماماً، و ما يمكن أن
نقدمه يشبه بلدنا للاجئ والمجتمعات المضيفة.
هنالك اتفاقات لتنمية وتطوير المجتمعات المضيفة، هل تم تنفيذها كما يجب ووفقاً لتوقيع السودان على تعهداتها.. ؟
بلادنا جزء من المجتمع الدولي، ولديها تفاهمات ووقعنا على بروتكول “الحلول البديلة والتعهدات” وهي للأسف فيها أن يندمج اللاجئون في خدمات الحكومة والمجتمع، وكانت هنالك لجنة قبل التغيير السياسي الأخير وعملها تعطل وساعين لاستئنافه، لإبراز هذه الاتفاقات التي استفادت منها دول أخري، لكننا فاهمون أيضاً في إطار الإصلاح البرامجي لمواءمة عمل اللاجئين بما فيها من ضعف للمستوى العالمي.
كيف يمكن أن تتفهم المجتمعات المضيفة ولا تتأثر بالمعسكرات من الناحية الأمنية والإنسانية ..؟
ن يتم تقديم خدمات للمجتمعات المضيفة؛ مثلما يجري مع اللاجئين، وهي سياسة جديدة في العالم أن مناطق تواجد اللاجئين تكون مناطق متأثرة، ويتم إعانتها، رغم أن سياستنا في البلاد غير محسومة، ولابد أن يكون برامج للمجتمعات، عندما تبني مدرسة في معسكر للاجئين، تقوم بتشييد أيضاً مدرسة في المجتمع المضيف التي لايملكها، والشعار الآن ليس اللاجئ وحده وإنما المجتمع المضيف، وفي زياراتنا نجتمع مع اللاجئين وممثلي المجتمع المضيف.
هنالك مخالفات تحدث من قبل اللاجئين خاصة في أمور أمنية وسيادية كيف يتم التعامل معها..؟
بالتأكيد أي نشاط وتجاوز يعرض اللاجئ للإبعاد فوراً، وحذف صفة اللاجئ منه، المعتمدية مهمتها إيجاد معالجات مع المتسربين من المعسكرات بتسجيلهم وتقديم الخدمة لهم، ونجد أن عملية التسرب نتيجة للمعسكرات المفتوحة دون منافذ محددة، وتواجهنا صعوبة في مواجهة التسرب ومنعه يأتي من خلال توفير كل الخدمات في المعسكر، وتقوية النظم، وأن تكون الحركة بضوابط وأذونات، لكن للأسف الآن التسرب غير المنظم نسبته كبيرة، وهي مسؤوليتنا الأساسية وسنعمل على مواجهتها بالمزيد من الضوابط
مع آثار اللجوء هل هنالك إيجابيات لتواجد اللاجئين.. ؟
الضرر البالغ والواضح الضغط على الخدمات التي تقدمها الحكومة للمواطنين، ومن الصعوبة تقديم خدمة مكتملة يتقاسمها معك اللاجئون؛ لأنها في الحقيقة تستهدف عدداً محدداً من المواطنين، أما اذا كانت هنالك إيجابيات فهي كيف يمكن الاستفادة من اللاجئين في الوضع الاقتصادي، بأن يكونوا عمالاً ومنتجين، لكن نحتاج لخطط من الدولة، واللاجئ منذ وصوله وحتى يصل مرحلة استقرار، من المفترض أن ينتج بعد ذلك ويساهم في إنتاج البلد التي تستضيفه.
هنالك لاجئون؛ خاصة في دول من غرب أفريقيا أصبحوا يغزون الأسواق ويعملون في التجارة وتصدر منهم بعض الممارسات غير الجيدة..؟
اللاجئ من حقه أن يعمل في أي مجال تجاري وإنتاجي، على أن يكون مستوفياً لكل شروط التسجيل ومنح الإذن بالتجارة، ودخولها بصورة مقننة، أما الذين يعملون في أنشطة غير قانونية فيطاله القانون، واللاجئ يطاله القانون في أي مخالفة وتجاوز يتعدى القانون والأعراف والتقاليد.
تجاوز وضع اللجوء إلى أكبر مما هو خروج مواطنين من بلدانهم. إن القضية باتت ذات تعقيدات وتشعبات، وفوق الهيكل الذي تعمل فيه القضية على المستوى الدولي، مثل المندوب السامي لشؤون اللاجئين ومنظمات الأمم المتحدة، أيضاً في بلد مثل السودان من أقدم البلدان التي تصدت لعملية اللجوء؛ توجد هياكل تعمل على تقديم الخدمات للاجئين الذين تسمح لهم البلد بالدخول، مع ذلك تواجه تلك الهياكل المحلية إشكالات ضخمة؛ منها التدخل السياسي، وعدم إجراء التحديثات اللازمة سنوياً.
في هذه المقابلة التي أجرتها إذاعة “بلادي” مع معتمد معتمدية اللاجئين الدكتور موسى علي عطرون ورصدتها “اليوم التالي” يتحدث عن تلك الأوضاع، وعن ما يدور في الحقل الإنساني للاجئين وتقديم الخدمات.
بصراحة تحدث عطرون عن تناقص الدعم ومآلاته بنقص الأغذية المقدمة للاجئين، وخطته في الإصلاح والتغيير وإجازة هيكل يستوعب هذه المتغيرات الضخمة، وما واجهه من مقاومة لعملية الإصلاح.