صلاح محمد عبد الدائم (شكوكو) يكتب : حسن الظن بالله
▪️في غرفة ذات ثلاثة أَسِرَّة بيضاء .. كان يرقد على السرير الأوسط رجل في غيبوبة تامة .
▪️لا يعي الرجل شيئا مما يدور حوله .. وهو مكبل بأجهزة مراقبة التنفس والنبض وأنابيب المحاليل الطبية.
▪️في كل يوم .. ومنذ أكثر من عام ودون إنقطاع ظلت تزور ذلك الرجل إمرأة ومعها صبي في الرابعة عشرة من عمره ..
▪️كانا دوما ينظران إليه بحنان وشفقة ويغيران ملابسه ويتفقدان أحواله ويسألان الجهاز الطبي عنه ولا جديد في الأمر.
▪️الحالة كما هي لا تقدم ولا تأخر في صحته .. غيبوبة تامة .. وأمل مفقود من شفائه .
▪️قبل أن تغادر المرأة والصبي يرفعان أكف الضراعة إلى الله .. ثم يغادران المستشفى ويعودان مرة أخرى للزيارة الثانية في نفس اليوم بالمساء .
▪️هكذا دواليك ..المرضى وهيئة التمريض والأطباء في إستغراب وحيرة تامة من زيارة المرأة والصبي رغم أنه لا جديد في صحة المريض .
▪️الجميع يسأل .. ما هذا الإصرار العجيب على تكرار الزيارة مرتين في اليوم رغم أنه لا يعي أي شيء حوله .
▪️الرجل ظل في غيبوبة تامة…
▪️كلموها بعدم جدوى زيارتها له ودعوها للزيارة مرة في الأسبوع وكانت المرأة لا ترد إلا بكلمة واحدة هي : (نحن موقنون برحمة الله).
▪️هكذا إستمرت وتيرة الزيارات بلا كلل أو ملل .. بين دهشة الجميع .
▪️ذات يوم .. وقبل موعد زيارة المرأة والصبي بوقت قصير .. وفجأة تحرك الرجل في سريره وتقلب من جنب إلى جنب آخر ثم فتح عينيه وأبعد جهاز الأوكسجين وإعتدل في جلسته ثم نادى الممرضة وسط ذهول الحضور .
▪️ طلب الرجل من الممرضة إبعاد الأجهزة الطبية المساعدة من حوله .
▪️رفضت الممرضة ذلك وإستدعت الطبيب الذي كان في حالة ذهول تام .. وأجرى فحوصًا سريعة للرجل .. فوجد أن الرجل في منتهى الصحة والعافية .
▪️طلب الطبيب إبعاد الأجهزة وتنظيف مكانها في جسده .
▪️كان موعد الزيارة قد بدأ فدخلت المرأة والصبي وما أن رأياه حتى إختلطت الدموع بالإبتسامات .. والبكاء والدعاء والحمد والثناء لله الذي أتم نعمة العافية على زوجها .
▪️هنا قال الطبيب للمرأة : هل توقعت أن تجديه يومًا ما بهذه الحالة ؟ .
▪️قالت : نعم والله كنت متيقنة بأنني سأدخل عليه يومًا وأجده جالسًا بانتظارنا…
▪️قال لها : إن هناك شيئًا ما قد حصل وهذا مايجعلك متيقنة .. فبالله عليك أخبريني لماذا تأتين يوميًا مرتين .. وماذا تفعلين ؟ .
▪️ قالت : بما أنك سألتني بالله سأقول لك : كنت أزور زوجي الزيارة الصباحية للإطمئنان عليه والدعاء له .. ثم أذهب أنا وإبني إلى الفقراء والمساكين في الأحياء الشعبية ونقدم لهم الصدقات بغية التقرب إلى الله لشفائه .. وبيقين تام بفرج الله .. فلم يخيب الله رجاءنا ودعاءنا .. فخرجت في آخر زيارة وزوجها معها إلى البيت الذي طال إنتظارهم وشوقهم إليه .. وهم موقنون برحمة الله عليهم .