عمار محمد ادم يكتب: الحبييب ورحلة الشوق والحنين
ان يكون ملقيا علي تل رمل عند مصانع دكام في القرير او يكون حافي الاقدام مطرق الرأس في مسيد سيدي الشيخ الصائم ديمة في امبدة فالأمر عندي سيان فهو الحبيب في الحالتين رحلة اشواق بلامنتهاها ووجدان مشحون بالشجن واللوعة الي اقصي درجات الحب المشبع باليقين هو عندي الحبيب هنا او هناك.. والشيخ في اعلي الجمل كامل الوقار والمهابة في سوق تنقاسي بجلبابه الابيض ناصع البياض ومركوبه من الجنينة وعمامته وكأنها تاج ابيض علي رأس سلطان عظيم متلفح بالثوب الابيض المتدلي علي جنبيه والمسبحة والفم الرطب بذكر الله ويأتي من بعيد احدهم وهو يترنح من شدة السكر وقد لعبت الخمر برأسه وهو يغني اغنية ود المساعيد (حليلي) ويمر بالشيخ فينتهره الشيخ ويبالغ في زجره ويهدده بعذاب الله وبالنار فيرفع الرجل رأسه الي الشيخ المعتلي زروة سنام الجمل ويقول في ثقة ويقين (انا ادخل النار وابو فاطنة في.. افو) قالها ثم ضرب الارض بقوة فصعق الشيخ وسقط من اعلي الجمل مغشيا عليه… انهم اولياء الله السكاري شأنهم الانكسار في حال الترقي من مقام الي مقام ولهم احوال الا ان الحبيب في دكام او مسيد الصائم ديمة هو حالة وجد صوفي يأتيه الالهام في اوسلي فيتجرع كؤوس الهوي ويهيم وجدا واشتياقا.
(في الافق البعيد ياعابرة.. اشجار في السراب غرقانة
وصلت الكآبه حدودها… وأللبل في الوهاد عطشانه) والحبيب في رحلة البحث عن الذات يجنح به الخيال بعيدا وتستحيل الصحاري والقفار الي مدن مشبعة بالكآبة والأسي والخمول او الجمود العاطفي ويشكي الحبيب مر الشكوي من الناس والخلق التي لاتترك الخلق لخلاقها والحبيب اهوذجة الحزن المطرز بالانين والمشبع بالاسي ليته ماكان انتهي وعابرة رمزية ملائكية وعبرة وأسي ممزوج بالحنين اسمعها عند النصري ولا أمل سماعها واجد نفسي في حزن الحبيب في أوسلي او في دكام او عند مسيد سيدي الشيخ الصاىم ديمة.. فالوجع مقيم فينا ابد الدهر والحزن عشعش في دواخلنا وباض وفرخ.
وحينما يتعلق الحبيب في الامواج يستحيل مخلوقا جماليا كامل الروعة يتماهي مع الطبيعة والاكوان ويغيب ويتلاشي ويغرق و(يعشق) زي ابوي ابراهيم ود طيبة في جامع التويماب ويقع رب وزي جدي احمد ود محمد بابكر يقبض بيديه علي عنق المادح حتي يكاد ان يريديه قتيلا والحبيب لم يزل متعلق بالامواج في رحلة الابداع المطلق ورحلة المشتاق.
(وبعد جنحت سفينة ربدي.. واتعلقت في الامواج
يا اخت القمر في سماكي.. كايس لي سماك معراج)
علاقة الحبييب مع النيل مثل علاقة الدباس مع النخيل بينهما حب ومودة وحنين والحبييب والنيل والباخرة اربكان تمخر عباب النهر تتقدمها الامواج المتلاطمة تطلق صافرتها حينما تقترب من القرير وتلامس الشطآن (ياحليلو طل وفحاءة بان… ذكرني ايامنا الزمان) والنيل حينما ينحني محييا البركل المقدس فلايكون الا الله والصعق والتجلي.
وعند قبة الشيخ (الهدي) المبنية من الجص يجثو الحبييب
(دنياي خدرت وديانا.. بي بركة ابوي والسبحة
باكر يسرحن غزلانه… فيهن من عيونك لمحة)
وللحبييب حضور في حضرة الألق المستلقي علي سجادة القوم الكرام درويش من اوسلي يغشي دكام ويستجم في جامع التويماب بالفقرة تنساب مشاعره واحاسيسه وتتلاقي مع سيد احمد عبد الحميد وتأتيه من مقابر ود عجل انسام حسن الدابي وقوتة بت محمد نور ولايستنكف ان يقف مرة اخري في طريقه الي اوسلي في بيت تفوح منه رائحة الخمر المعتق(وآحلالي.. إنا وآحلالي) فالحبيب وجود يجود بالموجود.
(عابرة معاها الله هداني.. نفسي الي الطريق منفتحة
اشعار من فتح رباني… ماشيطان علي الح)
وكأنه يستلهم مقولة الشيخ الاكبر محي الدين بن عربي بان المرأة معراج روحي من نوع خاص وكانه كان يستدرج كما يستدرج الطفل الصغير للمشي حين يتاتي وكانت عابرة معراج روحي بلغ بها الحبيب مابلغ.
وديل الطاهرين.. من جوة.. مايغرك غباش الجبة