بقلم مقدم : هشام الحبوب: جادلوا في الوطن بالتي هي احسن
أعمال العنف التي تشهدها البلاد من حين لاخر ينبغي أن تتوفر فيها مجموعة من العناصر قبل اندلاعها وهي سياق يُفضي إلى العنف ومتحدث مؤثر و خطاب يُنشر على نطاق واسع و جمهور متقبِّل ومتجاوب وفئة مستهدَفة من اجل كسب قبلي او شخصي او سياسي رخيص ……
فالصراعات و النزاعات و التفلتات الامنيه هي في الاصل خلافات و حسابات سياسية يتم فيها استخدام ابناء الوطن و القبيلة و العشيرة و العنصرية و الجهوية و الانتماء السياسي و الديني عبر إذكاء خطاب الكراهية لتصفية تلك الحسابات السياسية التي أصبحت بنداً في قائمة العمل السياسي لبعض الاحزاب تنتهي بالكثير من الازهاق للارواح و القتلى و الجرحى و الدمار و الخراب و ترويع و تشريد المواطنيين ……. و يبدو أن العمل السياسي لبناء و تحقيق غايات الثورة و الشعب لا يمكن تحقيقها الا عبر ثقافة العنف السائدة الان بين ابناء الوطن الواحد قد أماتت مشاعرنا وأحاسيسنا تجاه الذي يخلفه وراءه من القتلى والجرحى حتي باتت تلك المآسي أمراً روتينياً لا يثير فينا الحزن و الأسى تجاه بعضنا البعض …..
لقد انفرط عقد الأمن حقيقة و ما زالت تلك الصراعات السياسية و الحزبيه متواصلة والأحوال و تزداد سوءاً و اخشى ما اخشاه إذا تواصلت هذه الصراعات ان تورد البلاد و العباد موارد الهلاك السحيق و التشتت بين الدول نتيجة حرب اهليه تفوق ضراوة داعس و الغبراء و أن يصبح من المستحيل الاحتفاظ بأي قدر من الأمن والاستقرار في هذا الوطن الذي اعطي و ما استبقي شيئا حبا …….
و يبدو ان الصراع القبلي و العنصري و الجهوي الذي روج له الفترة الماضية عبر خطاب الكراهية و الذي حزرنا سابقا منه كثيرا بات يستخدم و يا للاسف من بعض القيادات الحزبيه و القبليه سياسيا الذين يضمرون و ياتمرون لكل ساعي سوء به كما ان انتشار السلاح بين كافة الناس و الذي لا تقنين له اضحي مهددا امنيا لكل السودان ……….
و ايضا غياب هيبة و مظاهر الدوله في كل ارجاءها و التي تعاني من انعدام الامن و الاستقرار و التنمية و ضعف الخدمات و انتشار العطاله المقننه في شبابها و انسداد الافق امامهم و المعالجه بمسكنات وقتية لن تجدي لانها لا تستهدف جذور المشكلة ………. و احسب ان كل ذلك بفعل فاعل لشئ ما في نفس يعقوب ………
اننا في حاجة لنظرة اكبر و اشمل لهذه المتغيرات و الانفلاتات التي تنذر بعواقب وخيمة علي وحدة و امن و استقرار السودان و المعالجات الآنية التي تعمل علي تطبييب تداعيات الأزمة دون النظر إلى أسبابها الجذرية لن تجدي و هي ليست متغيرات و انفلاتات امنيه عابرة إنما هي نتيجة حتمية لتراكمات سياسية عمل عليها من عمل منذ فجر الاستقلال و مرورا بكل حقبنا السياسية و كل اجهزة المخابرات الاقليميه و العالميه ما لشئ الا لما يتمتع به السودان من خيرات تفوق اعظم الدول لذا لن تقف هذه التفلتات و سوف تنفجر هنا و هناك وما لم تعالج مجتمعه فإنها ستهدد امن و وحدة الوطن باثره و ان تصافح القوم كل صباح و مساء ………..
إن خطاب الكراهية يضعف الوطن و الحس الوطني في ابناءه و وحدته و بالمقابل يقوي الانتماء و التعصب و الولاء السياسي و القبلي كما يعمل علي تدمير و زرع بذور الخوف والكراهية وانعدام الثقة في النفوس ………
بنو وطني يقولون أختلاف الرأي لا يفسد للود قضية و لكن هو اس مشاكلنا كيف لا و قد استشري بيننا في
حالة من الانقسام القبلي و العرقي و السياسي الحاد الذي أصبح السمة السائدة في كل شرائح المجتمع بل حتي طال و عما القري و الحضر و أصبح الجميع يمارس نوعا من التعنت العقلي و الفكري و يناي بنفسه بعيدا كل البعد عن مفهوم الحوار
بمضمونه الذي طالما تمنيناه كثيرا من اجل هذا الوطن العزيز و انسانه الكريم و لكن بفضل الإعلام الأصفر الكاذب و السالب و اعداءه من الداخل قبل الخارج الذين لا همٌ لهم إلا خلق الفتن و ذهول عقلي انهم سلة من نخبنا و مثقفينا و مفكرينا و مستنيرينا الذين مناط بهم قيادة الخط الوطني امنا و وحدة و بناءا و تطويرا و تنمية حتي يكون بين الامم عاليا عزة و فخرا و مهابه و لكن اصبحوا منزوعي الضمير و هم ياججون البلاد و العباد خصومة و عداء و كراهية لبعضنا البعض حتي اوردت الوطن و العباد موارد الهلاك و الضياع …..
و علي الرغم من ان اختلاف الآراء أمر طبيعي و هو من السنن التي أرادها الله في خلقه لاسعادها لا لشقائها و دمارها ….
لكن في بلادي و في ثقافتنا يتحول اختلاف الرأي الى عراك كلامي مشحون بالانفعال الذي يقود إلى الإحباط و النقد اللاذع و السب و التهجم و السفه و التقليل و عدم الاحترام و التشكيك وطنيا و فكريا تحت دعوي اننا الوطنيون الوحدون الحادبون علي مصلحة الوطن و يجب أن نسحق الجميع حتى لا يبقى غير صوتنا
و نخدع أنفسنا بتكرار عبارة “اختلاف الرأي لا يفسد للود قضية” بينما في الحقيقة والواقع يفسد كل القضايا في بلادي بل يتم فيه استخدام و استعمال كافة الأسلحة الناريه و التقليدية و الدنيئه رغم ان الاختلاف موجود منذ نشأة الخلق وهو سنة كونية وطبيعة بشرية حيث لا يمكن جمع الناس على كلمة واحدة أو رأي واحد فلكل منا وجهة نظر يتفق فيها مع الآخرين أو قد يختلف معهم بغض النظر عن صحة هذا الرأي أو عدم صحته …
إن حب الوطن و العمل من اجل بناء و نهضته و تنميته و تطوره لابد ان تزينه مصداقية كل منا و لابد ان نعي ان الذي به العباد و الوطن اليوم نتيجة للعديد من الاسباب التي جنينها بما كسبت ايدينا و ما فشل كل دعاوي الحوار الا خير شاهدا فالحوار الصادق و الذي تكون فيه المصلحه الوطنية اولا يجعلنا جميعا كفيلين بالارتقاء في حواراتنا و كفيلة بتغيير نظرتنا لبعضنا البعض و ليكن قدوتنا في ذلك رسولنا الأعظم الذي خاطبه ربه قائلا “وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ” فكانت نتيجة ذلك الحوار الذي استمره لسنوات عديدة إشراق نور الإسلام على الأمة وإخراج الناس من الظلمات إلى النور …
ولله درك يا وطن ……………