شرف محمد الحسن يكتب : ليس بالشعارات وحدها تُحل المشاكل
#عندما أرادت الرياض السعودية شق طريق واسع من أقصى غربها يَنفُذ حتى أقصى شرقها ؛ رسمت خطاً بالمسطرة على خريطة المدينة وأنزلت الآلات للعمل ، تم ازالة كل المباني المواجهة في الطريق للمصلحة العامة ، فالأرض ملك للدولة ،، وكذلك حدث ذات الشيء عندما أرادوا توسعة الحرمين ،،
#لم يأتِ أحد ليعترض ويقول أن هذه أرضي ورثتها منذ عهد قريش مثلا ، فالأرض ملك للدولة ، والحكومة تعمل لصالح الدولة والمواطن ،،
#في مطلع القرن التاسع عشر قام المستعمر الانجليزي بتقسيم أراضي السودان لعدد من الزعماء في تلك الفترة ، وبغض النظر عن طبيعة العدالة في التقسيم أو الثمن لذلك – فإن التقسيم جعل تمليك الاراضي للافراد وليس للدولة سلطة عليها ، وبالتالي ظلت نزاعات الاراضي ووضع اليد عليها من أكبر معوقات التنمية في السودان وسبب أساسي من أسباب الاحتراب وفتق النسيج الاجتماعي والتعايش السلمي ،، بل حتى في داخل الاسرة الواحدة ظلت الاراضي سببا للقطيعة وأحيانا الضرب والقتل ، ولذلك فإن معظم الاراضي غير مستثمرة بسبب لعنة الملكية ،،
#على الرغم من قدم الحضارة السودانية ، لكن السودان مازال حتى اليوم يتشكل اجتماعيا ، فحدود السودان المترامية والمفتوحة والتداخل القبلي جعل الولوج للسودان أمر سهلا وطبيعيا ،،
#فالسودان بشكله الحديث شكّله المستعمر بضم عدد من المناطق العشائرية لبعضها ، ثم أضاف له الجنوب ، وكذلك مشت الدولة المهدية على ذلك ،،
فنحن حتى اليوم لم نصل لمستوى كيان أمة ذات ثوابت متكاملة ، وانما جماعات ضمتها حدود واحدة ، تعلو النغمة الوطنية حينا وتطفيها القبلية والمناطقية أحيانا ،،
ومنذ الاربعينات ظلت هجرات دافئة تتوغل في السودان غربا وشرق ، وشكلت وجودا اجتماعيا أصبح بطبيعة الحال له حق المواطنة والعيش المتساوي ،،
#منذ الاستقلال ظلت الصراعات السياسية والحروب الطرفية تشكل استنزافا دائما لعدم استقرار الوضع الاداري في السودان ، وهذا بطبيعة الحال سيجعل من النموء السكاني امرا ذاتيا بعيدا عن رعاية الدولة وتنظيمها مما جعل التزايد السكاني ينمو دون تخطيط أو تنمية ورعاية ، وهذا بطبيعة الحال سيؤدي لاختلال التوازن الامني والاقتصادي ،، فالسكان يريدون سبل العيش والدولة المستقرة تنظم ذلك ،،
#إنّ مجرد رفع الشعارات بنبذ العنف والعنصرية والدعوة للتعايش ؛ لا يكفي لحل مشكلات الواقع الاجتماعي في السودان ، خاصة أن المجتمع السوداني سريع التفاعل مع الاحداث وكذلك سريع النسيان لها ، ،
#لذلك المعالجة تتطلب علاجا جذريا لموضوع الملكية في السودان ( هذا أمر سيقاوَم بعنف من أصحاب النفوذ التقليدي) ، ولكنه أمر يجب أن يتم تنظيمه ، ويتطلب قيادات مؤمنه به وقوية وملهمة ، قيادات متجردة لا تلجأ للعشائر لزيادة نفوذها ، وانما تلجأ للايمان ببناء أمة متكاملة ذات ثوابت قوية لا تهزها او تزعزعها تفلتات جهوية او ايدلوجية او تسلطية ،،
#كثير من المشاكل ستنحل تلقائيا بمجرد ظهور أمل بناء لهذا البلد ، فانشاء مصانع تستوعب الطاقات البشرية في دارفور مثلا سيؤدي بطبيعة الحال لتقليل احتكاكات الرعاة مع المزارعين ، وسيستوعب الطاقات للانتاج ، وسيجعل للانسان قيمة وللحياة متعة عيش يفتقدها الانسان ،،
#إنّ الارادة الحقيقية لبناء الدولة والمجتمع بتبدأ من الشخص نفسه ، لكن الشخص يحتاج لقيادة ملهمة ،،