السكر المستورد .. الرسوم الجديدة هزة في الأسواق!
يبدو أن فرض المزيد من الرسوم والضرائب على السلع والخدمات من أبرز البنود التي وضعتها الحكومة في الموازنة العامة للدولة تحديداً في 2022، خاصة لزيادة الإيرادات لدى الدولة نفسها سيما بعد توقف الدعم الدولي، مما أضاف عبئاً على المواطن جراء من معاناتهم في سبيل الحصول على السلع والخدمات بدفع تكاليف مالية باهظة، وتارة ربما أصبحت تلك الرسوم مهدداً للنشاط الاقتصادي وقد تؤدي إلى أزمه أخرى في كافة القطاعات الإنتاجية.
رسوم إضافية
ومع بداية تنفيذ موازنة العام ٢٠٢٢م كانت الرسوم الجمركية على السكر المستورد 3% والتعرفة الجمركية كانت 360 دولار (قيمة الطن التي تحسب على أساسه الجمارك) في ظل سعر الدولار الجمركي 430 جنيه حيث بلغت على الجوال 237 جنيه، وفي منتصف أبريل الماضي قفزت الرسوم الجمركية إلى 2300 جنيه على الجوال بعد أن تم تعديل تعرفة الطن لتصبح 420 دولاراً بدلاً عن 360 دولاراً، فيما ظل سعر صرف الدولار الجمركي كما هو 430 جنيه أي بزيادة ضخمة بلغت 1000% تقريباً، وبعد شهر واحد عادت الحكومة منتصف مايو الماضي لتفرض رسوماً إضافية بلغت 3000 جنيه على الجوال الواحد أي بزيادة بلغت نسبتها 130% مقارنة بزيادة منتصف أبريل لتصبح الرسوم الفعلية على الجوال الواحد 5300 جنيه في شهر واحد تقريباً، وذلك بعد أن عدلت تعرفة الطن المستورد لتصبح 560 دولاراً بدلاً عن 420 دولاراً، وللمرة الثالثة خلال 45 يوماً عادت الحكومة وفرضت ضريبة القيمة المضافة على السكر المستورد بنسبة 17% من القيمة المركبة مع الرسوم الجمركية مع تعديل سعر صرف الدولار الجمركي إلى 445 جنيه بدلاً عن 430 جنيه لتصبح الرسوم الجمركية الجديدة على جوال السكر 5800 جنيه أي بزيادة نسبتها 10%.
سلعة السكر
يقول مصدر بوزارة التجارة إن الحكومات في العادة تلجأ إلى فرض رسوم جمركية عالية لحماية منتجاتها المحلية من منافسة المستورد، وجزم بأن هذا الأمر لا ينطبق على الوضع في السودان لأن البلاد تعتمد على تغطية حجم الاستهلاك لسلعة السكر بنسبة 85% من المستورد مما يعني أن فرض أي رسوم جمركية سيزيد من الضغوط المعيشية خاصة وأن سلعة السكر من السلع الاستهلاكية الضرورية كما تصنفها الحكومة نفسها، ووصف المصدر أنها المرة الأولى التي يتم فيها فرض رسوم وضرائب على سلعة السكر المستورد منذ سنوات سابقة، وشدد على أن الزيادة جاءت في الوقت الخطأ حيث تشهد أسعار السكر عالمياً زيادة مخيفة بسبب أزمة نقص الغذاء العالمية والتي تسببت فيها الحرب الروسية الأوكرانية، مشيراً إلى إعلان الحكومة الهندية عن إجراءات لتقييد تصدير سلعة السكر خوفاً من تصاعد أسعاره محلياً ولأن الهند تعتبر الأولى عالمياً من حيث الإنتاج والثانية عالمياً من حيث التصدير فإن قرارها قد أثر بالفعل على أسعار السلعة فزادت بمعدل 8 إلى 10 دولار على الطن في يوم واحد، وعليه يرى أن الحكومة قد أخطأت في تقديراتها ولجأت إلى جيب المواطن لسد العجز في إيراداتها، ودعا الحكومة إلى إعادة النظر في هيكل الإيرادات سريعاً قبل أن يستفحل الأمر، ونوه إلى أن زيادة جوال السكر الواحد 5800 جنيه مرة واحدة خلال شهر ونصف ربما يعني أن الطن 116 ألف جنيه والأسعار العالمية للسكر في حدود 665 دولار عندما تضاف إليها 260 دولاراً يصل سعر الطن إلى 925 دولار، وتوقع أن يصل سعر الجوال إلى ما بين حوالي 26 إلى 27 ألف جنيه في بورتسودان، وعاد ليقول إن الزيادة جاءت في التوقيت الخطأ حيث تشهد الأسواق العالمية انفجاراً في أسعار الطاقة والغذاء، ولفت المصدر إلى ضعف الأسباب التي دعت الحكومة إلى فرض رسوم جديدة على السكر المستورد، وتابع قائلاً: إذا كانت الحجة هي حماية المنتج المحلي فهذه حجة مردودة لأن الاستهلاك تتم تغطيته من المستورد بنسبة 85% والإنتاج المحلي في حدود 15%، وقال: ليس منطقياً فرض جمارك في هذه الحالة.
التبعات الاقتصادية
وتساءل: كيف تسمح وزارة التجارة بهذه الزيادات؟ ومضى بالقول: لا ينبغي أن تتحدث الوزارة بعد اليوم عن ضبط الأسواق ولا أن تلقي باللوم على التجار، وأكد أن السعر وصل 566 دولاراً يضاف إليه 100 دولار عبارة عن قيمة الترحيل من الهند مثلاً ويصل السعر في بورتسودان 666 دولاراً وعند إضافة 260 دولاراً هي جملة الرسوم الجمركية يصل السعر النهائي إلى 926 دولاراً وتأتي لاحقاً مسألة الترحيل من بورتسودان إلى العاصمة والولايات، ثم أرباح الموردين وتجار الجملة والقطاعي، مبدياً خشيته من زيادة كبيرة في السعر للمستهلك، وتخوف من استمرار الزيادة خلال الأيام القادمة، ولفت إلى أن الحكومة تسعى إلى زيادات إيراداتها بأي شكل كان وبغض النظر عن التبعات الاقتصادية القاسية التي يتحملها المواطن وتمضي في سياساتها تلك وكأنها لم تسمع بالأزمة الاقتصادية التي نشأت على خلفية الحرب الروسية الأوكرانية.