إعلام قحت …لسان التسوية المبين
قرشي عوض
عن صحيفة الميدان
ينشط إعلام قوى الحرية والتغيير وعبر وسائط مختلفة في حرف الصراع الدائر اليوم بين قوى التسوية السياسية وقوى التغيير الجذري عن وجهته الحقيقية وتحويله إلى اختلاف في وجهات النظر بينها والحزب الشيوعي حول تقديرات الموقف السياسي.
إلا أن الحزب الشيوعي في زعمهم يجنح إلى زيادة شقة الخلاف وتخوين الآخرين وتجيير لجان المقاومة وأسر الشهداء لخدمة خطه السياسي. ويريدون بذلك أن ينشغل الحزب بالرد على دعاوي مفتعلة بهدف إغراق الساحة في جدال حول أشياء غير صحيحة لتمرير مشروع التسوية وتغطية انسحابهم من مواقع الثورة تحت ظلال الغبار الكثيف الذي يثيره الصراع الوهمي هذا. مع تحميل الحزب الشيوعي وزر تفكيك قوى الثورة التي شرعوا فيها بالفعل.
ويتوقعون أن الحزب سوف ينجر معهم إلى هذا المخطط ويغض الطرف عن المؤامرة الكبرى التي يقودونها في تفتيت شمل المقاومة حتى يقبل أهل السودان بالتسوية التي تسعى دوائر خارجية لفرضها.
والإصرار على توضيح الحقائق والعمل على تمايز الصفوف في هذه المرحلة ليست تهمة ينكرها الحزب الشيوعي. وهو يعلن بالصوت العالي أنه ماضٍ وبخطى ثابتة في فرز صفه عن صفوف الأعداء والقوى المتراجعة أمام الضغوط الدولية والمحلية. وأنه لن يكون طرفًا في مساومة تخلط مهام التغيير الثوري بالحفاظ على مصالح النظام القديم عن طريق النصائح والوصفات التي تقدمها مراكز صنع القرار الدولية وقد أثبتت فشلها في عدة دول. حيث تم استيعاب النخب الوافدة في التركيبة السياسية والاقتصادية التي كانت سائدة وبالطريقة التي تخدم مصالح الجهات الدولية الراعية وكانت النتيجة انفجار الصراعات نتيجة عدم الاستجابة للمطلوبات المجتمعية التي قامت بسببها الثورات في المنطقة وهذا ما يحدث في السودان الآن. فالمخطط أصلًا يشمل التهديد بالفتنة العرقية وإضعاف قوى الثورة التي تنظر للأزمة في إطار وطني شامل عن طريق كوادر سياسية في لجان المقاومة ثم الدعوة لوحدة الحراك الثوري على أساس التسوية السياسية لتجنب الانزلاق المجتمعي. باستيعاب المكون العسكري. حتى وإن كان ذلك في مجلس الأمن والدفاع حتى يتجنب البعض حرج الدخول معه في حوار وبالتالي هندسة الشراكة بعيد عن الحوار وفرضها على الشارع كأمر واقع. فالعسكر شكليًا ابتعدوا عن السلطة بعد أن اخذوا في يدهم أدواتها الأساسية ممثلة في الأمن والدفاع والقضاء والنيابة وبنك السودان تاركين وزارات أصلًا كانت تستخدمها الانقاذ في الترضيات السياسية.
والحزب الشيوعي لكونه يرفض المشاركة في هكذا عملية يتم تصويره من قبل إعلامهم باعتباره معرقل للوحدة. ومثل هذه الاتهامات التي ترسل جزافًا المقصود منها خلق صراع وهمي حتى تلتفت قوى الثورة بعيدًا عن المعركة الأساسية.
ولا تتورع العناصر التي تدير المعركة عن اقتراف الأكاذيب لا لأن مثل تلك الافتراءات يمكن أن تنطلي على الناس الذين يعرفون الشيوعيين جيدًا ولكن لأن تلك الكوادر قد تربت في العتمة الفكرية ورضعت صنع الدسائس من ثدي الحواضن الإقليمية التي تهاوى بعضها. ولذلك تنشط في جذب الصراع الذي خططت له ومع خصم آخر غير الذي يعرف غالبية أهل السودان ربما لحسابات تخص بعض القيادات التي تتشبح خارج حدود الوطن وتعتقد أن الصراع مع الفرس مقدم على الصراع مع جنرالات السودان وأن خليفة حفتر وداعش هم حماة أرض العروبة والمذهب السني مما يؤسس لتحالف غير مرئي مع السعودية والخليج. مما يؤكد أن حرف الصراع عن وجهته الهدف منه تغطية الانبطاح أمام الأجندة الدولية والإقليمية.
في حين سيظل الحزب الشيوعي كتابًا مفتوحًا أمام شعب السودان. ويعرفه الناس جيدًا لسيرته التي مشى بها الزملاء والزميلات. وقد نشطت جهات كثيرة في تشويه سمعته من قبل وبقدرات أرفع من التي نراها الآن ولم تفلح لأنه ليس طامعًا ولا خائفًا. ولن يضطر لممارسة الأساليب الملتوية وينصرف عن السياسة ليجاري الصغائر التي يجيدها خريجي دورات العمل الخاص التي نالها منتسبي بعض الأحزاب. لأنه حزب سياسي بمعنى الكلمة ويسعى لإقناع الجماهير بنشر الوعي الطبقي حول حقيقة الصراع في السودان ومحاربة الوعي الزائف. وهو ليس عصابة حتى يقوم نشاطه على التدليس الابتزاز واختلاق الأكاذيب ونشرها بين الناس كما تفعل بعض الأحزاب الرخوة والهشة التكوين؛ والتي وجدت في تحالف قوى الحرية والتغيير ديباجة تخفي بها حقيقة انتهاء صلاحيتها السياسية؛ بينما ظل الحزب الشيوعي يصنع الأحداث ويتخذ المواقف الشجاعة ويترك للآخرين مهمة التعليق عليها.. وهو الآن يمضي إلى اصطفاف الأقوياء، وإن غدًا لناظره قريب.