السودانيون يقتربون من الاتفاق على إطار دستوري لفترة الانتقال
اتفق مشاركون في جلسة نقاش سياسي بالسودان، وسط حضور محلي ودولي، على إطار لمشروع دستور لإدارة الفترة الانتقالية في البلاد على أساس إقامة دولة مدنية تتبع نظام الحكم الفدرالي وتنأى بالمؤسسة العسكرية عن العمل السياسي والحكم، موازاة مع دمج القوات العسكرية في جيش نظامي واحد.
وتأتي التوصيات بناءا على مقترح لإعلان دستوري قدمته قوى الحرية والتغيير (المجلس المركزي)، فيما قالت مصادر مطلعة لموقع “سكاي نيوز عربية” إنه يستند في نصوصه إلى نقاط جوهرية وردت في ثلاث مواثيق أعدتها “لجان المقاومة” في عدد من مناطق البلاد قبل بضعة أشهر.
وتتزامن هذه التطورات مع تكهنات متزايدة باحتمال حل مجلس السيادة وتشكيل مجلس أعلى للدفاع والأمن واختيار رئيس وزراء لقيادة حكومة الفترة الانتقالية كحل للأزمة المستفحلة التي تعيشها البلاد منذ نحو 9 أشهر.
لكن مجموعة “الترويكا” المكونة من النرويج والمملكة المتحدة والولايات المتحدة قالت، في بيان، إنها لن تتعامل مع أي حكومة يتم تشكيلها في السودان دون موافقة القوى السياسية الفاعلة في الشارع.
وأوضح شهاب الطيب، الناطق الرسمي باسم التحالف السوداني، العضو في تجمع قوى الحرية والتغيير – المجلس المركزي-، أن الإعلان الدستوري المرتقب سيشكل إطارا للفترة الانتقالية.
وقال الطيب لموقع “سكاي نيوز عربية”، إن الإعلان سيطرح للتشاور مع لجان المقاومة والقوى السياسية لإحداث أكبر قدر من التوافق.
تفاصيل الترتيبات
ووفقا لتوصيات جلسة النقاش، ستشكل لجنة من نقابة المحامين السودانيين لصياغة الإطار الدستوري الانتقالي الذي تنص مبادئه الأولية على احترام وإدارة التنوع؛ وأن تقوم الحقوق والواجبات على أساس المواطنة المتساوية بلا تمييز.
كما نص أيضا على سلطة برلمانية ومراجعة القوانين بما يتماشى مع الدستور الانتقالي والاتفاقيات الدولية التي صادق عليها السودان والالتزام بالفصل بين السلطات وسيادة حكم القانون.
وحدد مشروع الإطار الدستوري مهام الفترة الانتقالية في مراجعة اتفاق جوبا للسلام الموقع في أكتوبر 2020 وصولا إلى سلام عادل يشمل جميع الحركات الغير موقعة.
كما نص ايضا على إصلاح الأجهزة العدلية وتحقيق العدالة الانتقالية، مع ضمان عدم الإفلات من العقاب، وتفكيك نظام الإخوان واسترداد الأموال العامة المنهوبة خلال فترة حكمهم التي استمرت ثلاثين عاما.
وفي الجانب الاقتصادي، نصت المبادئ الأولية على اتخاذ الإجراءات المناسبو لإيقاف التدهور الاقتصادي، وتحسين الحياة المعيشية ومحاربة الفساد وتعزيز الشفافية.
تحديد فترة الانتقال
واتفقت آراء المشاركين على فترة انتقالية لا تزيد عن عامين يتم خلالها تنفيذ البنود السابقة، إضافة إلى إقامة مؤتمر دستوري للخروج بدستور دائم للبلاد ووضع الترتيبات اللازمة لإقامة إنتخابات حرة ونزيهة بنهاية الفترة الانتقالية التي ستتكون مستويات الحكم فيها من مجلس تشريعي ومجلس سيادة ومجلس للوزراء، إضافة إلى عدد من المفوضيات المستقلة.
حددت مواجهات الدستور الانتقالي مهام المؤسسة العسكرية في الدفاع عن سيادة وحماية حدود البلاد وحماية الدستور الانتقالي وتنفيذ السياسات العسكرية والامية للدولة، وتنفيذ السياسات المتعلقة بالإصلاح الأمني والعسكري، وفق خطة متفق عليها من جميع الأطراف، كما نصت على تبعية جهازي الشرطة والأمن الي السلطة التنفيذية على أن يكون رئيس الوزراء هو القائد الأعلى لها.
وأكد علي قيلوب رئيس اللجنة التسيرية لنقابة المحامين السودانيين أن مناقشات جلسة النقاش اتسمت بمهنية عالية؛ مشيرا إلى أنها تناولت كافة المحاور التي يستوجب تضمينها في الدستور الانتقالي.
وقال قيلوب لموقع “سكاي نيوز عربية”، إن مسودة المشروع النهائية سيتم طرحها لنقاش موسع يشمل كافة القوى الساعية لإنجاز التحول المدني.
وفي السياق ذاته، رأى الصحفي عمرو شعبان، أن مشروع الدستور الانتقالي يشير إلى أن قوى الحرية والتغيير طالعت بشكل أو بآخر جملة المواثيق أو المسودات التي طرحتها لجان المقاومة التي تقود الحراك الحالي في الشارع، سواء في ميثاق تأسيس سلطة الشعب أو في الميثاق الثوري لسلطة الشعب.
وقال شعبان لموقع “سكاي نيوز عربية”، إنه من الواضح أن التوصيات تدور في فلك المشتركات، وهو أمر ايجابي يخلق نوع من التقارب النظري في الحد الأدنى.
كما يلفت شعبان أيضا إلى أن التوصيات اهتمت بتغطية الثغرات التي كانت موجودة في الوثيقة الدستورية الموقعة في أغسطس 2019؛ أي بعد 4 أشهر من سقوط نظام الإخوان في أبريل 2019.
ويشير شعبان إلى أنه على الرغم من أن مشروع الدستور الانتقالي أسس لقطيعة عملية مع فكرة الشراكة بين المدنيين والعسكريين، إلا أنها أوكلت للجيش مهمة تنفيذ إصلاحاته كما أسست لوضعية خاصة للمؤسسات الامنية والعسكرية، من خلال وضعهم في هيكل يمنحهم خصوصية، وهو أمر يظل مرفوضا من قبل قطاع كبير من الشارع السوداني؛ بحسب تعبيره.