ضياء الدين بلال يكتب: مَن يصدق أنَّ مولانا أحمد هارون “المعتقل” يقود الآن نفرة لتعمير وتجميل سجن كوبر بالزراعة وصيانة المرافق
سَمَحَت لي الظروف قبل أشهرٍ بزيارة موﻻنا أحمد هارون بسجن كوبر بترتيبٍ مع أسرته الكريمة.
تجمعني بالرجل علاقة ود واحترام مُتبادل منذ فترةٍ طويلةٍ.
وجدت بمعيتي في الزيارة، عدداً من لاعبي هلال الأبيض، كان هارون كعهدي به ذات الأريحيّة والحيويّة والمزاح اللطيف.
موﻻنا من السياسيين القلائل الذين لهم مقدرةٌ رفيعةٌ في البذل والعطاء المُنجز، وله سِعةٌ في قبول الآخرين مهما كانت درجة الاختلاف وتباعد المواقف، هذا بعض ما شهد به المرحوم دكتور منصور خالد في مذكراته.
لهارون تجارب استثنائية رفيعة في الولايات التي عمل بها، فهو قادرٌ دوماً على حل الأزمات، وتحقيق الإنجازات، وتفعيل المجتمعات بكل حماسٍ وذكاءٍ وصدقٍ، فالسِّياسة في منهجه أفعالٌ تُرى لا أقوالٌ تُسمع ولا سوفياتٌ تُباع في قوارير الأماني.
استطاع هارون عبر مشاريع النفرة في شمال كردفان أن يحلَّ أزمة المياه، التي ظلَّت تُعاني منها المدينة منذ عُقُودٍ طويلةٍ. 74 ألف كيلومتر مُكعَّب، بدأت الولاية في توفيرها من المصادر السطحيّة والجوفيّة، من 12 ألفاً قبل هارون.
شيّد أجمل إستادين في السودان بكادُقلي والأبيض، في عهده صعدت أنديتهما للممتاز، وتبارت في هزيمة الهلال والمريخ بالأربعة والخمسة أهداف. ما بعد هارون، تدهور حال المُستشفيات والإستادات، وخرجت أندية شمال وجنوب كردفان من الممتاز، وتراجعت جميع المشاريع التي أُنجزت في عهده. مع قيادة أحمد هارون، كان الجميع شركاء في العمل والإنجاز حتى صبية الورنيش وستات الشاي؛ الجميع في خدمة المجتمع.
وحينما سقطت الإنقاذ بفشلها وعجزها في السنوات الاخيرة وعدم مقدرتها على الإصلاح والتغيير وحل الأزمات وتوفير إجابات على أسئلة أجيال من الشباب، خُضع هارون كغيره من قادتها للبحث والتحقيق، فلم يُثبت عليه فسادٌ ماليٌْ ولا تملُّكٌ بغير استحقاق. فاجأ هارون، الجميع بكل شجاعة وثباتٍ، حينما طالب بتقديمه للمحاكمة في الخرطوم أو لاهاي. لأربع سنوات لم يُقدّم هارون لمُحاكمة عادلة أو غير عادلة، فهو حبيسٌ بغير أحكام..!
مَن يصدق أنَّ مولانا أحمد هارون يقود الآن نفرة لتعمير وتجميل سجن كوبر بالزراعة وصيانة المرافق. فطاقته للعطاء لا تنفد، ورغبته في الإنجاز لا تذبل، ورجاؤه في الله لن يُخيّب. العدل يقتضي إما أن يُقدّم هارون وغيره من المُحتجزين بغير أحكام للمحاكمات العادلة، أو أن يُطلق سراحهم في الحال، قالها مارتن لوثر كنج: (الظلم في مكان ما يمثل تهديداً للعدل في كل مكان).