الشيخ الطيب الشيخ برير يقدم رؤية المسيد في الظرف الراهن

 

قدّم الشيخ الطيب الشيخ برير، مرشد الطريقة السمانية سجادة خور المطرق، رؤية علمية متكاملة حول دور المسيد في الظرف السياسي والاجتماعي والأمني الراهن بالبلاد، أسماها (المسيد.. الفكر والمسؤولية الوطنية)
متناولاً رؤية أهل المشرب الصوفي في الإصلاح الاجتماعي الشامل. وكان الشيخ الطيب الشيخ برير قد اطلق (المبادرة المجتمعية التنموية) منذ حدوث التغيير السياسي في أعقاب ثورة ديسمبر 2019م، والتي تقوم على توصيل رسالة المسيد إلى المجتمع عبر العلماء والاكاديميين، حيث التف حول المبادرة مئات من أساتذة الجامعات والناشطين في الإصلاح الاجتماعي من أبناء الطرق الصوفية وطافت المبادرة ولايات السودان ومعظم المدن الكبيرة، برئاسة الأمين العام عالم التاريخ والاجتماع المؤرخ بروفيسور معتصم أحمد الحاج مدير جامعة أمدرمان الأهلية ومدير مركز الدراسات السودانية، وتضم وفود المبادرة وامانتها العامة عدداً من عمداء واساتذة كليات الاجتماع في عدد من الجامعات، كما تضم قانونيين وإعلاميين.
واختتم الشيخ الطيب الشيخ برير، راعي المبادرة، مرشد الطريقة السمانية بخور المطرق، رؤيته (المسيد.. الفكر والمسؤولية الوطنية) ، بنداء للمشايخ وللقيادة، يدعوا إلى النظر بعمق لحل الظاهر والمخفي من المشكل السوداني، مؤكداً عدم انجراف أهل التربية إلى مزالق الاختلاف:
(إن ما يدور وما يحدث هو فتنة أرادها أعداء السودان والإسلام والإنسانية، أرادوا أن يفرقوا بيننا ونحن لن نفترق لأننا إرتوينا بكأس الحب والمحبة، لا نختلف لأننا نعرف فضل السابقين علينا، ولا نختلف لأننا نعرف قدرهم، مهما عملوا، فهم قادة، ورثوا الهدى والإصلاح، بل ننادي كل الشباب لعدم الخوض في أعراض المسلمين وشرفهم وكرامتهم، ننادي كل مجتمعاتنا الي المحبة والسلام ،
إلى المحبه وأهلها، والفضيلة ورجالها، بعيداً سؤ الظن وعن الحسد والمكابرة، فهم أولى الناس بالمجتمعات، وأولى لمصلحة البلد، يجب أن نعمّق هذا الفهم في شبابنا ورجالنا ونبني به مجتمعاتنا، لهذا ندعوا في مبادرتنا الى التآخي وقبول الآخر، أن نعرف قيمة المجتمع وكيفية الإضافة إليه، وأن نعرف حقوقه الوطنية والإنسانية. لهذا نرسل رسالتنا الوطنية، ونرسل صوتنا إلى قادتنا بضرورة معرفة القضية الجوهرية ومعرفة الأزمة الماثلة والإختلاف الظاهر والمبطن وكيفية تجنبه.
هذا والله من وراء القصد)

فيما يلي ننشر رؤية الشيخ الطيب كاملة

المسيد … الفكر والمسؤولية الوطنية

الكاتب: الشيخ الطيب الشيخ برير الشيخ الصديق

تعاظم دورالمسيد التربوي والإجتماعي والإقتصادي والسياسي في وقت هذه التحولات الفكرية المجتمعية، الإقتصادية والسياسية.

مع العلم أن المسيد بعلمه المتقدم في خدمة الإنسانية والدين، لا يحتاج إلا إلى الحكمة التي ينشرها درراً ويزرعها في قلوب الرجال لكي يكتفوا بها ويعكفوا عليها، وبهذا يكون المسيد مرجعية للكل، ويحترمها الكل، بل تفرض آدابها علي الجميع كما كان من قبل، تفرضها بروح المحبة والسلام، تضيف وتملأ الفراغ النفسي والفكري بعلومها المحققة .

وقد إتسعت مهام المسيد لملأ الفراغ النفسي وعلاج علل النفوس التي انعكست علي المجتمعات في شكل خلاف وعدائية وكراهية وعدم قبول الآخر، مما أثر في السلوك، وذلك بدخول ثقافات وافدة مع المتغيرات السياسية لتكبر الفجوة بين القادة والمجتمع خصوصاً الشباب لعدم موضوعية الفكر والطرح،  وأنزوى أهل الدين عن مجتمع المدينة والسياسة وخلافاتها.

 

عدم الخبرة في كيفية التعامل مع المتغيرات الوافدة على هذا المجتمع وغزو العالم للمجتمعات الإسلامية بالماديات المغرية والملهية، والتي تفسد روحانيات الحياة الأسرية والإجتماعية في المسيد وخارجه. أدي لنمو الخلافات والتعصب لها.

ففي  الحياة العصرية يتصدر أهل المادة بمادياتهم، ويبقى أهل المسيد في عزلة عن العالم الذي يعد العدة لهم ولحربهم نفسياً فكرياً وعزلهم إجتماعياً، فهم يهتمون بالروح ومسائلها وبمحبتهم التي تجعلهم بعيدين كل البعد عن المادية، يعيشون بحلاوة معاني اكتسبوها وقناعات وصلوا إليها بأن الحاكمية له، والملك بيده، والأمر لأولى الألباب الذين غابوا في حبه وزهدوا فانية السراب.

بهذا التباين وهذا الإختلاف نجد أن المسيد يتقلب في أحوال الإرادة، يبحث عن اليابسة التي تتطؤها قدماه ليعمرها بذكر الله، ويهتم بالمرجعية والقيادة الروحية التي ينشر فكرها في المجتمع. مع أن المجتمع ظل ينظر للمسيد كونه عاجز عن الإضافة أحياناً والمتسرع أحياناً والمتوهم أحياناً، لأن المجتمع تاه وتاه رجاله وإبتعد عن المثال (القدوة) بل المجتمع يريد مثالاً بمواصفات مادية ظاهرية، أساسها المادة، أي أنهم يريدوا الصالح المصلح والخبير أوالعارف بفهمهم! وهذا خطأ ظلت المجتمعات الحديثة تقع فيه، ففي رؤيتها أن رجال الدين للدين ورجال السياسة للسياسة، ولكن لا يستقيم هذا، فالحكمة أينما وجدت علينا مباركتها.

ساء فهم العوام للدين وأرادوا أن يكون الدين نصوص جامدة، فالدين منهج حياة كامل، هو إرادات ومعاني يلهمها الله لمن تقرب إليه وانشغل به،  ليجعل له نور يمشي به في الناس، وتكون علاقة العباد مع الله عبودية محققة ثمرتها الإضافة لإقامة الخلافة وتكون ثمرتها العلم والعمل، وهي تختلف من شخص الى آخر ومن مشرب إلى أخر، ومن ذوق إلى آخر، ومن ثقافة إلى أخرى، ومن بيئة إلى بيئة.

فالدين خلاصته وغاية ومنتهاه هي معرفة الله، والرضا به وموافقة أقداره بما يريد وتسليم الأمر له من قبل ومن بعد، بعيداً عن الحسد على النعم والعطايا الربانية.

رسالة المسيد الأساسية هي الوقوف مع الفقراء والمساكين والإهتمام بالأطفال ونشأتهم بما يناسب الفكر الإسلامي والقيم المجتمعية التي ترفع قيمته ورموزه وأعيانه مشاركين بهذا الفكر إبتداءً من الصلوات الخمس للجمعة والجماعة ثم الإنتقال إلى التعليم بعد التشبع بالمحبة ومعرفة علوم المعاملة والتعامل مع الآخرين، ثم يجيء التعليم الآخر وهو الأكاديمي والمهني الذي يحدد نوع العطاء ويحقق الطموح للأجيال بما يناسب المواكبة وحوجتهم وإرضاء ذاتهم حسب وضعهم في المجتمع أو الأسرة،

ثم ينتقل الهمْ ورؤيا الأجيال إلى كيفية التعامل مع الآخرين أو كيفية التعامل مع المجتمعات من غير بيئتهم ومن غير دينهم، وهذا أصل المشكلة لأنه يتعامل مع مجتمع آخر بعيداً عن فكره وبعيداً عن مثاليته وبعيداً عن طموحه، ولأن أهل الإسلام ينظروا إلى حقيقة الإسلام ومجتمعهم فقط لم ينظروا إلى فكرهم، ولا إلى المجتمعات الأخرى، فيجب معرفة شكل حياة تلك المجتمعات حتى لا ننجر ورائهم و حتى نكّون خلفية عن ذات السهم القاتل القادم إلينا، لأنه سهم مشبع بكل السموم الأخلاقية والعقدية،  يخترقنا في كل حياتنا، في اسرنا، في قوتنا، في ديننا، وفي مجتمعنا وفي عقيدتنا.

ما يجهله الآخر شكلاً ومعنى هو أن العقيدة دستور له حصانة ذاتية لا تقبل التفاوض، ولا تقبل المصالح، ولاتنهزم لغير حاكميتها ولا سلطانها، بل هي روح تشرق بنور المعرفة وتتحدى كل الصعاب بروح الإرادة والعزيمة للهروب من الملذات والمغريات إلى عالم القدرة والمثال.

هذا هو الفهم الذي يجعلنا أكثر ثباتاً وأكثر تثبيتاً لبعضنا وأكثر فهماً لقضايانا الأسرية والاجتماعية والاقتصادية، وليس لنا خيارات غير ذلك لأننا إسلمنا وجهنا إلى الله، وبايعنا من نصر الله وتبعنا هديهم الذي ورثوه من التابعين والصحابة والنبي الأمي صلوات ربي وسلامه عليه الذي أرسله الله رحمة للعالمين.

هنا تعلى الهمم في ترك الخلافات والفتن والإنهزام والهروب من دنيا الفتن والهروب من الموالاه واعداء الروح والنفوس إلى حضرة القدوس، وهذا الفهم ذوقي ومرجعيته الفهم الواسع للإسلام وإشاراته وإيمانياته التي تحقق بها أهل العلم والإيمان من أولي السبق من سلفنا الصالح.

فالرؤية هي التبصير والتجديد وتحديث معاني الإسلام ومشاربه في الأجيال وإحترام أبائنا المشايخ ومعرفة قيمتهم وإضافتهم دون أن نحتقر أو نقلل من شأنهم فهم أضافوا إلى هذا المجتمع ولا ننكر وجودهم ولكن علينا أن نعد العُدة وإياهم إلى بناء جيل مختلف وننبه المجتمع إلى قضاياهم المحلية الوطنية بعيداً عن الخلاف السياسي وبعيداً عن الخلاف السلطاني والفكري وليس ذلك على الله بعزيز.

أن المشايخ هداة وقادة لهم باع في التربية والتزكية بل لهم باع في تثبيت الحكم بالتي هي أحسن، فيجب عدم الإفتتان بسلطان الحكم وسلطان المال فالحاكمية لله وحده يؤتيها من يشاء

.

إن ما يدور وما يحدث هو فتنة أرادها أعداء السودان والإسلام والإنسانية، أرادوا أن يفرقوا بيننا ونحن لن نفترق لأننا إرتوينا بكأس الحب والمحبة، لا نختلف لأننا نعرف فضل السابقين علينا، ولا نختلف لأننا نعرف قدرهم، مهما عملوا، فهم قادة، ورثوا الهدى والإصلاح، بل ننادي كل الشباب لعدم الخوض في أعراض المسلمين وشرفهم وكرامتهم ونواياهم، ننادي كل مجتمعاتنا الي المحبة والسلام ، إلى المحبه وأهلها، والفضيلة ورجالها، بعيداً عن سؤ الظن وعن الحسد والمكابرة، فهم أولى الناس بالمجتمعات، وأولى لمصلحة البلد، يجب أن نعمّق هذا الفهم في شبابنا ورجالنا ونبني به مجتمعاتنا.

لهذا ندعوا في مبادرتنا الى التآخي وقبول الآخر، نختلف بتأدب ونتفق بمحبة، أن نعرف قيمة المجتمع وكيفية الإضافة إليه، وأن نعرف حقوقه الوطنية والإنسانية.

لهذا نرسل رسالتنا الوطنية، ونرسل صوتنا إلى قادتنا بضرورة معرفة القضية الجوهرية ومعرفة الأزمة الماثلة والإختلاف الظاهر والمبطن وكيفية تجنبه.

هذا والله من وراء القصد،،،

١٤ أغسطس ٢٠٢٢م

          
قد يعجبك ايضا
تعليقات
Loading...