د. عبد السلام محمد خير يكتب: صحفي يدلي بتصريح غير قابل للنفي..(الرقمنة الرقمنة)!
فى(سوشيال ميديا) صور كئيبة تستعجل النتائج، خيب الله ظن من لا يريدون خيرا.. دعونا نبقى مع الصحافة،فهي تتحرى اليقين مازالت،برغم أن أحوالها تثير القلق!..درجت الصحف على وضع القارىء فى الصورة وتعريف المجتمع والدولة بظروفها من باب التجاوب مع رسالتها،مشكورة فهي مازالت تصدر!..تذكرت هذا فى سياق تحاور يتجدد حول مشاكل التمويل وحكاية(خليك بالبيت)وظروف المعيشة والتضخم وما اعترى المرتب..وكنتيجة إختفت مظاهر(الحضور) المفعم بمقر الصحف..هناك فعلا ما يدعو للقلق على مصير(صاحبة الجلالة)..يكفى قلقا أن فريق(المكتب الفنى)ذاك الخلوق أخذ يتشكل من فرد واحد،لا غير!- تماما تماما كتوصيف الرقمنة!. (One Man Station)
الرقمنة تطبيقات إلكترونية هدفها(إنتاج عالي النقاء)يسبقه تدريب عال ومرتب محفز، فهل لامست الواقع؟!..السؤال يطرح نفسه فى كل المهن..هنالك ضحايا لتكنولوجيا العصر وتطبيقات الرقمنة،هذا ما يشهده الواقع..فمن يتفقد الحال ويعين على المواكبة؟..الدنيا تتغير بشراسة ومشهد الحياة العامة يدل على ذلك،ويستدعي السؤال: إلى أين؟..حال الصحافة الورقية يقول إن(سوشيال ميديا)وصلت واستمالت الجمهور بصحافة الكترونية طليقة،بلا تكلفة،بلا حاجة لمصادر ولامدقق لغوي ولا لرئيس تحرير!..النتيجة هي أن الصحافة الورقية تغادر..العالم يجاهر بذلك..كبار الإصدارات تهيىء نفسها لتصفية ذاتية.
يأتيك بالأنباء من لم تزود،جوالك.. وحده يكفيك- قروبات،تصوير،تحويلات،فديوهات،فديو كونفرنس،فضلا عن تواصل بلا حدود..تواصلت مع مهمومين بعواقب الرقمنة،منهم صحفي يبدو أنه كان يتحسب للمتغيرات..صادفته فى وضع صحفي مريح،لكنه فاجأني بأنه لا يميل للبقاء طويلا فى أية صحيفة،فلا ضمانات..(إعقلها وتوكل على الله)- أهل نفسه ليعمل فى غير مجال الصحافة..تنقل بين عدة صحف ومؤسسات،العلاقات العامة،الإعلانات،التاليف،الدراسات العليا،الإغتراب لفترة،وهكذا..هذه العقلية شكلت هاجسا لعدد متزايد من الصحفيين..إن خيار المهارات الرقمية والدراسات العليا هو الغالب.
في روايته هذه ملامح لمتغيرات مدفوعة الثمن..هناك أسرة وبناء بالمدارس والجامعات ومن تخرجوا وبقوا فى البيت بانتظار فرصة عمل تجبر الخاطر،تبر الوالدين وتسعف حال أسرة عائلها فقد مؤسسته فى زحام تغيير يتلاحق وراءه تكنولوجيا تكتفى بالقلة وتديرها عقليات تحتاج لمواكبة العصر..التظلمات ظلت تتزايد ..لخصها صحفي فى مقال عنوانه(يصلون غيرهم وينسون انفسهم)منوها لدورهم فى تعزيز التواصل بين الناس،تاركين حقوقهم جانبا فى واقع تناوشه رقمنة غامضة تستدعي المواكبة.
إنه تصريح لا يحتمل الجدال، لصحفي واثق من رؤيته،أرادها صيحة للأجيال(الرقمنة الرقمنة)! ..الصحفى مصدر الخبرهذه المرة!..يذكرنا بصحفيين لعبوا أدوارا متقدمة فى الحركة الوطنية والعمل العام،والمؤسسات الدستورية، وشكلوا مصدرا موثوقا لأخبار تهم الناس..الصحافة متصلة بغيرها من المهن مما يستدعي البحث فى تأثيرها على المجتمع والدولة لإنصافها وتنمية قدرات عناصرها،حفاظا على مجدها فى مواجهة ما اعتراها ومنه هجمة(الصحافة الإلكترونية)..التعاطف مع وضع الصحافة اليوم وغدا يتحتم صونا لتصورات مستقبلية..إن نهضة صحفية ظلت مرجوة، تبدأ بمؤسسات صحفية كبرى، كما تطلعت ورشة للتوثيق لتاريخ الصحافة السودانية،توصياتها تنتظر الضوء مازالت.
إنها سيرة مشوقة، الصحفيون قريبون من الناس وهمومهم وتطلعاتهم..فمن يعرف ما يعترى الصحف اليوم،وهي تكابد لتصدر؟. غير خاف أن هناك مهددات مهنية ومعاشية يتعرض لها العاملون بسبب الهيكلة وتطبيقات الرقمنة وتراجع التمويل..الأمر يتطلب تدابير عالية تنقذ بيئة العمل الصحفي مما اعتراها..تدابير تبدا بالمناهج- فأي خريجين تضخهم الكليات فى عصر الرقمنة؟!.(تعليم يعلمنا كيف نفكر)-هذا هو التحدي الذى يواجه المناهج الآن فمهارات العصر والدرجات العلمية تتقدم الأولويات..هناك ما يدعو للتفاؤل،ومنه ظهورباحثين فى مجال الرقمنة..لقد أجيزت توا دكتوراة عنوانها(أثر تكنولوجيا الإتصال على القوالب الإخبارية فى الصحافة السودانية)عبر تقنية الإتصال من كندا بإشراف أكاديمي من الخرطوم.
الرقمنة؟!..ذلك التغيير الكوني الذى لا ينتظر أحدا..العالم اليوم مشغول بلغة جديدة- الجودة،الحكومة الإلكترونية،أيدولوجية الشبكات،المدن الذكية،التعليم الإلكتروني،(قوقل)،الطب، الهندسة،(الجينات)..وما خفي أخطر..عالم بهذه اللغة مواكبته تحتاج لإشاعة(ثقافة الرقمنة)عاجلا – ماذا تكون؟، وإلى أين؟، وما مصير(هويتنا)؟!.