الطاهر ساتي يكتب: الملف القذر..!!
:: قبل الثورة، فتح رجل الأعمال عصام الخواض بلاغاً في أحد رجال الأعمال، وأصدرت النيابة أمراً بالقبض على المتهم بغرض التحري، ولكن تباطأ القسم الشرقي في تنفيذ أمر القبض.. ولم يجد الشاكي الخواض حلاً لتخطي أهم مراحل تحقيق العدالة غير الذهاب لمولانا محمد بشارة دوسة، وكان وزيراً للعدل، ثم خاطبه قائلاً بالنص: (يا مولانا لو المتهم دا اشترى القسم الشرقي، أنا ما عندي مانع أشتري القسم الشمالي)، وكان هذا المدخل صادماً.. استمع دوسة لشكواه، ثم خاطب رئاسة الشرطة بالقبض على المتهم مع إظهار هيبة الدولة.. وتم تنفيذ الأمر..!!
:: وبعد الثورة، نقرأ ما يلي: (كشف أحد وكلاء النيابة عن طلب عضو بلجنة التحقيق في قضية شركة تاركو للطيران مبلغ (مليون دولار) لقتل ملف القضية إلى الأبد، ودار سجال بين وكلاء النيابة في أحد منصات التواصل الاجتماعي، وحذر بعضهم من أن هذا الخبر إذا تم تداوله سينسف ما تبقى من سمعة العدالة في السودان، وطلب مسؤول من أعضاء المنصة عدم الخوض والحديث حول قرار النائب في البلاغ 246-2018، لأن الأمر تعدى الأشخاص وطال النيابة كمؤسسة)، هكذا كان نص الخبر – الأحد الفائت – بالغراء (الجريدة)..!!
:: ما الذي حدث بعد هذا الخبر الكارثي، بحيث يطمئن الناس على سلامة أجهزة العدالة، وخاصة أن الخبر كان صادماً للرأي العام؟.. للأسف، لم يحدث أي شيء يطمئن الرأي العام ولو كان بياناً من سطرين يعد بالتحقيق في الأمر.. لم يحدث شيء، لقد صمتوا.. فالصحيفة الشجاعة أخرجت الاتهام الخطير من (قروب واتساب) ووضعته أمام الرأي العام، ولكن يبدو أن النائب العام ومساعديه لا يُبالون بالرأي العام، ولذلك (طنشوه)، وآثروا الصمت، وكأن المتهم بالرشوة مجرد سمسار في (كرين عربات)، وليس مسؤولاً وظيفته تحقيق العدالة..!!
:: ويبدو أن ما وراء صمت النائب العام شيء مريب، فعلى سبيل المثال نقرأ الخبر التالي: (دوّنت نيابة الجرائم المعلوماتية بلاغاً في مواجهة وكيل نيابة معروف، ورفعت حصانته في إجراءات وصفت بالأسرع من نوعها، وأنّ زميله قيّد البلاغ عقب”بوستات” كتبها المذكور، تحدث فيها عن رشوة دولارية ضخمة وتذاكر طيران للإمارات، لاستلام المبلغ خارج البلاد، وذلك مقابل شطب دعوى إجراءات مقيّدة ضدّ إحدى الشركات، وذلك حسب ما نقل وكيل النيابة المتهم)، هكذا جاء الخبر – الاثنين الفائت – بالغراء (الإنتباهة)..!!
:: وعليه، فالشيء المريب وراء صمت النائب العام هو رفع الحصانة سريعاً عن أحدهما (وكيل النيابة) وغض الطرف عن الآخر (عضو اللجنة)، وما هكذا يجب يكون مسار العدالة.. فالعدالة تقتضي تشكيل لجنة تحقيق من خارج دائرة النائب العام ونياباته، لتحقق في قضية الاتهام بالرشوة، ثم في خط سير القضية الأساسية، وهي التي طرفها (شركة تاركو وفضل محمد خير).. هذا الملف من الملفات القذرة، ويجب أن يتدخل المجلس السيادي بتشكيل لجنة تحقيق من السلطة القضائية مع تمثيل لوزارة العدل، بعيداً عن النائب العام ولجانه التي لم تعد فوق مستوى الشبهات..!!