محجوب فضل بدرى يكتب: الشبكة واقعة، لكن السفير واقف !!
-سفارة السودان فى جمهورية مصر العربية، تقع فى حى سكنى بمنطقة الدقى، وفى شارع فرعى، وتعتبر من أكبر البعثات الخارجية، إن لم تكن أكبرها على الاطلاق، ذلك أن فى مصر أضخم جالية، يحتاج التعاطى مع مشاكلها، وانجاز معاملاتها جيش من رجال، من نوع خاص، وقد كان السفير محمد الياس سفير السودان لدى جمهورية مصر من ذلك النوع النادر المطلوب.
يكتظ طلاب الخدمة داخل وخارج السفارة لانجاز معاملاتهم، ويبذل طاقم السفارة جهدهم فى تقديم الخدمات، ولكن كل الأمور المالية مربوطة بالايصال الإلكتروني مع وزارة المالية فى الخرطوم، وكثيرا ما تصطدم الإجراءات بأن الشبكة واقعة، فتزداد المعاناة ببن الناس داخل وخارج السفارة، ولما كانت هذه الحوادث متكررة، والإجابة على السؤال – متى تعود الشبكة- مستحيلة تماما، فإن الإحباط يسود الجميع، وكثير من المتعاملين يأتون من محافظات بعيدة عن القاهرة، وبعضهم مرضى لا يقوون على الوقوف والانتظار غير المحدد الأجل!!
-لكن السفير محمد الياس، لا يعرف (اليأس) فقد اتخذ قرارا، صائبا، وجريئا، وحاسما، عندما رأى منظر أهله ورعاياه يعانون الأمرين، نزل محمد الياس للصالة وأصدر قرارا ميدانيا، بإكمال كل الإجراءات لجميع الحاضرين من السودانيين بالمجان، فلئن كانت الشبكة واقعة فان السفير واقف حياه الله، وجزاه كل خير على هذه اللفتة الكريمة والقرار الشجاع، والسفير شجاع، والشئ لايستغرب فى معدنه.
أنا لا أعرف السفير محمد الياس من قبل، وليست لدى معاملة فى السفارة، وقد عرفته من خلال موقف نبيل وكريم اتخذه مع استاذه بالمدرسة الأولية الأستاذ حميدة شيخ إدريس الذى درسه فى مرحلة الأساس، وحضر أستاذ حميدة للقاهرة مستشفيا، فعلم السفير بوجود استاذه بالقاهرة بالصدفة المحضة، وأنا اتجنب استخدام (مفردة صدفة) لأن الأمور كلها تجرى بقدر، فلا وجود للمصادفات، وبادر السفير بالاتصال باستاذه الذى لم يكن يتذكره، واكرم وفادة أستاذه وأسكنه وتولى أمر علاجه فى موقف يشبه السفير محمد الياس، واعجبت به من على البعد، فهو من معدن نادر، فى هذا الزمن الردئ، فله التحية والتجلة والاحترام.