محمد حامد جمعة: ما بتدي حريف

1
حدث هذا في زمن سابق . كنت في ميعة صبا التفاكير وإفلاطوني الرؤى . خرجت بوقت مبكر وقصدت الفضائية ذات الصيت . أهلها طيبون ونجباء او هكذا كنت أظن . فقصدت مكتب مدير البرامج الذي أعرفه فإستقبلتني السكرتيرة بضجر . ربما لاني قطعت نميمة كان تشعل نيرانها _بالهاتف الثابت الذي يشبه لونه الفول قبل طبخه _ كانت تتحدث بصوت يعلو وينخفض حسب مشروعية التفصيلة . راقتني طريقة تعبيرها عن مطبات الحديث مع الطرف الأخر . خاصة حينما تنصدم فيما يرد لإذنها . إذ تتصنع إغماءة تميل بها على الكرسي وتصيح ..سجمي ! تعقبها ضحكة مما يكتب في تفاسير الرواة بضحكة غنجة . كنت مثل ديك يرقب قن دجاجات . تدلى فكي لأسفل . علتني لحظات جعلت تطفلي في مقام الخطيئة فهششت تيوس إبليس . تحمحمت وصفقت بيدي . إلتفت نحوي الفتاة بعين نجلاء ذات رمش ساطوري أشارت بما معناه (في شنو) ! قلت همسا جاي للأستاذ . ولوحت بوريقات من حزمة الفلسكاب . ويبدو ان خطها كان مترعا بالشمار فقالت كأنها تهش ذبابة ما معناه إتفضل
2
حينما دخلت مكتب المدير شعرت به يجفل من مطلعي . اهتزت شفته بما أعتقدت انه (سباب) مع مزيج حوقلة . تكشر وجهه لكن سرعان ما أسال قناع متملق ومجامل نهض من مقعد بجوار بدر فاره الحضور شاحم . تبري اللون . مليحة دون تعريف أظنها مثقفة وعالمة . دلني على ذاك نظارة سوداء ورزمة مجلدات حمراء وحاسوب انيق وقت ان كانت الحواسيب من النوادر . جلست قبالتها مكان مضيفي . دسست (الشدة) التي تحيط قدمي لكف أذى فيروسات من غبشة وبعض بلال ماء لا اعرف من أين جلبته . قلت وانا اكرع كوب العصير المجلوب للضيفة وانا أمسح قدومي . يا استاذ وصلا لحديثنا السابق المشروع والمقترح جاهز . فردت الورق كخارطة مهندس بناء اقفز على الفقرات (الفكرة كانت بت كلب) وأعدد أسماء الضيوف وأقيس الأثر ! لم يحبطني تشاغله عني ولا رموق الضيفة لكينونتي اللزجة !
3
حينما أنهيت عرضي ملت للوراء قلت (بالله رايك شنو مش حاجة محترمة ) لاحظت ان الضيفة من سبقت بالتداخل . سالتني انت منو يا أستاذ قلت لها محمد حامد صحفي . قالت وهي تضع نظارتها على جانب الطاولة ما سمعت بيك ! بلعت ريقي ولم اعقب لكنها مضت فكرتك الجوهرية شنو بعدين الجمهور ما عاوز كلام عاوز برامج تثقيف عملي . تدخل الأستاذ مجهزا علي طموحاتي . فعلا يا نوار . هسة الاستاذة حتعمل برنامج عن الاتكيت والمراسم . نحن شعب عشوائي . والاستاذة جايبة رعايات بنوك وشركات إتصال وشركات خاصة والبرنامج حيرعاه تلاتة وزراء . لم يكمل المدير حديثه إذ سمعت تأويهة من مرافقتنا اعقبتها بتحديد موقع التصوير في مطعم على النيل مع نقاش قمعي للرجل حينما اتت سيرة مذيعة مقترحة ضمن طاقم العمل قالت السيدة ..نو .نو يا استاذ دي كريهة وما بطيقها ولو هي الحتشتغل ..دبل سوري ! 4 نسيت قضيتي وغضبت لان المذيعة المقترحة . متميزة وذات حضور . قلت ما ممكن والله بتبالغي ! فجاة تحول القمر المليح الى أسد . أظنها نهضت مثل وحيد قرن تتهمني باني حشري ومتطفل . فيما انهمك المدير في تهدئتها كاد ان يبكي وهدر في وجهي يجر الورق يوقع على صفحة فيه . أمش سلمو أستاذ (فلان) حنتصل عليك . وضغط زر بجانب مكتبه لتأتي السكرتيرة مفزوعة تتخبط في اعتذار مكذوب لقاني مافي وخش ! وساقتني مثل مخفور تطلبه زنزانة . وخرجت لم يتصل بي حتى الساعة هو او صاحبه فيما صارت الفارهة مذيعة . كلما تطل على الشاشة . ازرع قبضة تسالي في فكي وأقول ما بتدي حريف وشين

          
قد يعجبك ايضا
تعليقات
Loading...