د عبد السلام محمد خير يكتب : ورشة الإذاعة والتلفزيون تناصح الدولة كيلا يهزم التمويل إعلامها
(ليتكم كنتم معنا)!..إبتكرها مذيع شهير غلبته الحيلة وهو يحاول تصوير المشهد بلا كاميرا!..كان ذلك قبل ظهور الأقمار الإصطناعية وإكتشاف نظرية(الرؤية عبرالأذن)لبروف صلاح الدين الفاضل،متعه الله بتمام الصحة والعافية..الآن أي شخص يصور أي شىء،ندري أو لا ندري،فهل ندري؟!..التحسب لمغبة وجود كاميرات فى الجيوب يظل مسيطرا..هذا مكان تتجه إليه الأنظار وبين الحضور نجوم،فكيف لا تأتي الكاميرات بالعجائب؟!..الآن حكاية(ليتكم كنتم معنا)أصبحت(أنتم معنا)وإن كنتم فى أقاصي الكون!..(العجيب) أنه قبل نشرة التلفزيون تداولت سوشيال ميديا تقريرا كتبه(مواطن صحفي)غطى(الحدث) بالكامل وهو خارج البلاد!.
داهمتني حساسية التصوير والمدير العام،الأستاذ إبراهيم البزعي، يكشف عن جديد الهيئة ويعلنها صراحة أنه يتحسب لأن تنتشر صور الموبايل تنبىء عن ما تم واليد قصيرة،فينصرف عنا الممول!..التمويل هاجس الورشة..بروفسور علي شمو شاهد على تاريخ العلاقة المالية بين الاعلام والحكومة يعول على مساندة الدولة،حتى لا يظل التمويل معضلة الإعلام مع تعاقب حكومات تطالب بأن يكون خبرها أول النشرة،وإلا!..الوزير الدكتور جراهام عبدالقادر إفتتح الورشة:( السياسة الإعلامية التى أراها هي تساوي أصوات أهل السودان،نريدها هيئة غير مقيدة تحترم نفسها بالإنحياز لقيم الشعب،ملهمة له، قريبة منه،تنافس بالخبرة والمهنية..الغاية بناء وجدان جمعي لأهل السودان).
شكل حضور بروفسور شمو رمزية لوزراء ومديرين تعاقبوا على هذه الأجهزة التى قدمت للبلاد ما قدمت..أعلنها ثورة على من ظلوا يتجاهلون مكانة وزارة الإعلام كوزارة سيادية،منوها لمكانة الإذاعة والتلفزيون المتقدمة بين مكونات الدولة وجمهورها(الولوف)..هناك مظاهر لتغلغل إعلام آخر متحرر من تمويل الدولة، ورقابتها..مواطنة بالشمالية غطت الورشة بالكامل ورفعت(تقريرها)للأسافير ليصلني من الرياض:(قدم بروف على شمو،كعادته وبعذوبة ويسر،حديث الخبير عن الإعلام الذى يعرف عن مكوناته وخباياه الكثير شارحا الماضي الإعلامي ومستشرفا المستقبل الآتي وكيفية الإستفادة منها فى عالم يئن فى صراعات لإستراتيجيات دول ذات أطماع)-تصور!.ماذا بعد؟!.
القاعة مزدحمة، توحي بتواصل أجيال،فطوفت خواطري بين السابقين واللاحقين،والمكان هو المكان..المدير الأسبق للهيئة الاستاذ جمال الدين مصطفى والمخرج عبود سيف الدين مدير إذاعة(بلادي) بين الحضور..ولمحت عددا من الصحفيين الأوفياء لقضايا(الحيشان الثلاثة)حتى أصبحوا جزء منها..إستوقفني تعقيب الأمين العام للمجلس الأعلى للتخطيط الإستراتيجي الدكتور محمد السماني، فلقد عزز فكرة(الحلول الاستراتيجية للمعضلات).لعل الهيئة تؤسس(آلية للتخطيط الإستراتيجي)..وللأستاذ مجدي عبدالعزيز،صحفي،رجل دولة،مداخلة غيورة..نوه لضرورة التقاليد المهنية،وللأزياء كعنوان للهوية،عنها يقول خبراء الشاشة إنها(أهم من الأخبار)!.إني مع التدريب فى هذا المجال وأحيله لوثيقة(ميثاق العمل بتلفزيون السودان)-مع مراعاة المتغيرات..معقبون بأصوات مذيعين صادروا إعجابنا،منهم من أعادنا لعصر الأستاذ محمود أبوالعزايم مؤسس(صوت الأمة)رحمه الله، وعهد الأستاذ محمد سليمان مدير الاذاعة، حفظه الله..محدثنا وقتها مذيع شاب طموح متعدد القدرات واللغات والإسهامات،الآن مدير جامعة عملاقة،بروفسور سر الختم عثمان- له التحية..إنه(أسماء فى حياتنا) بلا منازع،رد الله غربة الدكتور عمر الجزلي،الحاضر رغم بعده.
وكم من حكاوي عن الرموز ومواقفهم الشجاعة فى مواجهة السلطة تجاه(سياسات تحرير الأخبار)مما أوحى بأفكار عظيمة لمساندة إستقلالية الهيئة وإمكانية إنطلاق السياسات الإعلامية من مسلمات المجتمع،حتى لا يحتار محرر النشرة..قيم المجتمع وسلوك الرواد المهنيين مرجعية بينما التغيير يتلاحق..والكل على قناعة بضرورة أن يظلوا مهنيين فى كل الظروف..الأوراق توحي بذلك والنقاش..ورقة بروفسور علي شمو أحاطت بالمشاكل وإبتدرت رؤى للحلول..ورقة عن السياسات تجلى فى عرضها تقنيا وعن خبرة بروفسور بدر الدين أحمد ابراهيم..ورقة الجلسة الأخيرة(واقع السياسات التحريرية للأخبار والبرامج الإخبارية)أعدها فريق الأخبار،قدمها د.مزمل سليمان حمد.
مختصون وخبراء تباروا لإثراء النقاش..الأستاذ محمد لطيف قال ما لم يقله شمو فى الراديو!..أفتى فى(خاصية الكتابة للمستمع)- منتهى العبقرية فى التحرير الإخباري، موضوع الورشة..الصحيفة تتيح لك فرصة إعادة قراءة الخبر،التلفزيون يساعدك بالصورة،الراديو لا!..لكنه يحفزك بالصوت الأخاذ لتستوعب من أول مرة..خطر لي أنه يبحث عن بديل(مضمون) لصحافة ورقية تناوشها الرقمنة كل صباح،لكنه سارع يوضح أن علاقته بالاذاعة قديمة!..تتداعى الخواطر والتساؤلات،ما مصير الإعلام(التقليدي)-مسموعا ومشاهدا ومقروءا بينما(الإعلام الحديث) يتربص؟..الورشة هدفها الأساسي(المواكبة)..نظمتها الهيئة بأشواق(التطلعات)وأخرجت للناس ما يصلح كتابا(تطوير السياسات دوريا،الفورية،الإسراع بإصدار قانون الهيئة،التمويل المواكب،تحسين أوضاع العاملين،تطوير آليات الأخبار،إعتماد سياسات تحريرية تقوم على الحرية وإحترام الرأي والرأي الآخر،تكوين مجلس الإدارة)وهكذا..(كتاب) مفعم بفضيلة(رد الجميل)مما أوحي لرئيس الجلسة دكتور عبدالعظيم عوض للتعهد بالطباعة..للإيحاءات بقية،رئيس الجلسة الثالثة،الأستاذ مصطفى تكروني، قدم المعقبة على الورقة بأنها(الدكتورة إكرام الصادق،وكفى)!..عرفنا أنه خبر،وأنها أحدث حملة الدكتوراة بالإذاعة،وأن للنشرة بقية منها أن آخرين زحفوا نحو الثانية،وفى رواية الثالثة!.
إنها ورشة رتبت لعمل منتظر بينما الشكوى من الإمكانات تتطاول..بالإمكان أن نأتي بجديد والأمور عصية،توحي بذلك نخبة من الكفاءات المجربة تناصح الدولة كيلا يهزم التمويل إعلامها..فريق الورشة فى حركة دائبة،وفيهم من يعمل فى(صمت)وهو(مذيع)-الحسن عبدالكريم،ومما ألمح ممثلهم فى كلمة الإفتتاح،الأستاذ يس ابراهيم، تبدو الخاتمة واعدة ببداية،عل هاجس التمويل ينجلي..إنتظمت الجلسات الأربعاء الماضي من التاسعة للثالثة،هكذا..وستعاد بإسكربت، ليشاهدها الجمهور – صاحب الحق الاول.