في ظل الغلاء الطاحن.. انخفاض أسعار الوقود.. هل سيسهم في استقرار معاش الناس..؟

لم يكن انخفاض أسعار الوقود أمراً جديداً على الساحة الاقتصادية لطالما سبق وأن انخفضت أسعاره دون أن تحدث أي آثار إيجابية على حياة الناس، وكانت الفترة الفائتة شهدت السلع زيادات كبيرة في أسعارها لدرجة أنه أصبح من المستحيل تفويل المركبات التي علت تكلفة تعبئتها قدرة الكثيرين، كل ذلك انعكس مباشرة على مضاعفة أسعار النقل والمواصلات ورسوم ترحيل البضائع وعلى الخدمات بصورة واضحة، وبناءً على تعديل الأسعار قبل يومين من التصاعد إلى الانخفاض ربما سينعكس ذلك على العديد من الأنشطة خاصة في مجال النقل والمواصلات والخدمات التي تليها.
في وقت أصدرت فيه إدارة النقل العام والبترول بوزارة البنى التحتية بولاية الخرطوم، قراراً بتخفيض أسعار المحروقات في محطات الوقود ولاية الخرطوم اعتباراً من أمس الأول، حيث خفض بيع لتر البنزين من 760 إلى 700 جنيه، وسعر بيع لتر الجازولين من 748 إلى 687 جنيهاً، ويشمل ذلك رسم الولاية بواقع 2 جنيه على اللتر.
فيما أفاد عامل بمحطة وقود لإحدى أكبر الشركات، جنوب الخرطوم، حبذ عدم ورود اسمه، بأن موقف الوقود البنزين والجازولين مطمئن، وقال إن الفترة الماضية أصحاب المركبات لا يستطيعون تفويل مركباتهم نسبة لغلاء أسعار الوقود، وقال: من المتوقع أن تشهد الفترة المقبلة بسبب هذا التراجع أن يتحصل الجميع على الكمية الكافية من الوقود، وزادت توقعاته أن تنخفض الأسعار مع تراجع أسعار العملات الأجنبية مؤخراً، وقال إن الفترة الماضية كانت ضاغطة وصعبة خاصة بالنسبة لأصحاب المركبات، وأوضح أنهم باتوا يحسبونها بالجالون مقارنة بالماضي.
بينما قال المحلل الاقتصادي الدكتور عبدالله الرمادي في حديثه لـ(اليوم التالي) إن هذا المفترض يحدث نظرياً من ناحية اقتصادية نسبة إلى أنها تكلفة لخدمة تقدم خاصة أن النقل داخل في كل شيء، وأوضح أنه من الناحية النظرية ينبغي أن يكون هناك انعكاس لهذا التخفيض رغم أنه جاء طفيفاً جداً، وصاحب حديثه إشارة إلى أن هناك معدلات تضخم ما زالت في حد جموح الجموح ويقال الآن في حدود الـ130% وإذا صح ذلك فهذا يعتبر تضخماً عالياً جداً، ولفت إلى أن أوروبا الآن تجأر بالشكوى لأن معدلات التضخم فيها ارتفعت من 2% إلى 9%، قائلاً: إن هذا لم يحدث من قبل، وفي ظل ما تعانيه البلاد من ارتفاع في التضخم بحسب المحلل الاقتصادي لا أتوقع أي انخفاضاً في الأسعار علماً بأن التضخم يعني تأكل القوة الشرائية للعملة، وهذا بالتأكيد سيقود إلى تصاعد مستمر في الأسعار، وأوضح: لذا فإن صعود الأسعار معناه تآكل القوة الشرائية للعملة، داعياً إلى توضيح نسبة التخفيض في أسعار الوقود مع نسبة معدلات التضخم وفقاً لعملية حسابات دقيقة لوضع حد للتوازن، ويرجح د. الرمادي أن تكون نسبة التضخم أكبر وبالتالي ستمتص وتبتلع هذا التخفيض في لسعار الوقود وقد تؤثر بمعنى أنها توقف أي زيادة جامحة في المستقبل القريب في أسعار النفط والمشتقات وبالتالي في تكلفة الترحيل والمواصلات وقد تحدث ذلك وتقلل من ارتفاع التكاليف ربما تمنعها ولا تخفضها بحسب تقديراته، وأردف: ما زالت معدلات التضخم مرتفعة بصفة تفوق جموح الجموح الذي حدد بأنه يصل ما بين 50 إلى 100% والآن تجاوز حدود ذلك.
ويرى المحلل الاقتصادي الدكتور وائل فهمي البدوي أن الانخفاض في أسعار الوقود داخلياً أحد أهم المؤثرات في المستوى العام للأسعار، وأشار إلى أن وزير المالية قد التزم بحرية عمل آلية العرض والطلب الداخلي وفق تقلبات أسعار السلع بالأسواق العالمية، وتابع: لا يعني بالضرورة أن تنخفض أسعار كل سلعة أو خدمة بالأسواق تناسبياً، وأرجع عبر حديثه لـ(اليوم التالي) ذلك لسببين واضحين هما أن التضخم السائد هو تضخم جامح، تغذي فيه الأسعار للسلع والخدمات بعضها البعض ذاتياً في ظل حرية آلية العرض والطلب بالأسواق، هذا وفضلاً عن توقعات الأسواق المحلية والعالمية في ظل استمرار الحرب الروسية الأوكرانية واستمرار تهديد روسيا بتشديد الخناق بالوقود على أوروبا من ناحية، ويشير إلى سعي الولايات المتحدة الأمريكية الى إيجاد مصادر غاز ووقود أرخص وأوفر لأروبا وأمريكا نفسها مع وضع مجموعة السبع لسقف أعلى لشراء الوقود الروسي، ويعتقد في ظل عدم معرفة كيف ومتى ستنتهي الحرب الدولية، فإن توقعات الانخفاض، دون توقعات الارتفاع الدولي، لا يمكن الجزم به الا بنهاية الحرب الروسية – الأوكرانية لارتباطها بدول حلف الناتو (العطشى) للوقود على حد تعبيره، وذكر: فعدم التناسب لانخفاض أسعار السلع والخدمات التي بالضرورة تشمل تعرفة النقل، بنفس نسبة انخفاض أسعار الوقود المعلنة هو استمرار المستوى العام للأسعار في الارتفاع، رغم الانخفاض المتوقع في سرعته أو حجمه، وأضاف: في ظل استمرار السياسات الاقتصادية التضخمية القائمة خاصة وأن سلع المستهلك والمنتج تهيمن عليها الواردات التي تتأثر بأسعار الصرف التي تتأثر بدورها بأزمة التضخم الجامح السائدة حالياً في البلاد.

          
قد يعجبك ايضا
تعليقات
Loading...