سوق سوداء لأدوية الأمراض المزمنة في السودان

يعاني السودان من اختفاء الأدوية المنقذة للحياة، إذ أصبحت رفوف كثير من الصيدليات فارغة بسبب توقف شبه كامل للإمداد، وصاحب ذلك ارتفاع حاد في أسعارها وأبرزها أدوية السكري والكلى والكيماوي.
وأرجع مسؤولون ومختصون الأزمة إلى عدم توفر العملة الصعبة، إلى جانب توسع السوق السوداء للأدوية في ظل غياب الرقابة الحكومية على الأسواق.
وتوقع تجمع الصيادلة السودانيين حسب الإحصائيات المتوفرة أن تنضم أدوية جديدة في القريب العاجل إلى قائمة الأدوية المنقطعة. وقال إن “الأدوية تعذّر الحصول عليها لارتفاع أسعارها، أو تم الحصول عليها من مصادر غير آمنة، وبالتالي سيكون لذلك تبعات صحية ونفسية ومالية كبيرة على مريض السرطان وأسرته، هذا الوضع تعاني منه شريحة مرضى السرطان بشكلٍ خاصٍ والمريض السوداني بشكل عام”.
يقول المواطن السر توفيق لـ”العربي الجديد” إنه بسبب انعدام أدوية السرطان لمدة أربعة أشهر لم نتحصل على جرعة واحدة، وبحثنا عنها ولم نجدها في كل الصيدليات. وأضاف: كانت الجرعة بـ3 آلاف جنيه (الدولار نحو 577 جنيها) ووصلت إلى 20 ألفا، والآن 700 ألف وغير متوفرة.
وأقر عدد من الصيادلة بانقطاع أدوية الأمراض المزمنة في الصيدليات والمستشفيات، خاصة أدوية السرطان والكبد الوبائي والسكري وبخاخات الأزمة إضافة لأدوية الصرع.
وقال الصيدلي إبراهيم بابكر لـ”العربي الجديد” إن خروج بعض الشركات من السوق ومغادرتها السودان جعلا البديل هو وجود سوق سوداء لبيع الأدوية التي تدخل البلاد عن طريق التهريب.
وأكد أن الأزمة الاقتصادية التي تمر بها البلاد أثرت بشكل كبير على توفير الأدوية وأدت إلى دخول أدوية بطرق غير قانونية إلى البلاد عن طريق “التهريب” وانتشارها في السوق السوداء.
وكشف صيدلي، رفض ذكر اسمه لـ”العربي الجديد”، أن بعض الأدوية المنقذة للحياة موجودة في صيدليات خاصة، ولكنها تباع بالدولار وبعض منه يسرب إلى السوق السوداء.
وبسبب تدهور قطاع الصحة في السودان وانعدام جرعات الكيماوي والأدوية ومراكز العلاج في البلاد يلجأ 70% من المرضى سنوياً إلى الدول المجاورة لتلقي العلاج، وأغلبهم يتجهون إلى مصر والأردن، حسب مراقبين.
وحملت الجمعية السودانية لحماية المستهلك، السلطة الحاكمة مسؤولية الفوضى بسوق الدواء، وكشفت عن سيطرة منظمات وهمية على الدواء والاتجار في الأدوية المخدرة والخطرة والممنوعة.
وقال رئيس الجمعية السودانية لحماية المستهلك ياسر ميرغني لـ”العربي الجديد” إن معظم الأدوية المعروضة في الأسواق لمنظمات وهمية لا تمتلك مركزا صحيا واحدا، وليس لها صيدلي أو طبيب وحتى عنوانها المكتوب في أوراق شحن الأدوية ليس صحيحاً.
وأكد ميرغني أن معظم الأدوية التي استوردتها المنظمات الوهمية محمية بخطابات من جهات تسمى سيادية وعبارة عن أدوية متشابهة.
قال الصيدلي إبراهيم بابكر لـ”العربي الجديد” إن خروج بعض الشركات من السوق ومغادرتها السودان جعلا البديل هو وجود سوق سوداء لبيع الأدوية التي تدخل البلاد عن طريق التهريب
وزارة الصحة السودانية بدورها أصدرت إحصاءات توضح ارتفاع عدد مرضى السرطان في البلاد، إذ أشارت الوزارة إلى وجود 20 ألف حالة إصابة نشطة، ثمانية في المائة منها لأطفال، مع شح كبير في الإمكانات والأدوية ومراكز العلاج.
وقال مدير مستشفى “الذرة” لعلاج الأورام السابق، مؤيد حسن، إن هناك تحديات كبيرة تواجه مرضى السرطان في السودان، أبرزها اختفاء العلاج نتيجة عدم التزام الوزارة دفع أموال هيئة الإمدادات الطبية لتوفير الأدوية، فضلا عن مديونية الوزارة العالية لدى الشركات.
ونتيجة لانعدام الدواء حدثت انتكاسات صحية لعدد كبير من المرضى بعضهم وصل مراحل حرجة بسبب انقطاع العلاج لفترة من الزمن.
الأمين العام لمنظمة ركائز لدعم أطفال السرطان بالسودان، صفاء الأصم، قالت في تصريح صحافي إن انقطاع أدوية السرطان كل 3 أشهر، يؤدي إلى موت عدد كبير من الأطفال إضافة إلى انتكاسة علاج الكثير منهم. ونبهت إلى أن أدوية السرطان 7 أنواع، تتراوح قيمة شراء الجرعة الواحدة من السوق السوداء وتجار الشنطة ما بين 90 إلى ما يزيد عن 600 ألف جنيه.
وتعتبر أدوية السرطان ضمن العلاج المجاني في البلاد إلا أن عدم توفرها دفع الأطباء إلى الاستعاضة بأنواع كبدائل في بعض الأحيان.
وقالت وزارة الصحة السودانية إن ميزانية الدولة المخصصة للصرف على الصحة بلغت 9% فقط من إجمالي الميزانية العامة للدولة، في حين نبه وزير الصحة هيثم محمد، خلال الملتقى الصحي الذي أقيم مؤخرا في الخرطوم، إلى أن المديونية الكلية للدواء تبلغ 800 مليون دولار، تم دفع 170 مليون دولار منها خلال النصف الأول من العام الحالي.

          
قد يعجبك ايضا
تعليقات
Loading...